للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فطر أَو نحر يَقْضِيه فِي رِوَايَة ابْن الْقَاسِم وَابْن وهب عَنهُ، وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ، وَالْأَصْل عندنَا أَن النَّهْي لَا يَنْفِي مَشْرُوعِيَّة الأَصْل. وَقَالَ صَاحب الْمَحْصُول: أَكثر الْفُقَهَاء على أَن النَّهْي لَا يُفِيد الْفساد، وَقَالَ الرَّازِيّ: لَا يدل النَّهْي على الْفساد أصلا، وَأطَال الْكَلَام فِيهِ، وعَلى هَذَا الأَصْل مَشى أَصْحَابنَا فِيمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ، وَيُؤَيّد هَذَا مَا رَوَاهُ البُخَارِيّ من حَدِيث زِيَاد بن جُبَير، قَالَ: (جَاءَ رجل إِلَى ابْن عمر فَقَالَ: نذر رجل صَوْم الْإِثْنَيْنِ فَوَافَقَ يَوْم عيد؟ فَقَالَ ابْن عمر: أَمر الله بوفاء النّذر، وَنهى رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَن صَوْم هَذَا الْيَوْم، فتوقف فِي الْفتيا) . وَسَيَجِيءُ فِي الْبَاب الَّذِي بعده، وَقَالَ ابْن عبد الْملك: لَو كَانَ صَوْمه مَمْنُوعًا مِنْهُ لعَينه، مَا توقف ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. وَقَالَ الشَّافِعِي وَزفر وَأحمد: لَا يَصح صَوْم يومي الْعِيدَيْنِ وَلَا النّذر بصومهما، وَهُوَ رِوَايَة أبي يُوسُف وَابْن الْمُبَارك عَن أبي حنيفَة، وروى الْحسن عَن أبي حنيفَة أَنه إِن نذر صَوْم يَوْم النَّحْر لَا يَصح، وَإِن نذر صَوْم غَد وَهُوَ يَوْم النَّحْر صَحَّ، وَاحْتج بِحَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، الْآتِي هُنَا، إِن شَاءَ الله تَعَالَى.

٠٩٩١ - حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسفَ قَالَ أخبرنَا مالِكٌ عنِ ابنِ شِهَابٍ عَن أبي عُبَيْدٍ مولَى ابنِ أزْهَرَ قَالَ شَهِدْتُ الْعِيدَ معَ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فَقَالَ هَذَانِ يَوْمَانِ نَهَى رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عنْ صِيَامِهِما يَوْمُ فِطْرِكُمُ مِنْ صِيَامِكُمْ والْيَوْمُ الآخَرُ تأكُلُونَ فِيهِ مِنْ نُسُكِكُمْ. (الحَدِيث ٠٩٩١ طرفه فِي: ١٧٥٥) .

