للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحاجم والمحجوم؟ ، قَالَ: نعم من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأَشَارَ بقوله: (الله أعلم) إِلَى أَنه ترددا فِي ذَلِك وَلم يجْزم بِالرَّفْع. وَقَالَ الْكرْمَانِي: (وَالله أعلم) ، يسْتَعْمل فِي مقَام التَّرَدُّد، وَلَفظ: نعم، حَيْثُ قَالَ أَولا يدل على الْجَزْم. ثمَّ قَالَ: قلت: جزم حَيْثُ سَمعه مَرْفُوعا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَحَيْثُ كَانَ خبر الْوَاحِد غير مُفِيد لليقين أظهر التَّرَدُّد فِيهِ، أَو حصل لَهُ بعد الْجَزْم تردد، أَو لَا يلْزم أَن يكون اسْتِعْمَاله للتردد. وَالله أعلم. وَقَالَ بَعضهم: وَحمل الْكرْمَانِي مَا جزمه على وثوقه بِخَبَر من أخبر بِهِ، وتردده لكَونه خبر وَاحِد فَلَا يُفِيد الْيَقِين، وَهُوَ حمل فِي غَايَة الْبعد. انْتهى. قلت: استبعاده فِي غَايَة الْبعد، لِأَن من سمع خَبرا مَرْفُوعا إِلَى النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، من رُوَاة ثِقَات يجْزم بِصِحَّتِهِ، ثمَّ إِنَّه إِذا نظر إِلَى كَونه أَنه خبر وَاحِد وَأَنه لَا يُفِيد الْيَقِين يحصل لَهُ التَّرَدُّد بِلَا شكّ، وَقد أجَاب الْكرْمَانِي بِثَلَاثَة أجوبة، فجَاء هَذَا الْقَائِل واستبعد أحد الْأَجْوِبَة من غير بَيَان وَجه الْبعد، وَسكت عَن الآخرين.

٨٣٩١ - حدَّثنا مُعَلَّى بنُ أسَدٍ قَالَ حدَّثنا وُهَيْبٌ عنْ أيُّوبَ عنْ عِكْرِمَةَ عنِ ابنِ عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عنهُمَا أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم احْتَجَمَ وهْوَ مُحرِمٌ واحْتَجَمَ وهْوَ صَائِمٌ. .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَرِجَاله قد ذكرُوا، فمعلى، بِضَم الْمِيم وَتَشْديد اللَّام الْمَفْتُوحَة، مر فِي الْحيض، ووهيب تَصْغِير وهب مر غير مرّة، وَأَيوب السّخْتِيَانِيّ كَذَلِك.

والْحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ أَيْضا من رِوَايَة عبد الْوَارِث وَأخرجه النَّسَائِيّ أَيْضا من رِوَايَة حَمَّاد بن زيد مُتَّصِلا، ومرسلاً من غير ذكر ابْن عَبَّاس، وَرَوَاهُ مُرْسلا من رِوَايَة إِسْمَاعِيل ابْن علية وَمعمر عَن أَيُّوب عَن عِكْرِمَة، وَمن رِوَايَة جَعْفَر بن ربيعَة عَن عِكْرِمَة مُرْسلا، وروى التِّرْمِذِيّ من رِوَايَة مقسم (عَن ابْن عَبَّاس: أَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، احْتجم فِيمَا بَين مَكَّة وَالْمَدينَة وَهُوَ محرم صَائِم) . وَرَوَاهُ من حَدِيث مُحَمَّد بن عبد الله الْأنْصَارِيّ عَن حبيب بن الشَّهِيد عَن مَيْمُون بن مهْرَان (عَن ابْن عَبَّاس: أَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، احْتجم وَهُوَ صَائِم) . وَقَالَ: هدا حَدِيث حسن غَرِيب، وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ أَيْضا بِإِسْنَاد التِّرْمِذِيّ وَزَاد: وَهُوَ محرم، وَقَالَ: هَذَا حَدِيث مُنكر لَا أعلم أحدا رَوَاهُ عَن حبيب غير الْأنْصَارِيّ، وَلَعَلَّه أَرَادَ أَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، تزوج مَيْمُونَة.

