إلَاّ يَوْما قَبْلَهُ أوْ بَعْدَهُ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة، وَالْأَعْمَش هُوَ سُلَيْمَان، وَأَبُو صَالح ذكْوَان الزيات السمان.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم وَابْن مَاجَه جَمِيعًا فِي الصَّوْم أَيْضا عَن أبي بكر بن أبي شيبَة.
قَوْله: (لَا يصومنَّ) بنُون التَّأْكِيد رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيره: (لَا يَصُوم) بِدُونِ النُّون، وَلَفظ النَّفْي، وَالْمرَاد بِهِ النَّهْي. قَوْله: (إلَاّ يَوْمًا قبله) ، تَقْدِيره: إلَاّ أَن يَصُوم يَوْمًا قبله، لِأَن يَوْمًا لَا يصلح أَن يكون اسْتثِْنَاء من يَوْم الْجُمُعَة. وَقَالَ الْكرْمَانِي: هُوَ ظرف ليصوم الْمُقدر، أَو يَوْم مَنْصُوب بِنَزْع الْخَافِض، وَهُوَ بَاء المصاحبة أَي: بِيَوْم، وَأخذ بَعضهم الْوَجْه الأول من كَلَام الْكرْمَانِي وَسكت عَنهُ، ثمَّ ذكر الْوَجْه الثَّانِي بقوله: وَقَالَ الْكرْمَانِي، وَفِي طَرِيق الْإِسْمَاعِيلِيّ من رِوَايَة مُحَمَّد بن أشكاب عَن عمر بن حَفْص، شيخ البُخَارِيّ، فِيهِ: (إِلَّا أَن تَصُومُوا يَوْمًا قبله أَو بعده) . وَفِي رِوَايَة مُسلم من طَرِيق أبي مُعَاوِيَة عَن الْأَعْمَش: لَا يصم أحدكُم يَوْم الْجُمُعَة إلَاّ أَن يَصُوم قبله أَو يَصُوم بعده) ، وَلمُسلم من طَرِيق هِشَام عَن ابْن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة: (لَا تخصوا لَيْلَة الْجُمُعَة بِقِيَام من اللَّيَالِي، وَلَا يَوْم الْجُمُعَة بِصَوْم من بَين الْأَيَّام، إلَاّ أَن يكون فِي صَوْم يَصُومهُ أحدكُم) . وَرَوَاهُ أَحْمد من طَرِيق عَوْف عَن ابْن سِيرِين بِلَفْظ: (نهى أَن يفرد يَوْم الْجُمُعَة بِصَوْم) ، وَمن طَرِيق أبي الأوبر زِيَاد الْحَارِثِيّ: (أَن رجلا قَالَ لأبي هُرَيْرَة: أَنْت الَّذِي تنْهى النَّاس عَن صَوْم يَوْم الْجُمُعَة؟ قَالَ: هَا، وَرب الْكَعْبَة ثَلَاثًا لقد سَمِعت مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَا يَصُوم أحدكُم يَوْم الْجُمُعَة وَحده إلَاّ فِي أَيَّام مَعَه) . وَله من طَرِيق ليلى، امْرَأَة بشير بن الخصاصية، أَنه (سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: لَا تصم يَوْم الْجُمُعَة إلَاّ فِي أَيَّام هُوَ أَحدهَا) . وَهَذِه الْأَحَادِيث تقيد النَّهْي الْمُطلق فِي حَدِيث جَابر الْمَذْكُور، وَيُؤْخَذ من الِاسْتِثْنَاء جَوَازه لمن صَامَ قبله أَو بعده، أَو اتّفق وُقُوعه فِي أَيَّام لَهُ عَادَة يصومها، كمن يَصُوم أَيَّام الْبيض أَو من لَهُ عَادَة بِصَوْم يَوْم معِين، كَيَوْم عَرَفَة فَوَافَقَ يَوْم الْجُمُعَة.
٦٨٩١ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدثنَا يَحْيَى عنْ شُعْبَةَ ح وحدَّثني محَمَّدٌ قَالَ حَدثنَا غُنْدَرٌ قَالَ حدَّثنا شعبَةُ عنْ قتَادَةَ عنْ أبِي أيُّوبَ عنْ جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الحَارِثِ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخَلَ عَلَيْهَا يَوْمَ الجُمُعَةِ وهِيَ صَائِمَةٌ فَقَالَ أصُمْتِ أمْسِ قالَتْ لَا قَالَ تُرِيدينَ أنْ تَصُومِينَ غَدا قالَتْ لَا قَالَ فأفْطِرِي.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَأخرجه من طَرِيقين: أَحدهمَا: عَن مُسَدّد عَن يحيى الْقطَّان عَن شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أبي أَيُّوب يحيى بن مَالك المراغي الْبَصْرِيّ، عَن جوَيْرِية تَصْغِير: الْجَارِيَة، بِالْجِيم الْخُزَاعِيَّة، كَانَ اسْمهَا برة وسماها النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بذلك، وَكَانَت امْرَأَة حلوة مليحة لَا يكَاد يَرَاهَا أحد إلَاّ أخذت بِنَفسِهِ، وَهِي من سَبَايَا بني المصطلق، وَلما تزوج رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بهَا أرسل كل الصَّحَابَة مَا فِي أَيْديهم من سهم المصطلقين، فَلَا يعلم امْرَأَة كَانَت أعظم بركَة على قَومهَا مِنْهَا، مَاتَت سنة سِتّ وَخمسين. الطَّرِيق الثَّانِي: عَن مُحَمَّد، اخْتلف فِي مُحَمَّد هَذَا عَن غنْدر، فَذكر أَبُو نعيم فِي (مستخرجه) والإسماعيلي: أَنه مُحَمَّد ابْن بشار الَّذِي يُقَال لَهُ بنْدَار، وَقَالَ الجياني: لَا ينْسبهُ أحد من شُيُوخنَا فِي شَيْء من الْمَوَاضِع، وَلَعَلَّه مُحَمَّد بن بشار، وَإِن كَانَ مُحَمَّد بن الْمثنى يروي أَيْضا عَن غنْدر، وغندر هُوَ مُحَمَّد بن جَعْفَر يرْوى عَن شُعْبَة عَن قَتَادَة ... إِلَى آخِره. والْحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد أَيْضا فِي الصَّوْم عَن مُحَمَّد بن كثير وَحَفْص بن عمر كِلَاهُمَا عَن هِشَام عَن قَتَادَة بِهِ. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد التَّيْمِيّ القَاضِي عَن يحيى الْقطَّان بِهِ، وَلَيْسَ لجويرية زوج النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فِي البُخَارِيّ من رِوَايَتهَا سوى هَذَا الحَدِيث.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (وَهِي صَائِمَة) ، جملَة إسمية وَقعت حَالا. قَوْله: (أصمت؟) الْهمزَة فِيهِ للاستفهام على سَبِيل الاستخبار. قَوْله: (أَن تصومين) ، ويروى: (أَن تصومي) ، بِإِسْقَاط النُّون على الأَصْل. قَوْله: (فأفطري) ، زَاد أَبُو نعيم فِي رِوَايَته: (إِذا) .
وَقَالَ حمَّادُ بنُ الجَعْدِ سَمِعَ قَتَادَةَ قَالَ حدَّثني أبُو أيُّوبَ أنَّ جُوَيْرِيَّةَ حدَّثته فأمَرَهَا فأفطَرَتْ
هَذَا التَّعْلِيق وَصله أَبُو الْقَاسِم الْبَغَوِيّ فِي (جمع حَدِيث هدبة بن خَالِد) قَالَ: حَدثنَا حَمَّاد بن الْجَعْد سُئِلَ قَتَادَة عَن صِيَام النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: حَدثنِي أَبُو أَيُّوب فَذكره، وَقَالَ فِي آخِره: (فَأمرهَا فأفطرت) ، وَحَمَّاد بن الْجَعْد، بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة، وَيُقَال لَهُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute