للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهب عَنهُ: أَنه رأى فِي الْمَنَام كَأَن فِي إِحْدَى يَدَيْهِ عسلاً، وَفِي الْأُخْرَى سمنا، وَكَأَنَّهُ يلعقهما، فَأصْبح فَذكر ذَلِك للنَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: تقْرَأ الْكِتَابَيْنِ التَّوْرَاة وَالْقُرْآن، فَكَانَ يقرؤهما. قَوْله: (قَالَ: أجل) ، بِفَتْح الْهمزَة وَالْجِيم وباللام، من حُرُوف الإيحاب جَوَاب مثل: نعم، فَيكون تَصْدِيقًا للمخبر، وإعلاما للمستخبر، ووعدا للطَّالِب، وَمن يُجيب عَن قَول الْكرْمَانِي شَرطه أَن يكون تَصْدِيقًا للمخبر وَهنا لَيْسَ كَذَلِك. قَوْله: (وَالله إِنَّه لموصوف) أكد كَلَامه بالمؤكدات وَهِي: الْحلف بِاللَّه، وَبِالْجُمْلَةِ الإسمية، وبدخول: إِن، عَلَيْهَا، وبدخول لَام التَّأْكِيد على الْخَبَر. قَوْله: {يَا أَيهَا النَّبِي إِنَّا أَرْسَلْنَاك شَاهدا وَمُبشرا وَنَذِيرا} (الْأَحْزَاب: ٥٤) . هَذَا كُله فِي الْقُرْآن فِي سُورَة الْأَحْزَاب وَتَمام الْآيَة {وداعيا إِلَى الله بِإِذْنِهِ وسراجا منيرا} (الْأَحْزَاب: ٦٤) . قَوْله: {شَاهدا} أَي: لأمتك الْمُؤمنِينَ بتصديقهم وعَلى الْكَافرين بتكذيبهم، أَي: مَقْبُولًا قَوْلك عِنْد الله لَهُم وَعَلَيْهِم، كَمَا يقبل قَول شَاهد الْعدْل فِي الحكم. فَإِن قلت: انتصاب: شَاهدا، بِمَاذَا؟ قلت: على الْحَال الْمقدرَة، كَمَا فِي قَوْلك: مَرَرْت بِرَجُل مَعَه صقر صائدا غَدا، أَي: مُقَدرا بِهِ الصَّيْد غَدا. قَوْله: {وَمُبشرا} أَي: للْمُؤْمِنين. {نذيرا} للْكَافِرِينَ {وداعيا إِلَى الله} أَي: إِلَى توحيده. قَوْله: {بِإِذْنِهِ} أَي: بأَمْره لَك بِالدُّعَاءِ. وَقيل: بِإِذْنِهِ بتوفيقه. {وسراجا} جلى بِهِ الله ظلمات الْكفْر فاهتدى بِهِ الضالون، كَمَا يجلى ظلام اللَّيْل بالسراج الْمُنِير ويهتدي بِهِ، وَصفه بالإنارة لِأَن من السراج مَا لَا يضيء إِذا قل سليطه، أَي: زيته، ودقت فتيلته. قَوْله: {وحرزا} بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة، أَي: حَافِظًا، والحرز فِي الأَصْل الْموضع الْحصين، فاستعير لغيره. وسمى التعويذ أَيْضا حرْزا، وَالْمعْنَى: حَافِظًا لدين الْأُمِّيين، يُقَال: حرزت الشَّيْء أحرزه حرْزا: إِذا حفظته وضممته إِلَيْك وصنته عَن الْأَخْذ، والأميُّون: الْعَرَب، لِأَن الْكِتَابَة كَانَت عِنْدهم قَليلَة. قَوْله: (سميتك المتَوَكل) يَعْنِي لقناعته باليسير من الرزق واعتماده على الله تَعَالَى فِي الرزق والنصر وَالصَّبْر على انْتِظَار الْفرج، وَالْأَخْذ بمحاسن الْأَخْلَاق وَالْيَقِين بِتمَام وعد الله، فتوكل عَلَيْهِ فَسمى المتَوَكل. قَوْله: (لَيْسَ بِفَظٍّ) ، أَي: سيىء الْخلق. (وَلَا غليظ) أَي: شَدِيد فِي القَوْل، وَقَول الْقَائِل لعمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَنْت أفظ وَأَغْلظ من رَسُول. قيل: لم يَأْتِ أفعل هُنَا للمفاضلة بَينه وَبَين من أشرك مَعَه، بل بِمَعْنى: أَنْت فظ غليظ، على الْجُمْلَة لَا على التَّفْصِيل، وَهَهُنَا الْتِفَات لِأَن