أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي النَّفَقَات عَن مُحَمَّد بن يُوسُف، وَفِي الْأَحْكَام عَن مُحَمَّد بن كثير، ثَلَاثَتهمْ عَن سُفْيَان بِهِ.
قَوْله: (هِنْد) يصرف وَلَا يصرف، وَهِي بنت عتبَة، بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق: ابْن ربيعَة بن عبد شمس بن عبد منَاف، زَوْجَة أبي سُفْيَان، أسلمت عَام الْفَتْح وَمَاتَتْ فِي خلَافَة عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. وَأَبُو سُفْيَان اسْمه: صَخْر بن حَرْب ضد الصُّلْح ابْن أُميَّة بن عبد شمس، أسلم يَوْم فتح مَكَّة، وَكَانَ رَئِيس قُرَيْش يَوْمئِذٍ، وَقد مر فِي حَدِيث هِرقل. قَوْله: (شحيح) ، بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وبالحاءين الْمُهْمَلَتَيْنِ، والشحيح: هُوَ الْبَخِيل الْحَرِيص. قَوْله: (جنَاح) ، بِضَم الْجِيم: أَي: إِثْم. قَوْله: (أَن آخذ) أَي: بِأَن آخذ، وَكلمَة: أَن، مَصْدَرِيَّة. قَوْله: (سرا) ، نصب على التَّمْيِيز أَي: من حَيْثُ السِّرّ، وَيجوز أَن يكون صفة لمصدر مَحْذُوف أَي أخذا سرا غير جهر، قَوْله: (وبنوك) ، ويروى: وبنيك، بِالْجَرِّ. أما وَجه الأول فعلى أَنه مَعْطُوف على الضَّمِير الْمَرْفُوع فِي: خذي، وَإِنَّمَا ذكر أَنْت ليَصِح الْعَطف عَلَيْهِ، وَفِيه خلاف بَين الْبَصرِيين والكوفيين، وَأما النصب فعلى أَنه مفعول مَعَه. وَقَالَ الْكرْمَانِي: مُقْتَضى الْمقَام أَن يُقَال أَيْضا: وَمَا يَكْفِي بنيك، أَو: مَا يكفيكم. قلت: تَقْدِيره: مَا يَكْفِي لنَفسك ولبنيك، وَاقْتصر عَلَيْهَا لِأَنَّهَا هِيَ الكافلة لأمورهم. وَقَالَ أَيْضا: فَإِن قلت: هَذِه الْقِصَّة بِمَكَّة وَأَبُو سُفْيَان فِيهَا، فَكيف حكم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غيبته وَهُوَ فِي الْبَلَد؟ قلت: هَذَا لم يكن حكما بل كَانَ فَتْوَى. انْتهى. وَقَالَ صَاحب (التَّوْضِيح) : وَاسْتدلَّ بِحَدِيث هِنْد على الْقَضَاء على الْغَائِب، وبالإفتاء لِأَن زَوجهَا أَبَا سُفْيَان كَانَ متواريا بهَا. انْتهى. قلت: لم يكن غَائِبا وَلَا متواريا. وَقَالَ السُّهيْلي: كَانَ حَاضرا سؤالها، فَقَالَ: أَنْت فِي حل مِمَّا أخذت، فَلَا يَصح الِاحْتِجَاج بِهِ على جَوَاز الْقَضَاء على الْغَائِب.
وَقَالَ الْكرْمَانِي: وَفِيه: نَفَقَة الزَّوْجَة وَالْأَوْلَاد الصغار، وَأَنَّهَا مقدرَة بالكفاية. قَالَ: وَفِيه: أَخذ الْحق من مَال الْغَيْر بِدُونِ إِذْنه. قلت: لَيْسَ هَذَا على إِطْلَاقه بل هَذَا إِذا ظفر بِجِنْس حَقه، وَفِي خلاف جنس حَقه لَا بُد من إِذْنه أَو إِذن الْحَاكِم. قَالَ: وَفِيه: إِطْلَاق الْفَتْوَى وَإِرَادَة تَعْلِيقهَا بِمَا يَقُوله المستفتي. وَفِيه: خُرُوج الْمُزَوجَة من بَيتهَا لحاجتها إِذا علمت رضى الزَّوْج بِهِ.
