للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَمن قَالَ لَيْسَ فِي اللَّيْلِ صِيَامٌ لِقَوْلِهِ تَعَالى {ثُمَّ أتِمُّوا الصِّيَامَ إلَى اللَّيْلِ} (الْبَقَرَة: ٧٨١) . ونَهَى النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَنهُ رَحْمَةً لَهُمْ وإبْقَاءً عَلَيْهِمْ ومَا يُكْرَهُ مِنَ التَّعَمُّقِ

كل هَذَا من التَّرْجَمَة، وَهِي تشْتَمل على ثَلَاثَة فُصُول:

الأول: قَوْله: (وَمن قَالَ، وَهُوَ فِي مَحل الْجَرّ عطفا على لفظ الْوِصَال، تَقْدِيره: وَبَاب فِي بَيَان من قَالَ لَيْسَ فِي اللَّيْل صِيَام، يَعْنِي: اللَّيْل لَيْسَ محلا للصَّوْم، لِأَن الله تَعَالَى جعل حد الصَّوْم إِلَى اللَّيْل فَلَا يدْخل فِي حكم مَا قبله، وَاسْتدلَّ عَلَيْهِ بقوله تَعَالَى: {ثمَّ أَتموا الصّيام إِلَى اللَّيْل} (الْبَقَرَة: ٧٨١) . وَقد ورد فِيهِ حَدِيث مَرْفُوع رَوَاهُ أَبُو سعيد الْخَيْر: (إِن الله لم يكْتب الصّيام بِاللَّيْلِ، فَمن صَامَ فقد بغى وَلَا أجر لَهُ) ، أخرجه ابْن السكن وَغَيره من الصَّحَابَة، والدولابي وَغَيره فِي (الكنى) كلهم من طَرِيق أبي فَرْوَة الرهاوي عَن معقل الْكِنْدِيّ عَن عبَادَة بن نسى عَنهُ وَقَالَ ابْن مَنْدَه غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من هَذَا الْوَجْه وَقَالَ التِّرْمِذِيّ سَأَلت البُخَارِيّ عَنهُ فَقَالَ: مَا أرى عبارَة سمع من أبي سعيد الْخَيْر، وَقَالَ شَيخنَا زين الدّين: حَدِيث أبي سعيد الْخَيْر لم أَقف عَلَيْهِ، وَقد اخْتلف فِي صحبته، فَقَالَ أَبُو دَاوُد: أَبُو سعيد الْخَيْر صَحَابِيّ، روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وروى عَنهُ قيس ابْن الْحَارِث الْكِنْدِيّ وفراس الشَّعْبَانِي، وَقَالَ شَيخنَا: وروى عَنهُ مِمَّن لم يذكرهُ يُونُس بن حليس ومهاجر بن دِينَار وَابْن لأبي سعيد الْخَيْر غير مُسَمّى، وَذكره الطَّبَرَانِيّ فِي الصَّحَابَة، وروى لَهُ خَمْسَة أَحَادِيث، وَقيل: هُوَ أَبُو سعيد الْخَيْر بِزِيَادَة يَاء آخر الْحُرُوف، وَهَكَذَا ذكر أَبُو أَحْمد الْحَاكِم فِي (الكنى) فَقَالَ: سعيد الْخَيْر لَهُ صُحْبَة مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَدِيثه فِي أهل الشَّام. وَقَالَ الْحَافِظ الذَّهَبِيّ، فِي (تَجْرِيد الصَّحَابَة) : أَبُو سعيد الْخَيْر الْأَنمَارِي، وَقيل: أَبُو سعيد الْخَيْر: اسْمه عَامر بن سعد، شَامي، لَهُ فِي الشَّفَاعَة وَفِي الْوضُوء، روى عَنهُ قيس بن الْحَارِث وَعبادَة بن نسي. وَقَالَ أَبُو أَحْمد الْحَاكِم، بعد أَن روى لَهُ حَدِيثا، قَالَ: أَبُو سعيد الْأَنمَارِي، وَيُقَال: أَبُو سعيد الْخَيْر لَهُ صُحْبَة من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: وَلست أحفظ لَهُ إسما وَلَا نسبا إِلَى أقْصَى أَب فجعلهما اثْنَيْنِ، وَجمع الطَّبَرَانِيّ بَين الترجمتين فجعلهما تَرْجَمَة وَاحِدَة، وَقَالَ شَيخنَا: وَقد قيل إِن أَبَا سعيد الْخَيْر هُوَ أَبُو سعيد الحبراني الْحِمصِي الَّذِي روى عَن أبي هُرَيْرَة، وَرُوِيَ عَنهُ حُصَيْن الحبراني، وعَلى هَذَا فَهُوَ تَابِعِيّ، وَهَكَذَا ذكره الْعجلِيّ فِي (الثِّقَات) : فَقَالَ: شَامي تَابِعِيّ، ثِقَة، وَكَذَا ذكره ابْن حبَان فِي (الثِّقَات) التَّابِعين، وَاخْتلف فِي اسْمه، فَيُقَال: إسمه زِيَاد، وَيُقَال: عَامر بن سعد، قَالَ الْحَافِظ الْمزي: وأراهما اثْنَيْنِ، وَالله أعلم.

الْفَصْل الثَّانِي: قَوْله: (وَنهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَنهُ) أَي عَن الْوِصَال، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله البُخَارِيّ من حَدِيث عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، بِلَفْظ: (نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَحْمَة لَهُم) ، على مَا يَأْتِي عَن قريب، إِن شَاءَ الله تَعَالَى. قَوْله: (وإبقاء عَلَيْهِم) أَي: على الْأمة، وَأَرَادَ حفظا لَهُم فِي بَقَاء أبدانهم على قوتها، وروى أَبُو دَاوُد وَغَيره من طَرِيق عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى عَن رجل من الصَّحَابَة، قَالَ: (نهى النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَن الْحجامَة والمواصلة وَلم يحرمهما إبْقَاء على أَصْحَابه) ، وَإِسْنَاده صَحِيح.

الْفَصْل الثَّالِث: قَوْله: (وَمَا يكره من التعمق) ، قَالَ الْكرْمَانِي: هُوَ عطف إِمَّا على الضَّمِير الْمَجْرُور، وَإِمَّا على قَوْله: (رَحْمَة) . أَي: لكَرَاهَة التعمق، وَهُوَ تكلّف مَا لم يُكَلف، وعمق الْوَادي قَعْره، وَقيل: وَمَا يكره من التعمق من كَلَام البُخَارِيّ مَعْطُوف على قَوْله: (الْوِصَال) أَي: بَاب ذكر الْوِصَال وَذكر مَا يكره من التعمق، وَقد روى البُخَارِيّ فِي كتاب التَّمَنِّي، من طَرِيق ثَابت بن قيس (عَن أنس، فِي قصَّة الْوِصَال، فَقَالَ، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو مد بِي الشَّهْر لواصلت وصالاً يدع المتعمقون تعمقهم) .

١٦٩١ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ قَالَ حدَّثني يَحْيَى عنْ شُعْبَةَ قَالَ حدَّثني قَتَادَةُ عنْ أنَسٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهِ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا تُوَاصِلُوا قالُوا إنَّكَ تُوَاصِلُ قَالَ لَسْتُ كأحَدٍ مِنْكُمْ إنِّي أطعَمُ وأُسْقَى أوْ أنِّي أبيتُ أُطْعَمُ وأُسْقَى. (انْظُر الحَدِيث ١٦٩١ وطرفه فِي: ١٤٢٧) .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة فَإِنَّهُ يُوضح جَوَاب التَّرْجَمَة. وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة، وَيحيى بن سعيد الْقطَّان.

وَأخرجه مُسلم من رِوَايَة سُلَيْمَان عَن ثَابت (عَن أنس قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي فِي رَمَضَان) الحَدِيث بِطُولِهِ، وَفِيه: (فَأخذ يواصل

<<  <  ج: ص:  >  >>