للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يصُومُهُ فَلَمَّا قَدِمَ المَدينَةَ صامَهُ وأمَرَ بِصِيامِهِ فَلَمَّا فرِضَ رَمضانُ تَرَكَ يَوْمَ عاشُورَاءَ فَمَنْ شاءَ صامَهُ ومَنْ شاءَ تَرَكَهُ. .

مطابقته للتَّرْجَمَة مثل مُطَابقَة الحَدِيث الَّذِي مضى فِي أول الْبَاب، وَهُوَ طَرِيق آخر عَن عَائِشَة. قَوْله: (تصومه قُرَيْش فِي الْجَاهِلِيَّة) ، يَعْنِي: قبل الْإِسْلَام. قَوْله: (وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَصُومهُ) ، يَعْنِي: قبل الْهِجْرَة، وَقَالَ بَعضهم: إِن أهل الْجَاهِلِيَّة كَانُوا يصومونه، وَأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَصُومهُ فِي الْجَاهِلِيَّة، أَي: قبل أَن يُهَاجر إِلَى الْمَدِينَة. انْتهى. قلت: هَذَا كَلَام غير موجه لِأَن الْجَاهِلِيَّة إِنَّمَا هِيَ قبل الْبعْثَة، فَكيف يَقُول: وَإِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَصُومهُ فِي الْجَاهِلِيَّة؟ ثمَّ يفسره بقوله: أَي (قبل الْهِجْرَة) وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَقَامَ نَبيا فِي مَكَّة ثَلَاثَة عشرَة سنة؟ فَكيف يُقَال: صَوْمه كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة؟ قَوْله: (فَلَمَّا قدم الْمَدِينَة) ، وَكَانَ قدومه فِي ربيع الأول. قَوْله: (صَامَهُ) أَي: صَامَ يَوْم عَاشُورَاء على عَادَته.

والْحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ أَيْضا بِإِسْنَاد البُخَارِيّ، وَهَذَا أَيْضا يدل على النّسخ.

ح دَّثنا عَبْدُ الله بنُ مَسْلَمَةَ عنْ مالِكٍ عنِ ابنِ شِهَابٍ عنْ حُمَيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمانِ أنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ بنَ أبِي سُفْيانَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا يَوْمَ عاشُوراءَ عامَ حَجَّ عَلَى المِنْبَرِ يقُولُ يَا أهْلَ المَدِينَةِ أيْنَ عُلَماؤكُمْ سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُ هَذَا يَوْمُ عاشُوراءَ ولَمْ يُكْتَبُ عَلَيُكمَ صِيامهُ وَأَنا صَائِمٌ فَمَنْ شاءَ فَلْيَصُمْ ومنْ شاءَ فلْيُفْطِرْ.

مطابقته للتَّرْجَمَة مثل مُطَابقَة مَا قبله، وَحميد بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف.

وَأخرجه مُسلم فِي الصَّوْم أَيْضا عَن حَرْمَلَة وَعَن أبي الطَّاهِر وَعَن ابْن أبي عمر. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن قُتَيْبَة عَن سُفْيَان بِهِ وَعَن مُحَمَّد بن مَنْصُور وَعَن أبي دَاوُد الْحَرَّانِي.

قَوْله: (عَام حج) قَالَ الطَّبَرِيّ: أَي أول حجَّة حَجهَا مُعَاوِيَة بعد أَن اسْتخْلف، كَانَت فِي أَربع وَأَرْبَعين، وَآخر حجَّة حَجهَا سنة سبع وَخمسين. وَقَالَ بَعضهم: وَالَّذِي يظْهر أَن المُرَاد بهَا فِي هَذَا الحَدِيث الْحجَّة الْأَخِيرَة. قلت: يحْتَمل هَذِه الْحجَّة وَيحْتَمل تِلْكَ الْحجَّة، وَلَا دَلِيل على الظُّهُور أَن حجَّته الَّتِي قَالَ فِيهَا مَا قَالَ كَانَت هِيَ الْأَخِيرَة. قَوْله: (على الْمِنْبَر) يتَعَلَّق بقوله: (سمع) ، أَي: سَمعه حَال كَونه على الْمِنْبَر بِالْمَدِينَةِ، وَصرح يُونُس فِي رِوَايَته بِالْمَدِينَةِ، وَلَفظه: يُونُس عَن ابْن شهَاب قَالَ: (أَخْبرنِي حميد بن عبد الرَّحْمَن أَنه سمع مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان خَطِيبًا بِالْمَدِينَةِ) يَعْنِي: فِي قدمة قدمهَا خطبهم يَوْم عَاشُورَاء ... الحَدِيث، رَوَاهُ مُسلم عَن حَرْمَلَة عَن ابْن وهب عَن يُونُس. قَوْله: (أَيْن عُلَمَاؤُكُمْ؟) قا النَّوَوِيّ الظَّاهِر إِنَّمَا قَالَ هَذَا لما سمع من يُوجِبهُ أَو يحرمه أَو يكرههُ، فَأَرَادَ إعلامهم بِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِب وَلَا محرم وَلَا مَكْرُوه. وَقَالَ ابْن التِّين: يحْتَمل أَن يُرِيد استدعاء موافقتهم، أَو بلغه أَنهم يرَوْنَ صِيَامه فرضا أَو نفلا أَو للتبليغ. قَوْله: (لم يكْتب) ، أَي: لم يكْتب الله تَعَالَى عَلَيْكُم صِيَامه، وَهَذَا كُله من كَلَام النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، كَمَا بَينه النَّسَائِيّ فِي رِوَايَته. قَوْله: (وَأَنا صَائِم) ، فِيهِ دَلِيل على فضل صَوْم يَوْم عَاشُورَاء لِأَنَّهُ لم يَخُصُّهُ بقوله: (وَأَنا صَائِم) إلَاّ لفضل فِيهِ، وَفِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة.

٤٠٠٢ - حدَّثنا أبُو مَعْمَرٍ قَالَ حَدثنَا عَبدُ الوَارِثِ قَالَ حدَّثنا أيُّوبُ قَالَ حدَّثنا عبْدُ الله ابنُ سَعِيدٍ بنِ جُبَيْرٍ عنْ أبيهِ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ قدِمَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم المَدِينَةَ فرَأى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عاشُورَاءَ فَقَالَ مَا هَذَا قالُوا هَذَا يَوْمٌ صالِحٌ هَذا يَوْمُ نَجَّى الله بَنِي إسْرَائيلَ مِنْ عَدُوهم فصَامَهُ مُوسَى قَالَ فأنَا أحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ فَصامَهُ وأمَرَ بِصِيامِهِ. .

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّهَا فِي مُطلق الصَّوْم يَوْم عَاشُورَاء، وَهُوَ يتَنَاوَل كل صَوْم بِيَوْم عَاشُورَاء على أَي وصف كَانَ من الْوُجُوب والاستحباب وَالْكَرَاهَة، وَظَاهر حَدِيث ابْن عَبَّاس يدل على الْوُجُوب لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَامَ وَأمر بصيامه، وَلَكِن

<<  <  ج: ص:  >  >>