للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من تزوج لبس ثوبا مصبوغا لسرورة وزواجه. وَقيل: كَانَت الْمَرْأَة تكسوه إِيَّاه. وَقيل: إِنَّه كَانَ يفعل ذَلِك ليعان على الْوَلِيمَة. وَقَالَ ابْن الْعَبَّاس: أحسن الألوان الصُّفْرَة. وَقَالَ عز وَجل: {صفراء فَاقِع لَوْنهَا تسر الناظرين} (الْبَقَرَة: ٩٦) قَالَ فقرن السرُور بالصفرة. وَلما سُئِلَ عبد الله عَن الصَّبْغ بهَا، قَالَ: رَأَيْت رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يصْبغ بهَا فَأَنا أصبغ بهَا وأحبها، وَقَالَ أَبُو عبيد: كَانُوا يرخصون فِي ذَلِك للشاب أَيَّام عرسه. وَقيل: يحْتَمل أَن ذَلِك كَانَ فِي ثَوْبه دون بدنه، وَمذهب مَالك جَوَازه، وَحَكَاهُ عَن عُلَمَاء بَلَده. وَقَالَ الشَّافِعِي وَأَبُو حنيفَة: لَا يجوز ذَلِك للرِّجَال. قَوْله: (قَالَ: وَمن؟) أَي: وَمن الَّتِي تزوجت بهَا؟ وَفِي لفظ لَهُ: (فَقَالَ لَهُ النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَهيم؟ قَالَ: تزوجت) و: مَهيم، بميم مَفْتُوحَة وهاء سَاكِنة وَفتح الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره مِيم: وَهِي كلمة يَمَانِية مَعْنَاهَا: مَا هَذَا؟ وَمَا أَمرك؟ ذكره الْهَرَوِيّ وَغَيره. قَوْله: (كم سقت؟) أَي: كم أَعْطَيْت؟ يُقَال: سَاقه إِلَيْهِ كَذَا، أَي أعطَاهُ. قَوْله: (زنة نواة) ، بِكَسْر الزَّاي، أَي: وزن نواة من ذهب. قَالَ أَبُو عبيد: النواة زنة خَمْسَة دَرَاهِم. قَالَ الْخطابِيّ: ذَهَبا كَانَ أَو فضَّة. وَعَن أَحْمد بن حَنْبَل: زنة ثَلَاثَة دَرَاهِم، وَقيل: وزن نواة التَّمْر من ذهب. وَفِي التِّرْمِذِيّ عَن أَحْمد: زنة ثَلَاثَة دَرَاهِم وَثلث، وَقيل: النواة ربع دِينَار. وَعَن بعض الْمَالِكِيَّة: هِيَ ربع دِينَار. قَوْله: (أولم) أَمر، أَي: اتخذ وَلِيمَة، وَهِي الطَّعَام الَّذِي يصنع عِنْد الْعرس. وَمن ذهب إِلَى إِيجَابهَا أَخذ بِظَاهِر الْأَمر، وَهُوَ مَحْمُول عِنْد الْأَكْثَر على النّدب. وَفِي (التَّلْوِيح) : والوليمة فِي الْعرس مُسْتَحبَّة، وَبِه قَالَ الشَّافِعِي، وَفِي رِوَايَة عَنهُ: وَاجِبَة، وَهُوَ قَول دَاوُد، وَقتهَا بعد الدُّخُول، وَقيل: عِنْد العقد، وَعَن ابْن حبيب: استحبابها عِنْد العقد وَعند الدُّخُول، وَأَن لَا ينقص عَن شَاة. قَالَ القَاضِي: الْإِجْمَاع أَنه لَا حد لقدرها المجزىء. وَقَالَ الْخطابِيّ: إِنَّهَا قدر الشَّاة لمن قدر عَلَيْهَا، فَمن لم يقدر فَلَا حرج عَلَيْهِ، فقد أولم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالسويق وَالتَّمْر على بعض نِسَائِهِ، وكرهت طَائِفَة الْوَلِيمَة أَكثر من يَوْمَيْنِ، وَعَن مَالك أسبوعا.

٩٤٠٢ - حدَّثنا أحْمَدُ بنُ يُونُسَ قَالَ حَدثنَا زُهَيْرٌ قَالَ حدَّثنا حَمِيدٌ عَن أنسٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ قَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمانُ بنُ عَوْفٍ المَدِينَةَ فآخى النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَيْنَهُ وبَيْنَ سَعْدِ بنِ الرَّبِيعِ الأنْصَارِيِّ وكانَ سَعْدٌ ذَا غِنًى فَقَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمانِ أُقَاسِمُكَ مالِي نِصْفَيْن وأُزَوِّجُكَ قَالَ بارَكَ الله لَكَ فِي أهْلِكَ ومالِكَ دُلُّونِي علَى السُّوقِ فَمَا رجَعَ حَتَّى اسْتَفْضَلَ أقِطا وسَمْنا فَأتى بِهِ أهْلَ مَنْزِلِهِ فَمَكَثْنَا يَسيرا أوْ مَا شاءَ الله فجاءَ وَعَلَيْهِ وضَرٌ مِنْ صُفْرَةٍ فَقَالَ لَهُ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَهْيَمْ قَالَ يَا رسولَ الله تَزَوَّجْتُ امْرَأَة مِنَ الأنْصَارِ قَالَ مَا سُقْتُ إلَيْهَا قَالَ نَوَاةً مِنْ ذَهَبٍ أوْ وَزْنَ نَواةٍ مِنْ ذَهَبٍ قَالَ أوْلِمْ ولوْ بِشَاةٍ. .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (دلوني على السُّوق) ، فَإِنَّهُ مَا طلب السُّوق إلَاّ للتِّجَارَة، وَأحمد بن يُونُس هُوَ أَحْمد بن عبد الله بن يُونُس بن عبد الله، أَبُو عبد الله التَّمِيمِي اليربوي الْكُوفِي، وَزُهَيْر تَصْغِير: زهر بن مُعَاوِيَة الْجعْفِيّ، وَحميد هُوَ الطَّوِيل.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (قدم عبد الرَّحْمَن) ، ويروى: (لما قدم) . قَوْله: (فآخى) ، من المؤاخاة، قَوْله: (فَمَا رَجَعَ حَتَّى استفضل) ، أَي: ربح. يُقَال: أفضلت مِنْهُ الشَّيْء واستفضلته إِذا أفضلت مِنْهُ شَيْئا. قَوْله: (وَعَلِيهِ وضر من صفرَة) ، بِفَتْح الْوَاو وَالضَّاد الْمُعْجَمَة: وَهُوَ التلطخ بخلوق أَو طيب لَهُ لون، وَقد ذَكرْنَاهُ فِي الحَدِيث السَّابِق، وَكَذَا مر تَفْسِير: مَهيم. قَوْله: (أَو وزن نواة) . شكّ من الرَّاوِي.

وَفِي هَذَا الحَدِيث مَا يدل على أَنه لَا بَأْس للشريف أَن يتَصَرَّف فِي السُّوق بِالْبيعِ وَالشِّرَاء، ويتعفف بذلك عَمَّا يبذله من المَال وَغَيره. وَفِيه: الْأَخْذ بالشدة على نَفسه فِي أَمر معاشه. وَفِيه: أَن الْعَيْش من الصناعات أولى بنزاهة الْأَخْلَاق من الْعَيْش من الهبات وَالصَّدقَات وشبههما. وَفِيه: الْبركَة للتِّجَارَة. وَفِيه: المؤاخاة على التعاون فِي أَمر الله تَعَالَى، وبذل المَال لمن يؤاخى عَلَيْهِ.

٠٥٠٢ - حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدثنَا سُفْيَانُ عنْ عَمْرٍ وعنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ كانَتْ عُكَاظٌ ومَجِنَّة وذُو المَجَازِ أسْوَاقا فِي الجاهِلِيَّةِ فَلَمَّا كانِ الإسْلَامُ فكَأنَّهُمْ تَأثَّمُوا فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>