أَي: روى حق الْأَهْل أَبُو جُحَيْفَة وهب بن عبد الله السوَائِي، وَقد مر حَدِيثه فِي قصَّة سلمَان وَأبي الدَّرْدَاء، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، فِي: بَاب من أقسم على أَخِيه ليفطر فِي التَّطَوُّع، وفيهَا قَول سلمَان لأبي الدَّرْدَاء: وَإِن لأهْلك عَلَيْك حَقًا، وَأقرهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على ذَلِك.
٨٥ - (حَدثنَا عَمْرو بن عَليّ قَالَ أخبرنَا أَبُو عَاصِم عَن ابْن جريج سَمِعت عَطاء أَن أَبَا الْعَبَّاس الشَّاعِر أخبرهُ أَنه سمع عبد الله بن عَمْرو رَضِي الله عَنْهُمَا يَقُول بلغ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنِّي أسرد الصَّوْم وأصلي اللَّيْل فإمَّا أرسل إِلَيّ وَإِمَّا لَقيته فَقَالَ ألم أخبر أَنَّك تَصُوم وَلَا تفطر وَتصلي وَلَا تنام فَصم وَأفْطر وقم ونم فَإِن لعينيك عَلَيْك حظا وَإِن لنَفسك وَأهْلك عَلَيْك حظا قَالَ وَإِنِّي لأقوى لذَلِك قَالَ فَصم صِيَام دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ وَكَيف قَالَ كَانَ يَصُوم يَوْمًا وَيفْطر يَوْمًا وَلَا يفر إِذا لَاقَى قَالَ من لي بِهَذِهِ يَا نَبِي الله قَالَ عَطاء لَا أَدْرِي كَيفَ ذكر صِيَام الْأَبَد قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا صَامَ من صَامَ الْأَبَد مرَّتَيْنِ) مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله " وَأهْلك عَلَيْك حظا " وَعَمْرو بن عَليّ بن بَحر بن كثير الْبَاهِلِيّ أَبُو حَفْص الْبَصْرِيّ الصَّيْرَفِي الفلاس الْحَافِظ وَأَبُو عَاصِم النَّبِيل الضَّحَّاك بن مخلد وَهُوَ من شُيُوخ البُخَارِيّ الَّذين أَكثر عَنْهُم وَرُبمَا روى عَنهُ بِوَاسِطَة مَا فَاتَهُ مِنْهُ كَمَا فِي هَذَا الْموضع وَابْن جريج هُوَ عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز الْمَكِّيّ وَعَطَاء هُوَ ابْن أبي رَبَاح الْمَكِّيّ وَأَبُو الْعَبَّاس بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَالسِّين الْمُهْملَة اسْمه السَّائِب بن فروخ الشَّاعِر الْأَعْمَى الْمَكِّيّ وَقد مر فِي بَاب مَا يكره من التَّشْدِيد فِي كتاب التَّهَجُّد قَالَه الْكرْمَانِي وَلَيْسَ كَذَلِك بل هُوَ مَذْكُور فِي بَاب مُجَرّد عَن التَّرْجَمَة عقيب بَاب مَا يكره من ترك قيام اللَّيْل وَفِيه قِطْعَة من هَذَا الحَدِيث قَوْله " بلغ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنِّي أسرد الصَّوْم " الَّذِي بلغ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هُوَ عَمْرو بن الْعَاصِ وَالِد عبد الله صَاحب الْقَضِيَّة وأسرد بِضَم الرَّاء أَي أَصوم مُتَتَابِعًا وَلَا أفطر بِالنَّهَارِ قَوْله " فإمَّا أرسل إِلَيّ وَإِمَّا لَقيته " يَعْنِي من غير إرْسَال وَكلمَة إِمَّا للتفصيل وَلَا تَفْصِيل إِلَّا بَين الشَّيْئَيْنِ وهما هُنَا إِمَّا إرْسَال النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَيْهِ لما بلغه أَبوهُ قصَّته وَإِمَّا أَنه لَقِي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من غير طلب قَوْله " ألم أخبر " على صِيغَة الْمَجْهُول قَوْله " فَإِن لعينك " بِالْإِفْرَادِ فِي رِوَايَة السَّرخسِيّ والكشميهني وَفِي رِوَايَة غَيرهمَا " لعينيك " بالتثنية قَوْله " حظا " أَي نَصِيبا كَذَا هُوَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة مُسلم وَعند الْإِسْمَاعِيلِيّ " حَقًا " بِالْقَافِ وَعِنْده وَعند مُسلم من الزِّيَادَة " وصم من كل عشرَة أَيَّام يَوْمًا وَلَك أجر التِّسْعَة " قَوْله " وَإِنِّي لأقوى " بِلَفْظ الْمُتَكَلّم من الْمُضَارع قَوْله " لذَلِك " أَي لسرد الصَّوْم دَائِما ويروى على ذَلِك وَفِي رِوَايَة مُسلم " إِنِّي أجدني أقوى من ذَلِك يَا نَبِي الله " قَوْله " وَكَيف " أَي قَالَ عبد الله كَيفَ صِيَام دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام وَفِي رِوَايَة مُسلم " قَالَ وَكَيف كَانَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام يَصُوم يَا نَبِي الله " قَوْله " وَلَا يفر إِذا لَاقَى " أَي لَا يهرب إِذا لَاقَى الْعَدو قيل فِي ذكر هَذَا عقيب ذكر صَوْمه إِشَارَة إِلَى أَن الصَّوْم على هَذَا الْوَجْه لَا ينهك الْبدن وَلَا يُضعفهُ بِحَيْثُ يُضعفهُ عَن لِقَاء الْعَدو بل يَسْتَعِين يفْطر يَوْم على صِيَام يَوْم فَلَا يضعف عَن الْجِهَاد وَغَيره من الْحُقُوق ويجد مشقة الصَّوْم فِي يَوْم الصّيام لِأَنَّهُ لم يعتده بِحَيْثُ يصير الصّيام لَهُ عَادَة فَإِن الْأُمُور إِذا صَارَت عَادَة سهلت مشاقها قَوْله " وَقَالَ من لي بِهَذِهِ يَا نَبِي الله " أَي قَالَ عبد الله من تكفل لي بِهَذِهِ الْخصْلَة الَّتِي لداود عَلَيْهِ السَّلَام لَا سِيمَا عدم الْفِرَار قَوْله " قَالَ عَطاء " أَي قَالَ عَطاء بن أبي رَبَاح بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور قَوْله " لَا أَدْرِي كَيفَ ذكر صِيَام الْأَبَد " يَعْنِي أَن عَطاء لم يحفظ كَيفَ جَاءَ ذكر صِيَام الْأَبَد فِي هَذِه الْقِصَّة إِلَّا أَنه حفظ فِيهَا أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ " لَا صَامَ من صَامَ الْأَبَد " وَقد روى النَّسَائِيّ وَأحمد هَذِه الْجُمْلَة وَحدهَا من طرق عَن عَطاء قَوْله " لَا صَامَ