وَقَالَ: وَفِي الْبَاب عَن أبي سعيد وَجَابِر وَأنس قلت: وَعَن ابْن عمر أَيْضا وَعَائِشَة ومعاذ وَأبي مُوسَى. أما حَدِيث أبي سعيد فَرَوَاهُ النَّسَائِيّ من رِوَايَة أبي المتَوَكل (عَن أبي سعيد، قَالَ: رخص رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فِي الْقبْلَة للصَّائِم والحجامة) . وَأما حَدِيث جَابر فَرَوَاهُ النَّسَائِيّ أَيْضا من رِوَايَة أبي الزبير عَنهُ: (أَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، احْتجم وَهُوَ صَائِم) . وَأما حَدِيث أنس فَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ من رِوَايَة ثَابت عَنهُ وَفِيه: (ثمَّ رخص النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بعد فِي الْحجامَة للصَّائِم) . وَأما حَدِيث ابْن عمر فَرَوَاهُ ابْن عدي فِي (الْكَامِل) من رِوَايَة نَافِع عَنهُ قَالَ: (احْتجم رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَهُوَ صَائِم محرم، وَأعْطى الْحجام أجره) . وَأما حَدِيث عَائِشَة فَرَوَاهُ ابْن أبي حَاتِم فِي (الْعِلَل) من رِوَايَة عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن أَبِيه عَنْهَا: (أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم احْتجم وَهُوَ صَائِم) . وَقَالَ: هَذَا حَدِيث بَاطِل، وَفِي إِسْنَاده مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز ضَعِيف. وَأما حَدِيث معَاذ فَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي (الضُّعَفَاء) من حَدِيث جُبَير بن نفير عَنهُ (أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم احْتجم وَهُوَ صَائِم) . وَأما حَدِيث أبي مُوسَى فَرَوَاهُ ابْن أبي حَاتِم فِي (الْعِلَل) عَن أَبِيه قَالَ: سَمِعت أبي يَقُول وَهُوَ مُحَمَّد بن سَلمَة فِي الحَدِيث الَّذِي يرويهِ عَن زِيَاد بن أبي مَرْيَم أَنه دخل على أبي مُوسَى وَهُوَ يحتجم وَهُوَ صَائِم، وَقد مر حَدِيث أبي مُوسَى فِي هَذَا الْبَاب، رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة. وَقد ذكرنَا عَن قريب أَن أَحَادِيث: (أفطر الحاجم والمحجوم) ، مَنْسُوخَة.

قَالَ الْمُنْذِرِيّ: حَدِيث ابْن عَبَّاس نَاسخ، لِأَن فِي حَدِيث شَدَّاد بن أَوْس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي عَام الْفَتْح فِي رَمَضَان لرجل كَانَ يحتجم: (أفطر الحاجم والمحجوم) ، وَالْفَتْح كَانَ فِي سنة ثَمَان. وَحَدِيث ابْن عَبَّاس كَانَ فِي حجَّة الْوَدَاع فِي سنة عشر فَهُوَ مُتَأَخّر ينْسَخ الْمُتَقَدّم، فَإِن ابْن عَبَّاس لم يصحب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ محرم إلَاّ فِي حجَّة الْإِسْلَام، وَفِي حجَّة الْفَتْح لم يكن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم محرما، وَقد أَشَارَ الإِمَام الشَّافِعِي إِلَى هَذَا. وَمِمَّا يُصَرح فِيهِ بالنسخ حَدِيث أنس بن مَالك، أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا عمر بن مُحَمَّد بن الْقَاسِم النَّيْسَابُورِي، حَدثنَا مُحَمَّد بن خَالِد بن زيد الرَّاسِبِي حَدثنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>