أَن الله تَعَالَى نهتلى أرجأ تعذيبهم على المعاضي، أَي: أَخّرهُ عَنْهُم، وَكَذَلِكَ المرجئة تهمز وَلَا تهمز، وَقَالَ ابْن الْأَثِير، وَفِي الْخطابِيّ على اخْتِلَاف نسخه: مرجَّى، بِالتَّشْدِيدِ.
قَالَ أبُو عَبْدُ الله مُرْجَؤُنَ أيْ مُؤخِّرُونَ
أَبُو عبد الله هُوَ البُخَارِيّ نَفسه، هَذَا التَّفْسِير مُوَافق لتفسير أبي عُبَيْدَة حَيْثُ قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَآخَرُونَ مرجؤون لأمر الله} (التَّوْبَة: ٦٠١) . يُقَال: أرجأتك أَي: أخرتك، وَأَرَادَ بِهِ البُخَارِيّ شرح قَول ابْن عَبَّاس: وَالطَّعَام مرجأ، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ، وَهَذَا فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي وَحده، وَلَيْسَ فِي رِوَايَة غَيره شَيْء من ذَلِك.
٣٣١٢ - حدَّثنا أبُو الوَلِيدِ قَالَ حدَّثنا شُعْبَةُ قَالَ حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ دِينارٍ قَالَ سَمِعْتُ ابنَ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا يقُولُ قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم منْ ابْتاعَ طَعَاما فَلَا يَبِيعُهُ حَتَّى يِقْبِضَهُ.
مطابقته للتَّرْجَمَة مثل مَا ذكرنَا فِي مُطَابقَة الحَدِيث السَّابِق، وَهَذَا الحَدِيث عَن ابْن عمر قد مر فِي: بَاب الْكَيْل على البَائِع، غير أَن رِجَاله هُنَاكَ: عَن عبد الله بن يُوسُف عَن مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر، وَهَهُنَا: عَن أبي الْوَلِيد هِشَام بن عبد الْملك الطَّيَالِسِيّ عَن شُعْبَة ابْن الْحجَّاج عَن عبد الله بن دِينَار عَن عبد الله بن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ مُسْتَوفى.
٤٣١٢ - حدَّثنا عَليٌّ قَالَ حدَّثنا سُفْيانُ قَالَ كانَ عَمْرُو بنُ دِينَارٍ يُحَدِّثُهُ عنِ الزُّهْرِيِّ عنْ مالِكِ بنِ أوْسٍ أنَّهُ قَالَ منْ عِندَهُ صَرْفٌ فَقَالَ طَلْحَةُ أَنا حتَّى يَجيءَ خازِنُنا مِنَ الغَابَةِ قَالَ سُفْيانُ هُوَ الَّذِي حَفِظْناهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ لَيْسَ فِيهِ زِيادَةٌ فَقَالَ أخْبَرَنِي مالِكُ بنُ أوْسٍ أنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ ابنَ الخَطَّابِ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ يُخْبِرُ عنْ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الذَّهَبُ بالذَّهَبِ رِبا إلَاّ هاءَ وهاءَ والْبُرُّ بالْبُرُّ رِبا إلَاّ هاءَ وهاءَ والتَّمْرُ بالتَّمْرِ رِبا إلَاّ هاءَ وهاءَ والشَّعِيرُ بالشَّعِيرِ رِبا إلَاّ هاءَ وهاءَ.
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن فِيهِ اشْتِرَاط الْقَبْض لما فِيهِ من الربويات. وَفِي التَّرْجَمَة مَا يشْعر بِاشْتِرَاط الْقَبْض فِي الطَّعَام. وَزعم ابْن بطال: أَنه لَا مطابقته بَين الحَدِيث والترجمة هُنَا، فَلذَلِك أدخلهُ فِي: بَاب بيع مَا لَيْسَ عنْدك، وَهُوَ مُغَاير للنسخ المروية عَن البُخَارِيّ، وَعلي هُوَ ابْن الْمَدِينِيّ وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَمَالك بن أَوْس، بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الْوَاو، وَفِي آخِره سين مُهْملَة: ابْن الْحدثَان، بِفَتْح الْمُهْمَلَتَيْنِ وبالمثلثة التَّابِعِيّ عِنْد الْجُمْهُور. قَالَ البُخَارِيّ: قَالَ بَعضهم: لَهُ صُحْبَة وَلَا يَصح. وَقَالَ بَعضهم: ركب بخيل فِي الْجَاهِلِيَّة، وَقيل: إِنَّه رأى أَبَا بكر الصّديق، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وروى عَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، مُرْسلا.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا عَن عبد الله بن يُوسُف عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ، وَأخرجه مُسلم فِي الْبيُوع أَيْضا عَن قُتَيْبَة وَمُحَمّد ابْن رمح، وَعَن أبي بكر بن أبي شيبَة، وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَزُهَيْر بن حَرْب. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن القعْنبِي عَن مَالك بِهِ. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن قُتَيْبَة بِهِ. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بِهِ. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي التِّجَارَات عَن مُحَمَّد بن رمح بِهِ وَعَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَعلي بن مُحَمَّد وَهِشَام بن عمار وَنصر بن عَليّ وَمُحَمّد بن الصَّباح، خمستهم عَن سُفْيَان عَن الزُّهْرِيّ بِهِ.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (من عِنْده صرف) ، أَي: من عِنْده دَرَاهِم يعوضها بِالدَّنَانِيرِ، لِأَن الصّرْف بيع أحد النَّقْدَيْنِ بِالْآخرِ. قَوْله: (فَقَالَ طَلْحَة) ، هُوَ ابْن عبد الله أحد الْعشْرَة المبشرة، فَأَنا أُعْطِيك الدَّرَاهِم لَكِن إصبر حَتَّى يَجِيء الخازن من الغابة، والغابة: بالغين الْمُعْجَمَة وَالْبَاء الْمُوَحدَة فِي الأَصْل: الأجمة ذَات الشّجر، المتكاثف، سميت بهَا لِأَنَّهَا تغيَّب مَا فِيهَا، وَجَمعهَا: غابات، وَلَكِن المُرَاد بهَا هُنَا غابة الْمَدِينَة، وَهِي مَوضِع قريب مِنْهَا من عواليها، وَبهَا أَمْوَال أهل الْمَدِينَة، وَهِي الْمَذْكُورَة فِي عمل مِنْبَر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَوْله: (قَالَ سُفْيَان) ، هُوَ ابْن عُيَيْنَة، قَالَ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور. قَوْله: (هُوَ الَّذِي حفظناه عَن الزُّهْرِيّ) أَي: الَّذِي كَانَ عَمْرو يحدثه عَن الزُّهْرِيّ هُوَ الَّذِي حفظناه عَن الزُّهْرِيّ بِلَا زِيَادَة فِيهِ، قَالَ الْكرْمَانِي: وغرضه مِنْهُ تَصْدِيق عَمْرو،