للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هَذَا الْيَوْم يَوْم النَّحْر، فَقَالَ: أَمر الله تَعَالَى بوفاء النّذر، ونهينا أَن نَصُوم يَوْم النَّحْر، فَأَعَادَ عَلَيْهِ، فَقَالَ مثله لَا يزِيد عَلَيْهِ) . رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي كتاب الْأَيْمَان وَالنُّذُور فِي: بَاب من نذر أَن يَصُوم أَيَّامًا فَوَافَقَ يَوْم النَّحْر، على مَا يَجِيء إِن شَاءَ الله تَعَالَى. وَأخرجه مُسلم: (عَن زِيَاد بن جُبَير، قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى ابْن عمر، فَقَالَ: إِنِّي نذرت أَن أَصوم يَوْمًا، فَوَافَقَ يَوْم أضحى أَو فطر. .) الحَدِيث، وَكَذَلِكَ فِي رِوَايَة أَحْمد عَن إِسْمَاعِيل بن علية عَن يُونُس، وَفِي رِوَايَة وَكِيع: فَوَافَقَ يَوْم أضحى أَو فطر.

ذكر رِجَاله وهم أَرْبَعَة: الأول: مُحَمَّد بن الْمثنى، وَقد مر غير مرّة. الثَّانِي: معَاذ بن معَاذ الْعَنْبَري. الثَّالِث: ابْن عون هُوَ عبيد الله بن عون بن أرطبان الْبَصْرِيّ. الرَّابِع: زِيَاد بن جُبَير، بِضَم الحيم وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة: ابْن حَيَّة، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف: الثَّقَفِيّ، وَقد مر فِي: بَاب نحر الْإِبِل الْمقيدَة بِالْحَجِّ.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (جَاءَ رجل) لم يدر اسْمه، وَفِي رِوَايَة أَحْمد: عَن هشيم عَن يُونُس بن عبيد عَن زِيَاد بن جُبَير: (رَأَيْت رجلا جَاءَ إِلَى ابْن عمر) ، فَذكره، وَفِي رِوَايَة لَهُ عَن إِسْمَاعِيل عَن يُونُس بِسَنَدِهِ: (سَأَلَ رجل ابْن عمر، وَهُوَ يمشي بمنى) . قَوْله: (قَالَ: أَظُنهُ) أَي: قَالَ الرجل الجائي: أَظُنهُ قَالَ يَوْم الْإِثْنَيْنِ، فَهَذَا يدل على أَن الْقَضِيَّة لَيست للرجل الجائي، لِأَنَّهُ قَالَ: (فَقَالَ رجل: نذرت) ، وَرِوَايَة مُسلم الَّتِي ذَكرنَاهَا الْآن تدل على أَن الْقَضِيَّة للرجل الجائي حَيْثُ قَالَ زِيَاد بن جُبَير: (كنت مَعَ ابْن عمر فَسَأَلَهُ رجل، فَقَالَ: نذرت أَن أَصوم) الحَدِيث، وَكَذَلِكَ فِي رِوَايَة البُخَارِيّ عَن يزِيد بن زُرَيْع، وَقد مضى الْآن. قَوْله: (فَوَافَقَ ذَلِك) أَي: وَافق نَذره بِصَوْم يَوْم عيد. قَوْله: (فَقَالَ ابْن عمر) إِلَى آخِره: حَاصله أَن ابْن عمر توقف عَن الْجَزْم بجوابه، لتعارض الْأَدِلَّة عِنْده، وَيحْتَمل أَنه عرض للسَّائِل: بِأَن الِاحْتِيَاط لَك الْقَضَاء، فتجمع بَين أَمر الله وَهُوَ قَوْله: {فليوفوا نذورهم} (الْحَج: ٩٢) . وَبَين أَمر رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَهُوَ أمره بترك صَوْم يومي الْعِيد، وَقَالَ الْخطابِيّ: قد تورع ابْن عمر عَن قطع الْفتيا فِيهِ. انْتهى. وَقيل: إِذا تلاقى الْأَمر وَالنَّهْي فِي مَحل قدم النَّهْي. وَقيل: يحْتَمل أَن يكون ابْن عمر أَرَادَ أَن كلاًّ من الدَّلِيلَيْنِ يعْمل بِهِ، فيصوم يَوْمًا مَكَان يَوْم النّذر، وَيتْرك صَوْم يَوْم الْعِيد. وَقيل: إِن ابْن عمر نبه على أَن الْوَفَاء بِالنذرِ عَام، وَالْمَنْع من صَوْم يَوْم الْعِيد خَاص، فَكَأَنَّهُ أفهمهُ أَنه يقْضِي بالخاص على الْعَام، ورد عَلَيْهِ بِأَن النَّهْي عَن صَوْم يَوْم الْعِيد فِيهِ أَيْضا عُمُوم للمخاطبين، وَلكُل عيد، فَلَا يكون من حمل الْخَاص على الْعَام.

