الْعبْرَة لعُمُوم اللَّفْظ. وَمِنْه: فِي قَوْله: إِنَّه معَارض لما أخرجه النَّسَائِيّ، قيل: مَا فِي (الصَّحِيح) هُوَ الْعُمْدَة. وَأجِيب: بِأَن مَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ أَيْضا صَحِيح، فَيدل على نسخ ذَاك كَمَا قُلْنَا.
وَمِمَّا يُسْتَفَاد من الحَدِيث الْمَذْكُور أَن قَوْله: (لَو كَانَ على أمك دين أَكنت قاضيته؟) مشْعر بِأَن ذَلِك على النّدب إِن طاعت بِهِ نَفسه لِأَنَّهُ لَا يجب، على ولي الْمَيِّت أَن يُؤَدِّي من مَاله عَن الْمَيِّت دينا بالِاتِّفَاقِ، لَكِن من تبرع بِهِ انْتفع بِهِ الْمَيِّت وبرئت ذمَّته، وَقَالَ ابْن حزم: من مَاتَ وَعَلِيهِ صَوْم فرض من قَضَاء رَمَضَان أَو نذر أَو كَفَّارَة وَاجِبَة فَفرض على أوليائه أَن يصوموه عَنهُ، هم أَو بَعضهم، وَلَا إطْعَام فِي ذَلِك أصلا، أوصى بذلك أَو لم يوصِ بِهِ، وَيبدأ بِهِ على دُيُون النَّاس. وَفِيه: صِحَة الْقيَاس. وَفِيه: قَضَاء الدّين عَن الْمَيِّت، وَقد أَجمعت الْأَئِمَّة عَلَيْهِ، فَإِن مَاتَ وَعَلِيهِ دين لله وَدين لآدَمِيّ قدم دين الله لقَوْله: (فدين الله أَحَق) ، وَفِيه: ثَلَاثَة أَقْوَال للشَّافِعِيّ: الأول: أَصَحهَا تَقْدِيم دين الله تَعَالَى. الثَّانِي: تَقْدِيم دين الْآدَمِيّ. الثَّالِث: هما سَوَاء فَيقسم بَينهمَا.
قَالَ سُلَيْمَانُ فَقَالَ الحَكَمُ وسَلَمَةُ ونَحْنُ جَمِيعا جُلُوسٌ حِينَ حدَّثَ مُسْلِمٌ بِهَذَا الحَدِيثَ قالَا سَمِعْنا مُجَاهِدا يَذْكُرُ هَذَا عنِ ابنِ عَبَّاسٍ سُلَيْمَان الْأَعْمَش يَعْنِي، قَالَ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور فِي الحَدِيث الْمَذْكُور. قَوْله: (فَقَالَ الحكم) ، ويروى: قَالَ، بِدُونِ الْفَاء، و: الحكم، بِفَتْح الْكَاف: هُوَ ابْن عتيبة تَصْغِير عتبَة الْبَاب وَسَلَمَة، فتحات: هُوَ ابْن كهيل مصغر: الكهل الْحَضْرَمِيّ الْكُوفِي. قَوْله: (وَنحن جُلُوس) جملَة إسمية وَقعت حَالا، وَهِي فِي نفس الْأَمر مقول سُلَيْمَان، و: جُلُوس، بِالضَّمِّ: جمع جَالس، وَالْمرَاد: ثَلَاثَتهمْ أَعنِي: سُلَيْمَان وَحكما وَسَلَمَة وَالْحَاصِل أَن هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة كَانُوا حاضرين حِين حدث مُسلم بن عمرَان البطين الْمَذْكُور فِي سَنَد الحَدِيث الْمَذْكُور. قَوْله: (قَالَا) أَي: الحكم وَسَلَمَة (سمعنَا مُجَاهدًا يذكر هَذَا) الحَدِيث (عَن ابْن عَبَّاس) فآل الْأَمر إِلَى أَن الْأَعْمَش سمع هَذَا الحَدِيث من ثَلَاثَة أنفس فِي مجْلِس وَاحِد، من مُسلم البطين أَولا عَن سعيد بن جُبَير، ثمَّ من الحكم وَسَلَمَة عَن مُجَاهِد.
ويُذْكَرُ عَن أبِي خالِدٍ قَالَ حدَّثنا الأعْمشُ عنِ الحَكَمِ ومُسْلِمٍ الْبَطِينِ وسلَمَةَ بنِ كُهَيْلٍ عنْ سَعِيدِ ابنِ جُبَيْرٍ وعطاءٍ ومُجاهِدٍ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ قالَتِ امْرَأةٌ لِلنَّبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إنَّ أُخْتِي ماتَتْ
أَبُو خَالِد هُوَ الْأَحْمَر ضد الْأَبْيَض واسْمه: سُلَيْمَان بن حَيَّان، بتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره نون، ذكره بِصِيغَة التمريض، وَأَشَارَ إِلَى مُخَالفَة أبي خَالِد زَائِدَة الَّذِي يروي عَن الْأَعْمَش فِي الحَدِيث الْمَذْكُور، وَفِيه أَيْضا اشارة إِلَى أَن الشَّمْس جمع بَين الشُّيُوخ الثَّلَاثَة فِيهِ وهم الحكم وَمُسلم ومسلمة وَجمع هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة ايضا بَين الشُّيُوخ الثَّلَاثَة وهم: سعيد بن جُبَير وَعَطَاء بن أبي رَبَاح وَمُجاهد بن جُبَير. وَقَالَ بَعضهم: أَبُو خَالِد جمع بَين شُيُوخ الْأَعْمَش الثَّلَاثَة فَحدث بِهِ عَنْهُم عَن شُيُوخ ثَلَاثَة، وَظَاهره أَنه عِنْد كل مِنْهُم عَن كل مِنْهُم، وَيحْتَمل أَن يكون أَرَادَ بِهِ اللف والنشر بِغَيْر تَرْتِيب، فَيكون: شيخ الحكم عَطاء، وَشَيخ البطين سعيد بن جُبَير، وَشَيخ سَلمَة مُجَاهدًا. قلت: قَالَ الكماني فَإِن قلت: هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة رووا عَن الثَّلَاثَة وَهُوَ على سَبِيل التَّوْزِيع بِأَن يروي بَعضهم عَن بعض؟ قلت: الْمُتَبَادر إِلَى الذَّهَب رِوَايَة الْكل عَن الْكل انْتهى. قلت: حق الْكَلَام الَّذِي تَقْتَضِيه الْعبارَة مَا قَالَه الْكرْمَانِي، وَوصل هَذَا التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو سعيد الأشح حَدثنَا أَبُو خَالِد الْأَحْمَر عَن الْأَعْمَش عَن سَلمَة بن كهيل وَمُسلم البطين عَن سعيد بن جُبَير وَعَطَاء وَمُجاهد (عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: جَاءَت امْرَأَة إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: إِن أُخْتِي مَاتَت وَعَلَيْهَا صَوْم شَهْرَيْن مُتَتَابعين، قَالَ: أَرَأَيْت لَو كَانَ على أختك دين أَكنت تقضيه؟ قَالَت: نعم. قَالَ فَحق الله أَحَق) . قَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدِيث حسن صَحِيح، وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَابْن خُزَيْمَة وَالدَّارَقُطْنِيّ، كَذَلِك، وَرَوَاهُ مُسلم: حَدثنَا أَبُو سعيد الْأَشَج، قَالَ: حَدثنَا أَبُو خَالِد الْأَحْمَر، قَالَ: حَدثنَا الْأَعْمَش عَن سَلمَة بن كهيل وَالْحكم بن عتيبة وَمُسلم البطين عَن سعيد بن جُبَير وَمُجاهد وَعَطَاء عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِهَذَا الحَدِيث، يَعْنِي: حَدِيث زَائِدَة الَّذِي رَوَاهُ قبله فأحاله عَلَيْهِ وَلم يسق الْمَتْن.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute