وعلقمة وَالْأسود وَأَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن عَليّ أَبُو ميسرَة.
وَاخْتلف الْعلمَاء فِي العَبْد إِذا زنى: هَل الزِّنَا عيب فِيهِ يجب رده بِهِ أم لَا؟ فَقَالَ مَالك: هُوَ عيب فِي العَبْد وَالْأمة، وَهُوَ قَول أَحْمد وَإِسْحَاق وَأبي ثَوْر، وَقَول الشَّافِعِي: كل مَا ينقص من الثّمن فَهُوَ عيب. وَقَالَت الْحَنَفِيَّة: هُوَ عيب فِي الْجَارِيَة دون الْغُلَام، كَمَا ذَكرْنَاهُ، ثمَّ هَل يجلدها السَّيِّد أم لَا؟ فَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: نعم، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يُقيم الْجلد أَو الْحَد إلَاّ الإِمَام، بِخِلَاف التَّعْزِير، وَاحْتج بِحَدِيث: أَربع إِلَى الْوَالِي ... فَذكر مِنْهَا الْحُدُود.
وَهل يَكْتَفِي السَّيِّد يعلم الزِّنَا أم لَا؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ عِنْد الْمَالِكِيَّة، وَلم يذكر فِي الحَدِيث عدد الْجلد، وروى النَّسَائِيّ: أَن رجلا أَتَى النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: إِن جاريتي زنت وَتبين زنَاهَا، قَالَ: إجلدها خمسين، ثمَّ أَتَاهُ فَقَالَ: عَادَتْ، وَتبين زنَاهَا. قَالَ: إجلدها خمسين، ثمَّ أَتَاهُ فَقَالَ: عَادَتْ. قَالَ: بعها وَلَو بِحَبل من شعر، وَالْأمة لَا ترْجم، سَوَاء كَانَت متزوجة أم لَا.
وَالزَّانِي إِذا حد ثمَّ زنى ثَانِيًا لزمَه حد آخر، على ذَلِك الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة، والإحصان فِي الرَّجْم شَرط، والشروط سَبْعَة: الْحُرِّيَّة وَالْعقل وَالْبُلُوغ وَالْإِسْلَام، وَعَن أبي يُوسُف أَنه لَيْسَ بِشَرْط، وَبِه قَالَ الشَّافِعِي وَأحمد لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجم يهوديين، قُلْنَا: كَانَ ذَلِك بِحكم التَّوْرَاة قبل نزُول آيَة الْجلد فِي أول مَا دخل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة وَصَارَ مَنْسُوخا بهَا، ثمَّ نسخ الْجلد فِي حق الْمُحصن. وَالشّرط الْخَامِس: الْوَطْء. وَالسَّادِس: أَن يكون الْوَطْء بِنِكَاح صَحِيح. وَالشّرط السَّابِع: كَونهمَا محصنين حَالَة الدُّخُول، حَتَّى لَو دخل بالمنكوحة الْكَافِرَة أَو الْمَمْلُوكَة أَو الْمَجْنُونَة أَو الصبية لم يكن مُحصنا، وَكَذَلِكَ لَو كَانَ الزَّوْج عبدا أَو صَبيا أَو مَجْنُونا أَو كَافِرًا وَهِي مسلمة عَاقِلَة بَالِغَة. فَإِن قلت: كَيفَ يتَصَوَّر أَن يكون الزَّوْج كَافِرًا وَالْمَرْأَة مسلمة؟ قلت: صورته أَن يَكُونَا كَافِرين فَأسْلمت الْمَرْأَة وَدخل بهَا الزَّوْج قبل عرض الْإِسْلَام عَلَيْهِ.
وَمِنْه: استنبط قوم جَوَاز البيع بِالْغبنِ، قَالُوا: لِأَنَّهُ بيع خطير بِثمن يسير، وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: هَذَا لَيْسَ بِصَحِيح، لِأَن الْغبن الْمُخْتَلف فِيهِ إِنَّمَا هُوَ مَعَ الْجَهَالَة من المغبون، وَأما مَعَ علم البَائِع بِقدر مَا بَاعَ وَمَا قبض فَلَا يخْتَلف فِيهِ، لِأَنَّهُ عَن علم مِنْهُ ورضىً، فَهُوَ إِسْقَاط لبَعض الثّمن، لَا سِيمَا أَن الحَدِيث خرج على جِهَة التزهيد وَترك الْغِبْطَة. وَفِيه: ترك اخْتِلَاط الْفُسَّاق وفراقهم. فَإِن قلت: فَمَا معنى أمره، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بِبيع الْأمة الزَّانِيَة؟ وَالَّذِي يَشْتَرِيهَا يلْزمه من اجتنابها ومباعدتها مَا يلْزم البَائِع، وَكَيف يكره شَيْئا ويرتضيه لِأَخِيهِ الْمُسلم قلت: لَعَلَّ الثَّانِي يصونها بهيبته، أَو بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهَا، أَو لَعَلَّهَا تستعف عِنْد الثَّانِي بِأَن يُزَوّجهَا أَو يعفها بِنَفسِهِ، وَنَحْو ذَلِك.
٤٥١٢ - حدَّثنا إسْمَاعِيلُ قَالَ حدَّثني مالِكٌ عنِ ابنِ شِهابٍ عنْ عُبَيْدِ الله بنِ عَبْدِ الله عنْ أبِي هُرَيْرَةَ وزَيْدِ بنِ خالِدٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُمَا أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عنِ الأَمَةِ إذَا زَنَتْ ولَمْ تُحْصِنْ قَالَ إنْ زَنَتْ فاجْلِدُوهَا ثُمَّ إنْ زَنَتْ فاجْلِدُوهَا ثُمَّ إنْ زَنَتْ فَبِيعُوهَا ولَوْ بِنَفِيرٍ: قَالَ ابنُ شِهَابٍ لَا أدْرِي أبَعْدَ الثَّالِثَةِ أوِ الرَّابِعَةِ. .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة. وإسْمَاعِيل هُوَ ابنُ أبي أويس، وَابْن شهَاب هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ، وَعبيد الله بن عبد الله بِالتَّصْغِيرِ فِي الإبن وَالتَّكْبِير فِي الْأَب ابْن عتبَة بن مَسْعُود، وَزيد بن خَالِد الْجُهَنِيّ الصَّحَابِيّ الْمدنِي: مر فِي: بَاب الْغَضَب فِي الموعظة.
ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْمُحَاربين عَن عبد الله بن يُوسُف عَن مَالك، وَفِي الْعتْق عَن مَالك بن إِسْمَاعِيل عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة، وَفِي الْبيُوع أَيْضا عَن زُهَيْر بن حَرْب. وَأخرجه مُسلم فِي الْحُدُود عَن عَمْرو النَّاقِد وَعَن أبي الطَّاهِر، وَعَن مُحَمَّد بن حميد. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن القعْنبِي عَن مَالك بِهِ. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الرَّجْم عَن قُتَيْبَة عَن مَالك بِهِ وَعَن الْحَارِث بن مِسْكين عَن سُفْيَان بِهِ وَعَن أبي دَاوُد الْحَرَّانِي وَعَن مُحَمَّد بن بكير وَعَن أبي الطَّاهِر بن السَّرْح، وَلم يذكر أَبَا هُرَيْرَة. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الْحُدُود عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَمُحَمّد بن الصَّباح.
وَقَالَ أَبُو عمر: تَابع مَالِكًا على سَنَد هَذَا الحَدِيث: يُونُس بن يزِيد وَيحيى بن سعيد وَرَوَاهُ عقيل والزبيدي وَابْن أخي الزُّهْرِيّ