للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فكُنْتُ أضرِبُ لَهُ خِبَاءً فَيُصَلِّي الصُّبْحَ ثُمَّ يَدْخُلُهُ فاسْتَأذَنَتْ حَفْصَةُ عائِشَةَ أنْ تَضْربَ خباءً فأذِنَتْ لَهَا فَضَرَبَتْ خِبَاءً فلَمَّا رَأتْهُ زَيْنَبُ ابْنَةُ جَحْشٍ ضرَبَتْ خِبَاءً آخَرَ فَلَمَّا أصْبَحَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَأى الأخْبِيَةَ فَقَالَ مَا هَذَا فأُخْبِرَ فقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم آلْبِرُّ تُرَوْنَ بِهِنَّ فتَرَكَ الاعْتِكَافَ ذَلِكَ الشَّهْرَ ثُمَّ اعْتَكَفَ عَشْرا مِنْ شَوَّالٍ..

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي ضرب حَفْصَة وَزَيْنَب خباء فِي مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للاعتكاف، وَأَبُو النُّعْمَان مُحَمَّد بن الْفضل السدُوسِي، وَيحيى هُوَ ابْن سعيد الْأنْصَارِيّ، وَعمرَة بنت عبد الرَّحْمَن الْأَنْصَارِيَّة، وَقد مرت غير مرّة.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الصَّوْم عَن عبد الله بن يُوسُف عَن مَالك وَعَن مُحَمَّد بن سَلام عَن مُحَمَّد بن فُضَيْل وَعَن مُحَمَّد بن مقَاتل عَن عبد الله عَن الْأَوْزَاعِيّ على مَا سَيَأْتِي كُله، وَأخرجه مُسلم فِيهِ ن يحيى بن يحيى وَعَن ابْن أبي عَمْرو عَن سَلمَة بن شبيب وَعَن عَمْرو ابْن سَواد وَعَن مُحَمَّد بن رَافع وَعَن زُهَيْر بن حَرْب وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن هناد. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الصَّلَاة عَن أبي دَاوُد الْحَرَّانِي. وَفِي الِاعْتِكَاف عَن مُحَمَّد بن مَنْصُور وَعَن أَحْمد بن سُلَيْمَان. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الصَّوْم عَن أبي بكر بن أبي شيبَة، وَفِي ألفاظهم اخْتِلَاف، وَالْمعْنَى مُتَقَارب.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (عَن عمْرَة) ، وَفِي رِوَايَة الْأَوْزَاعِيّ الَّتِي تَأتي فِي أَوَاخِر الِاعْتِكَاف: (عَن يحيى بن سعيد حَدَّثتنِي عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن) . قَوْله: (عَن عَائِشَة) وَفِي رِوَايَة أبي عوَانَة من طَرِيق عَمْرو بن الْحَارِث: (عَن يحيى ابْن سعيد عَن عمْرَة حَدَّثتنِي عَائِشَة) . قَوْله: (خباء) ، بِكَسْر الْخَاء الْمُعْجَمَة وبالمد: هُوَ الْخَيْمَة من وبر أَو صُفُوف، وَلَا يكون من الشّعْر، وَهُوَ على عمودين أَو ثَلَاثَة، وَيجمع على الأخبية نَحْو: الْخمار والأخمرة. قَوْله: (فَيصَلي الصُّبْح ثمَّ يدْخلهُ) ، أَي: الخباء. وَفِي رِوَايَة ابْن فُضَيْل عَن يحيى بن سعيد الَّتِي تَأتي فِي: بَاب الِاعْتِكَاف فِي شَوَّال: (كَانَ يعْتَكف فِي كل رَمَضَان، فَإِذا صلى الْغَدَاة دخل) . وَاسْتدلَّ بِهِ على أَن مبدأ الِاعْتِكَاف من أول النَّهَار، وَفِيه خلاف يَأْتِي. قَوْله: (فاستأذنت حَفْصَة عَائِشَة أَن