١٥٤ - (حَدثنِي إِسْحَاق قَالَ حَدثنَا ابْن نمير قَالَ أخبرنَا هِشَام ح وحَدثني مُحَمَّد قَالَ سَمِعت عُثْمَان بن فرقد قَالَ سَمِعت هِشَام بن عُرْوَة يحدث عَن أَبِيه أَنه سمع عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا تَقول وَمن كَانَ غَنِيا فليستعفف وَمن كَانَ فَقِيرا فَليَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ أنزلت فِي وَالِي الْيَتِيم الَّذِي يُقيم عَلَيْهِ وَيصْلح فِي مَاله إِن كَانَ فَقِيرا أكل مِنْهُ بِالْمَعْرُوفِ) مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله أكل مِنْهُ بِالْمَعْرُوفِ. (ذكر رِجَاله) وهم سَبْعَة. الأول اسحق قَالَ الغساني لم أَجِدهُ مَنْسُوبا لأحد من الروَاة وَقَالَ خلف وَغَيره فِي الْأَطْرَاف أَنه اسحق بن مَنْصُور واستخرج أَبُو نعيم هَذَا الحَدِيث من مُسْند اسحق بن رَاهَوَيْه عَن ابْن نمير وَقَالَ أخرجه البُخَارِيّ عَن اسحق وَقَالَ فِي التَّفْسِير أخرجه البُخَارِيّ عَن اسحق بن مَنْصُور. الثَّانِي ابْن نمير هُوَ عبد الله بن نمير بِضَم النُّون وَقد مر فِي التَّيَمُّم. الثَّالِث هِشَام بن عُرْوَة. الرَّابِع مُحَمَّد بن الْمثنى الْمَشْهُور بالزمن وَقد مر فِي الْإِيمَان كَذَا قَالَه الْكرْمَانِي وَيُقَال هُوَ مُحَمَّد بن سَلام وَالظَّاهِر أَنه هُوَ الأول. الْخَامِس عُثْمَان بن فرقد بِفَتْح الْفَاء وَسُكُون الرَّاء وَفتح الْقَاف وَفِي آخِره دَال مُهْملَة على وزن جَعْفَر هُوَ الْعَطَّار فِيهِ مقَال لَكِن البُخَارِيّ لم يخرج لَهُ مَوْصُولا إِلَّا هَذَا الحَدِيث وَقد قرنه بِابْن نمير وَذكر لَهُ آخر تَعْلِيقا فِي الْمَغَازِي. السَّادِس عُرْوَة بن الزبير بن الْعَوام. السَّابِع أم الْمُؤمنِينَ عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا. (ذكر لطائف إِسْنَاده) فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْإِفْرَاد فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع وَفِيه الْإِخْبَار بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين وَفِيه السماع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع وَفِيه العنعنة فِي مَوضِع وَاحِد وَفِيه القَوْل فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع وَفِيه أَن شَيْخه اسحق إِن كَانَ ابْن مَنْصُور فَهُوَ مروزي انْتقل إِلَى نيسابور وَإِن كَانَ هُوَ ابْن رَاهَوَيْه فَكَذَلِك مروزي انْتقل إِلَى نيسابور وَفِيه أَن شَيْخه الآخر إِن كَانَ ابْن الْمثنى فَهُوَ بَصرِي وَإِن كَانَ مُحَمَّد بن سَلام فَهُوَ البُخَارِيّ البيكندي وَفِيه أَن عبد الله بن نمير كُوفِي وَأَن عُثْمَان بن فرقد بَصرِي وَأَن هشاما وأباه عُرْوَة مدنيان "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute