للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأَرْض الهيام بِالْفَتْح تُرَاب يخالطه رمل ينشف المَاء نشفا، وَفِي تَقْدِيره وَجْهَان: أَحدهمَا: أَن الهيم جمع هيام، جمع على فعل ثمَّ خفف وَكسرت الْهَاء لأجل الْيَاء. وَالثَّانِي: أَن يذهب إِلَى الْمَعْنى، وَأَن المُرَاد: الرمال الهيم، وَهِي الَّتِي لَا تُروى. يُقَال: رمل أهيم. قَوْله: (أَو الأجرب) أَي: أَو شِرَاء الأجرب من الْإِبِل. وَفِي رِوَايَة النَّسَفِيّ: والأجرب، بِدُونِ الْهمزَة. وَقَالَ بَعضهم: وَهُوَ من عطف الْمُنْفَرد على الْجمع فِي الصّفة لِأَن الْمَوْصُوف هُنَا الْإِبِل، وهم اسْم جنس صَالح للْجمع والمفرد. قلت: قَالَ صَاحب (الْمُخَصّص) : الْإِبِل اسْم وَاحِد لَيْسَ بِجمع وَلَا اسْم جمع، وَإِنَّمَا هُوَ دَال عَلَيْهِ، وَجَمعهَا آبال. وَعَن سِيبَوَيْهٍ قَالُوا: إبلان، لِأَنَّهُ اسْم لم يكسر عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يُرِيدُونَ قطيعين. قَوْله: (الهائم الْمُخَالف للقصد فِي كل شَيْء) أَي: يهيم وَيذْهب على وَجهه. وَقَالَ ابْن التِّين: وَلَيْسَ الهائم وَاحِد الهيم، فَانْظُر لم أَدخل البُخَارِيّ هَذَا فِي تبويبه؟ وَأجِيب: عَن هَذَا: بِأَن البُخَارِيّ لما رأى أَن الهيم من الْإِبِل كَالَّذي قَالَه النَّضر بن شُمَيْل، شبهها بِالرجلِ الهائم من الْعِشْق، فَقَالَ: الهائم الْمُخَالف للقصد فِي كل شَيْء، فَكَذَلِك الْإِبِل الهيم تخَالف الْقَصْد فِي قِيَامهَا وقعودها ودورها مَعَ الشَّمْس كالحرباء.

٩٩٠٢ - حدَّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله قَالَ حدَّثنا سُفْيانُ قَالَ قَالَ عَمْرٌ وَكَانَ هَهُنا رَجُلٌ إسْمُهُ نَوَّاسٌ وكانَتْ عِنْدَهُ إبِلٌ هِيمٌ فَذَهَبَ ابنُ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا فاشْتَرَى تِلْكَ الإبِلَ مِنُ شَرِيكٍ لَهُ فَجاءَ إلَيْهِ شَرِيكُهُ فَقَالَ بِعْنَا تِلْكَ الإِبِلَ فَقَالَ مِمَّنْ بِعْتَها قَالَ من شَيْخٍ كذَا وكَذا فَقَالَ ويْحَكَ ذَاكَ وَالله ابنُ عُمَرَ فَجَاءَهُ فَقَالَ إنَّ شَرِيكِي باعَكَ إبِلاً هِيما ولَمْ يعْرِفْكَ قَالَ فاسْتَقْها قَالَ فَلَمَّا ذَهَبَ يَسْتَاقُها فَقال دَعْها رَضِينا بِقَضَاءِ رَسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا عَدْوَى سَمِعَ سُفْيَانُ عَمْرا. .

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن فِيهِ شِرَاء الْإِبِل الهيم، وَهُوَ شِرَاء عبد الله بن عمر. وَهَذَا الحَدِيث من أَفْرَاد البُخَارِيّ، وعَلى هُوَ ابْن عبد الله، الْمَعْرُوف بِابْن الْمدنِي وَفِي بعض النّسخ حَدثنَا عَليّ بن عبد الله وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَعَمْرو هُوَ ابْن دِينَار الْمَكِّيّ.

قَوْله: (كَانَ هَهُنَا) ، أَي: بِمَكَّة، وَفِي رِوَايَة ابْن أبي عمر عَن سُفْيَان عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ: من أهل مَكَّة. قَوْله: (نواس) ، بِفَتْح النُّون وَتَشْديد الْوَاو، وَفِي آخِره نون، وَقَالَ ابْن قرقول: هَكَذَا هُوَ عِنْد الْأصيلِيّ، والكافة، وَعند الْقَابِسِيّ بِكَسْر النُّون وَتَخْفِيف الْوَاو، وَعند الْكشميهني: (نواسي) ، بِالْفَتْح وَالتَّشْدِيد وياء النّسَب. قَوْله: (فجَاء إِلَيْهِ) أَي: إِلَى نواس. قَوْله: (قَالَ: من شيخ) . ويروى: (فَقَالَ: من شيخ) ، بِالْفَاءِ. قَوْله: (وَيحك) كلمة: وَيْح، تقال لمن وَقع فِي هلكة لَا يَسْتَحِقهَا، بِخِلَاف: ويل، فَإِنَّهَا للَّذي يَسْتَحِقهَا وَذكر ابْن سَيّده أَنَّهَا كلمة تقال للرحمة وَكَذَلِكَ وَقيل وَيْح تقبيح وَفِي الْجَامِع هُوَ مصدر لافعل لَهُ وَفِي الصِّحَاح لَك أَن تَقول: ويحا لزيد. وويح لزيد. وَلَك أَن تَقول: وَيحك وويح زيد. قَوْله: (ذَاك) أَي: الرجل الَّذِي بعث الْإِبِل الهيم لَهُ وَالله ابْن عمر. قَوْله: (وَلم يعرفك) ، بِفَتْح الْيَاء، ويروى عَن الْمُسْتَمْلِي: (وَلم يعرفك) ، بِضَم الْيَاء: من التَّعْرِيف، يَعْنِي: لم يعلمك بِأَنَّهَا هيم. قَوْله: (فاستقها) ، بِصِيغَة الْأَمر. قَالَ الْكرْمَانِي من السَّوق. قلت: لَا بل هُوَ أَمر من الاستياق، وَالْقَائِل بِهِ هُوَ ابْن عمر، وَهَذَا يحْتَمل أَن يكون قَالَه مجمعا على رد الْمَبِيع أَو مختبرا هَل الرجل مسْقط لَهَا أم لَا؟ . قَوْله: (فَلَمَّا ذهب) أَي: شريك نواس. قَوْله: (يستاقها) جملَة حَالية. قَوْله: (فَقَالَ: دعها) ، أَي: قَالَ ابْن عمر: دع الْإِبِل وَلَا تستقها. قَوْله: (لَا عدوى) ، تَفْسِير لقَوْله: (رَضِينَا بِقَضَاء رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) ، يَعْنِي بِحكمِهِ بِأَنَّهُ لَا عدوى، وَهُوَ اسْم من الإعداء، يُقَال: أعداه الدَّاء يعديه إعداء. وَهُوَ أَن يُصِيبهُ مَا بِصَاحِب الدَّاء، وَذَلِكَ أَن يكون بِبَعِير جرب مثلا فيتقي مخالطته بِإِبِل أُخْرَى حذار أَن يتَعَدَّى مَا بِهِ من الجرب إِلَيْهَا فيصيبها مَا أَصَابَهُ، وَقد أبْطلهُ الشَّارِع بقوله: (لَا عدوى) ، يَعْنِي: لَيْسَ الْأَمر كَذَلِك، وَإِنَّمَا الله، عز وَجل، هُوَ الَّذِي يمرض وَينزل الدَّاء، وَلِهَذَا قَالَ فِي الحَدِيث: (فَمن أعدى الْبَعِير الأول؟) أَي: من أَيْن صَار فِيهِ الجرب؟ وَقَالَ الْجَوْهَرِي: الْعَدْوى مَا يعدى من جرب أَو غَيره، وَهُوَ مجاوزته من صَاحبه إِلَى غَيره، والعدوى أَيْضا طَلَبك إِلَى والٍ ليعديك على من ظلمك، أَي: ينْتَقم مِنْهُ. وَقيل: معنى: لَا عدوى، هُنَا رضيت بِهَذَا البيع على مَا فِيهِ من الْعَيْب، وَلَا أعدي على البَائِع حَاكما. وَاخْتَارَ

<<  <  ج: ص:  >  >>