٥٩٩١ - حدَّثنا حَجَّاجُ بنُ مِنْهَالٍ قَالَ حدَّثنا شُعْبَةُ قَالَ حدَّثنا عَبْدُ المَلِكِ بنُ عُمَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ قَزَعَةَ قَالَ سَمِعْتُ أبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ وكانَ غَزَا مَعَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثِنْتَيْ عَشْرَةَ غَزْوَةً قَالَ سَمِعْتُ أرْبَعا مِنَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأعْجَبْنَنِي قَالَ لَا تُسَافِرِ المَرأةُ مَسِيرَةَ يَوْمَيْنِ إلَاّ ومَعَهَا زَوْجُهَا أوْ ذُو مَحْرَمٍ ولَا صَوْمَ فِي يَوْمَيْنِ الْفِطْرِ والأضْحَى ولَا صَلَاةَ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ ولَا بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ ولَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلَاّ إلَى ثَلَاثَةِ مَساجِدَ مَسْجِدِ الحَرَامِ ومَسْجِدِ الأقْصَى ومَسْجِدي هَذا. .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَلَا صَوْم فِي يَوْمَيْنِ الْفطر والأضحى) وَهَذَا الحَدِيث بِعَيْنِه قد مضى فِي أَوَاخِر الصَّلَاة فِي: بَاب مَسْجِد بَيت الْمُقَدّس، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن أبي الْوَلِيد عَن شعبه عَن عبد الْملك عَن قزعة مولى زِيَاد، قَالَ: سَمِعت أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ ... إِلَى آخِره. وَقَوله: (وَكَانَ غزا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثِنْتَيْ عشرَة غَزْوَة) ، لَيْسَ هُنَاكَ. وَبعد قَوْله: (فأعجبنني وآنقني) هُنَاكَ، وَالْبَاقِي سَوَاء، وَقد بسطنا الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ مستقصىً.

وقزعة، بِفَتْح الْقَاف وَالزَّاي وَالْعين الْمُهْملَة: هُوَ ابْن يحيى، وَهَذَا الحَدِيث مُشْتَمل على أَحْكَام، وَالْغَرَض من إِيرَاده هُنَا حكم الصَّوْم. وَقَالَ بَعضهم: وَاسْتدلَّ بِهِ على جَوَاز صِيَام أَيَّام التَّشْرِيق للإقتصار فِيهِ على ذكر يومي الْفطر والنحر خَاصَّة! قلت: لَا يحْتَاج إِلَى هَذَا الِاسْتِدْلَال، لِأَن الأَصْل جَوَاز الصَّوْم فِي الْأَيَّام كلهَا، وَلَكِن جَاءَ النَّهْي عَن صَوْم يومي الْفطر والأضحى وَصَوْم أَيَّام التَّشْرِيق أَيْضا على مَا يَجِيء بَيَانه مَعَ الْخلاف فِيهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>