تضرب خباء) ، فحفصة هُوَ الْفَاعِل، وَعَائِشَة هُوَ الْمَفْعُول، وَكلمَة: أَن، مَصْدَرِيَّة، وَالْأَصْل: بِأَن تضرب، أَي: تضرب خباء، وَفِي رِوَايَة الْأَوْزَاعِيّ على مَا يَأْتِي: (فاستأذنته عَائِشَة فَأذن لَهَا، وَسَأَلت حَفْصَة عَائِشَة أَن تستأذن لَهَا فَفعلت) . وَفِي رِوَايَة ابْن فُضَيْل على مَا يَأْتِي: (فاستأذنته عَائِشَة أَن تعتكف فَأذن لَهَا فَضربت قبَّة، فَسمِعت بهَا حَفْصَة فَضربت قبَّة) . وَزَاد فِي رِوَايَة عَمْرو بن الْحَارِث (لتعتكف مَعَه) . وَهَذَا يشْعر بِأَنَّهَا فعلت ذَلِك بِغَيْر إِذن، وَلَكِن جَاءَ فِي رِوَايَة ابْن عُيَيْنَة عِنْد النَّسَائِيّ: (ثمَّ استأذنته حَفْصَة فَأذن لَهَا) . قَوْله: (فَلَمَّا رَأَتْهُ زَيْنَب بنت جحش ضربت خباء) . وَفِي رِوَايَة ابْن فُضَيْل: وَسمعت بهَا زَيْنَب فَضربت قبَّة أُخْرَى، وَفِي رِوَايَة عَمْرو بن الْحَارِث: (فَلَمَّا رَأَتْهُ زَيْنَب ضربت مَعَهُنَّ، وَكَانَت امْرَأَة غيورا) . قَوْله: (فَلَمَّا أصبح النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، رأى الأخبية) ، وَفِي رِوَايَة مَالك الَّتِي بعد هَذِه: (فَلَمَّا انْصَرف إِلَى الْمَكَان الَّذِي أَرَادَ أَن يعْتَكف فِيهِ، إِذا أخبية) . وَفِي رِوَايَة ابْن فُضَيْل: (فَلَمَّا انْصَرف من الْغَدَاة أبْصر أَربع قباب) ، يَعْنِي: قبه لَهُ وَثَلَاثًا للثلاث. وَفِي رِوَايَة الْأَوْزَاعِيّ: (وَكَانَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِذا صلى انْصَرف إِلَى بنائِهِ) أَي: الَّذِي بنى لَهُ ليعتكف فِيهِ، وَوَقع فِي رِوَايَة أبي مُعَاوِيَة عِنْد مُسلم وَأبي دَاوُد: (فَأمرت زَيْنَب بخبائها فَضرب، وَأمر غَيرهَا من أَزوَاج النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بخبائها فَضرب) . قَالَ بَعضهم: وَهَذَا يَقْتَضِي تَعْمِيم الْأزْوَاج بذلك، وَلَيْسَ كَذَلِك، وَقد فسرت الْأزْوَاج فِي الرِّوَايَات الْأُخْرَى: بعائشة وَحَفْصَة وَزَيْنَب فَقَط، وَبَين ذَلِك قَوْله فِي هَذِه الرِّوَايَات: أَربع قباب، وَفِي رِوَايَة ابْن عُيَيْنَة عِنْد النَّسَائِيّ: فَلَمَّا صلى الصُّبْح إِذا هُوَ أَرْبَعَة أبنية، قَالَ: لمن هَذِه؟ قَالُوا: لعَائِشَة وَحَفْصَة وَزَيْنَب، انْتهى. قلت: هَذَا الْقَائِل كَأَنَّهُ نسي كلمة: من، هَهُنَا. فَإِن، من، فِي قَوْله: من أَزوَاج النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، للتَّبْعِيض، فَمن أَيْن يَأْتِي التَّعْمِيم؟ وَمعنى قَوْله: (وَأمر غَيرهَا) أَي: غير زَيْنَب وَهِي حَفْصَة. قَوْله: (آلبر ترَوْنَ بِهن؟) الْهمزَة فِيهِ للاستفهام على سَبِيل الْإِنْكَار، وَالْبر هُوَ: الطَّاعَة وَالْخَيْر، وَهُوَ مَنْصُوب بِلَفْظ: ترَوْنَ، الْمَعْلُوم من الرَّأْي، وبلفظ الْمَجْهُول بِمَعْنى: تظنون، وَيجوز الرّفْع وإلغاء الْفِعْل لِأَنَّهُ توَسط بَين المفعولين

<<  <  ج: ص:  >  >>