الْقيَاس يَقْتَضِي الْخطاب بِأَن يُقَال: وَلست، وَلَكِن الْتفت من الْخطاب إِلَى الْغَيْبَة. قَوْله: (وَلَا سخاب) على وزن: فعال، بِالتَّشْدِيدِ من السخب، وَفِي (التَّلْوِيح) : وَفِيه ذمّ الْأَسْوَاق وَأَهْلهَا الَّذين يكونُونَ بِهَذِهِ الصّفة المذمومة من الصخب واللغط. وَالزِّيَادَة فِي المدحة والذم لما يتبايعونه، والأيمان الحانثة، وَلِهَذَا قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (شَرّ الْبِقَاع الْأَسْوَاق) ، لما يغلب على أَهلهَا من هَذِه الْأَحْوَال المذمومة. انْتهى. قلت: لَيْسَ فِيهِ الذَّم إلَاّ لأهل السُّوق الموصوفين بِهَذِهِ الصِّفَات، وَلَيْسَ فِيهِ الذَّم لنَفس الْأَسْوَاق ظَاهرا، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ عَن قريب. قَوْله: (وَلَا يدْفع بِالسَّيِّئَةِ السَّيئَة) أَي: لَا يسيء إِلَى من أَسَاءَ إِلَيْهِ، على سَبِيل المجازاة الْمُبَاحَة مَا لم تنتهك حُرْمَة الله تَعَالَى، لَكِن يَأْخُذ بِالْفَضْلِ. قَوْله: (حَتَّى يُقيم بِهِ) ، أَي: حَتَّى ينقى بِهِ الشّرك وَيثبت التَّوْحِيد. قَوْله: (الْملَّة العوجاء) ، هِيَ مِلَّة الرب، ووصفها بالعوج لما دخل فِيهَا من عبَادَة الْأَصْنَام وتغييرهم مِلَّة إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، عَن استقامتها، وإمالتهم بعد قوامها. وَالْمرَاد من إِقَامَتهَا: إخْرَاجهَا من الْكفْر إِلَى الْإِيمَان. قَوْله: (أعينا عميا) ، الْأَعْين جمع عين، والعمي، بِضَم الْعين جمع عمياء. قَالَ ابْن التِّين: كَذَا للأصيلي، يَعْنِي: جعل عميا صفة للأعين، وَفِي بعض رِوَايَات الشَّيْخ أبي الْحسن: أعين عمي، بِالْإِضَافَة و: عمي، على هَذِه الرِّوَايَة جمع أعمى. قَوْله: (وآذانا صمًّا) كَذَلِك بالروايتين. إِحْدَاهمَا: يكون الصم جمع صماء صفة للآذان، وَالْأُخْرَى: يكون وآذان صم، بِالْإِضَافَة. فعلى هَذَا يكون الصم جمع أَصمّ. قَوْله: (وَقُلُوبًا غلفًا) ، وَقع فِي رِوَايَة النَّسَفِيّ وَالْمُسْتَمْلِي: والغلف، بِضَم الْغَيْن الْمُعْجَمَة جمع أغلف، سَوَاء كَانَ مُضَافا أَو غير مُضَاف، وَترك الْإِضَافَة فِيهِ بيِّن، والآن يَجِيء تَفْسِيره.

تابَعَهُ عَبْدُ العَزِيزِ بنُ أبِي سَلَمَةَ عنْ هِلالٍ

أَي: تَابع فليحا عبد الْعَزِيز بن أبي سَلمَة عَن هِلَال فِي رِوَايَته عَن عَطاء، وَأخرج البُخَارِيّ هَذِه الْمُتَابَعَة مُسندَة، فَقَالَ: حَدثنَا عبد الله حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن أبي سَلمَة عَن هِلَال بن أبي هِلَال عَن عَطاء بن يسَار عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ: إِن هَذِه الْآيَة الَّتِي فِي الْقُرْآن: {يَا أَيهَا النَّبِي إِنَّا أَرْسَلْنَاك. .} (الْأَحْزَاب: ٥٤) . الحَدِيث. أخرجه فِي سُورَة الْفَتْح، وَعبد الله شَيْخه هُوَ ابْن سَلمَة، قَالَه أَبُو عَليّ بن السكن، وَقَالَ أَبُو مَسْعُود الدِّمَشْقِي: هُوَ عبد الله بن مُحَمَّد بن رَجَاء، وَقَالَ الجياني: هُوَ عبد الله بن عبد الله بن صَالح

<<  <  ج: ص:  >  >>