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه يبين إِبْهَام التَّرْجَمَة، وَهُوَ أَن صَوْم يَوْم الْفطر لَا يَصح، وَأَبُو عبيد اسْمه: سعد، مولى ابْن عبد الرَّحْمَن بن الْأَزْهَر بن عَوْف وينسب أَيْضا إِلَى عبد الرَّحْمَن بن عَوْف لِأَنَّهُمَا ابْنا عَم الْقرشِي الزُّهْرِيّ، مَاتَ سنة ثَمَان وَتِسْعين، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: قد غلط من جعله ابْن عَم عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، بل هُوَ عبد الرَّحْمَن بن أَزْهَر بن عبد عَوْف.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْأَضَاحِي عَن حبَان عَن ابْن الْمُبَارك. وَأخرجه مُسلم فِي الصَّوْم أَيْضا عَن يحيى بن يحيى عَن مَالك بِهِ، وَفِي الْأَضَاحِي عَن عبد الْجَبَّار بن الْعلي وَعَن حَرْمَلَة بن يحيى، وَعَن زُهَيْر بن حَرْب، وَعَن حسن الْحلْوانِي وَعَن عبد بن حميد وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الصَّوْم عَن قُتَيْبَة وَزُهَيْر بن حَرْب. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ عَن مُحَمَّد بن عبد الْملك. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، وَفِي الذَّبَائِح عَن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم الدَّوْرَقِي. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الصَّوْم عَن سهل بن أبي سهل.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (مولى ابْن أَزْهَر) ، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: (مولى بني أَزْهَر) ، وَكَذَا فِي رِوَايَة مُسلم. قَوْله: (شهِدت الْعِيد) ، زَاد يُونُس عَن الزُّهْرِيّ فِي رِوَايَته الَّتِي تَأتي فِي الْأَضَاحِي، (يَوْم الْأَضْحَى) . قَوْله: (هَذَانِ يَوْمَانِ) ، فِيهِ التغليب، وَذَلِكَ أَن الْحَاضِر يشار إِلَيْهِ بِهَذَا وَالْغَائِب يشار إِلَيْهِ بِذَاكَ، فَلَمَّا أَن جَمعهمَا اللَّفْظ قَالَ: هَذَانِ، تَغْلِيبًا، للحاضر على الْغَائِب. قَوْله: (يَوْم فطركم) ، مَرْفُوع على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف تَقْدِيره: أَحدهمَا يَوْم فطركم، وَقَالَ بَعضهم: أَو على الْبَدَل من قَوْله: (يَوْمَانِ) . قلت: هَذَا لَيْسَ بِصَحِيح على مَا لَا يخفى. قَوْله: (من صِيَامكُمْ) كلمة: من، بَيَانِيَّة، وَفِي رِوَايَة يُونُس فِي الْأَضَاحِي: (أما أَحدهمَا فَيوم فطركم) . قَوْله: (من نسككم) ، بِضَم السِّين وسكونها أَي: أُضْحِيَتكُم، وَفَائِدَة وصف الْيَوْمَيْنِ الْإِشَارَة إِلَى الْعلَّة، وَهِي فِي أَحدهمَا، وجوب الْفطر، وَفِي الآخر الْأكل من الْأُضْحِية.

قَالَ أبُو عَبْدِ الله قَالَ ابنُ عُيَيْنَةَ منْ قالَ مَوْلَى بنِ أزْهَرَ فقَدْ أصابَ ومَنْ قَالَ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمانِ فقَدْ أصابَ

هَذَا لَيْسَ بموجود فِي كثير من النّسخ: أَبُو عبد الله هُوَ البُخَارِيّ وَابْن عُيَيْنَة هُوَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة، وَهَذَا حَكَاهُ عَنهُ عَليّ بن الْمَدِينِيّ فِي (الْعِلَل) وَقد أخرجه ابْن أبي شيبَة فِي (مُسْنده) عَن ابْن عُيَيْنَة عَن الزُّهْرِيّ، فَقَالَ: عَن أبي عبيد مولى ابْن أَزْهَر. وَأخرجه الْحميدِي فِي (مُسْنده) عَن ابْن عُيَيْنَة: حَدثنِي الزُّهْرِيّ سَمِعت أَبَا عبيد، فَذكر الحَدِيث وَلم يصفه بِشَيْء. وَرَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي (مُصَنفه) : عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ، فَقَالَ: عَن أبي عبيد مولى عبد الرَّحْمَن بن عَوْف. وَقَالَ ابْن التِّين: وَجه كَون الْقَوْلَيْنِ صَوَابا مَا رُوِيَ أَنَّهُمَا اشْتَركَا فِي ولائه، وَقيل: يحمل أَحدهمَا على الْحَقِيقَة، وَالْآخر على الْمجَاز، أما بِاعْتِبَار كَثْرَة ملازمته لأَحَدهمَا للْخدمَة، أَو للأخذ عَنهُ، أَو لانتقاله من ملك أَحدهمَا إِلَى الآخر، وَقد مر بعض الْكَلَام فِيهِ عَن قريب.

<<  <  ج: ص:  >  >>