على قرى، قَالَ الدَّاودِيّ: الْقرْيَة تقع على المدن الصغار والكبار، وَقَالَ ابْن قُتَيْبَة: الْقرْيَة الْأُرْدُن وَالْملك صادوق، وَكَانَت هَاجر لملك من مُلُوك القبط، وَعند الطَّبَرِيّ: كَانَت امْرَأَة ملك من مُلُوك مصر، فَلَمَّا قَتله أهل عين شمس احتملوها مَعَهم، وَزعم أَن الْملك الَّذِي أَرَادَ سارة اسْمه سِنَان بن علوان، أَخُو الضَّحَّاك، وَقَالَ ابْن هِشَام فِي (كتاب التيجان) : إِن إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، خرج من مَدين إِلَى مصر، وَكَانَ مَعَه من الْمُؤمنِينَ ثَلَاثمِائَة وَعِشْرُونَ رجلا، وبمصر ملكهَا عَمْرو بن امرىء الْقَيْس بن نابليون من سبأ. قَوْله: (أَو جَبَّار) ، شكّ من الرَّاوِي، والجبار يُطلق على ملك عَاتٍ ظَالِم. قَوْله: (فَقيل: دخل إِبْرَاهِيم بِامْرَأَة) ، وَقَالَ ابْن هِشَام وشى بِهِ حناط كَانَ إِبْرَاهِيم يتمار مِنْهُ، فَأمر بِإِدْخَال إِبْرَاهِيم وَسَارة عَلَيْهِ، ثمَّ نحى إِبْرَاهِيم وَقَامَ إِلَى سارة، فَلَمَّا صَار إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، خَارج الْقصر جعله الله لَهُ كالقارورة الصافية، فَرَأى الْملك وَسَارة وَسمع كَلَامهمَا، فهم عَمْرو بسارة وَمد يَده إِلَيْهَا، فيبست فَمد الْأُخْرَى فَكَذَلِك، فَلَمَّا رأى ذَلِك كف عَنْهَا. وَقَالَ ابْن هِشَام: وَكَانَ الحناط أخبر الْملك بِأَنَّهُ رَآهَا تطحن، فَقَالَ الْملك: يَا إِبْرَاهِيم! مَا يَنْبَغِي لهَذِهِ أَن تخذم نَفسهَا؟ فَأمر لَهُ بهاجر. قَوْله: (قَالَ: أُخْتِي) يَعْنِي: فِي الدّين.
وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: على هَذَا الحَدِيث إِشْكَال مَا زَالَ يختلج فِي صَدْرِي، وَهُوَ أَن يُقَال: مَا معنى توريته، عَلَيْهِ السَّلَام، عَن الزَّوْجَة بالأخت، وَمَعْلُوم أَن ذكرهَا بِالزَّوْجِيَّةِ كَانَ أسلم لَهَا، لِأَنَّهُ إِذا قَالَ: هَذِه أُخْتِي قَالَ: زوجنيها. وَإِذا قَالَ امْرَأَتي سكت هَذَا إِن كَانَ الْملك يعْمل بِالشَّرْعِ، فَأَما إِذا كَانَ كَمَا وصف من جوره فَمَا يُبَالِي إِذا كَانَت زَوْجَة أَو أُخْتا إِلَى أَن وَقع لي أَن الْقَوْم كَانُوا على دين الْمَجُوس، وَفِي دينهم أَن الْأُخْت إِذا كَانَت زَوْجَة كَانَ أَخُوهَا الَّذِي هُوَ زَوجهَا أَحَق بهَا من غَيره، فَكَانَ الْخَلِيل، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، أَرَادَ أَن يستعصم من الْجَبَّار بِذكر الشَّرْع الَّذِي يَسْتَعْمِلهُ، فَإِذا هُوَ جَبَّار لَا يُرَاعِي جَانب دينه. قَالَ: وَاعْترض على هَذَا بِأَن الَّذِي جَاءَ على مَذْهَب الْمَجُوس زرادشت، وَهُوَ مُتَأَخّر عَن هَذَا الزَّمن، فَالْجَوَاب أَن لمَذْهَب الْقَوْم أصلا قَدِيما ادَّعَاهُ زرادشت وَزَاد عَلَيْهِ خرافات، وَقد كَانَ نِكَاح الْأَخَوَات جَائِزا فِي زمن آدم، عَلَيْهِ السَّلَام، وَيُقَال: كَانَت حرمته على لِسَان مُوسَى، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، قَالَ: وَيدل على أَن دين الْمَجُوس لَهُ أصل مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَخذ الْجِزْيَة من مجوس هجر، وَمَعْلُوم أَن الْجِزْيَة لَا تُؤْخَذ إلَاّ مِمَّن لَهُ كتاب أَو شُبْهَة كتاب، ثمَّ سَأَلت عَن هَذَا بعض عُلَمَاء أهل الْكتاب فَقَالَ: كَانَ من مَذْهَب الْقَوْم أَن من لَهُ زَوْجَة لَا يجوز لَهُ أَن يتَزَوَّج إلَاّ أَن يهْلك زَوجهَا، فَلَمَّا علم إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، هَذَا قَالَ: هِيَ أختى، كَأَنَّهُ قَالَ: إِن كَانَ الْملك عادلاً، فَخَطَبَهَا مني أمكنني دَفعه، وَإِن كَانَ ظَالِما تخلصت من الْقَتْل، وَقيل: إِن النُّفُوس تأبى أَن يتَزَوَّج الْإِنْسَان بِامْرَأَة وَزوجهَا مَوْجُود، فَعدل، عَلَيْهِ السَّلَام، عَن قَوْله: زَوْجَتي، لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى قَتله أَو طرده عَنْهَا، أَو تَكْلِيفه لفراقها. وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: قيل: إِن من سيرة هَذَا الْجَبَّار أَنه لَا يغلب الْأَخ على أُخْته وَلَا يَظْلمه فِيهَا، وَكَانَ يغلب الزَّوْج على زَوجته. وَالله أعلم.
قَوْله: (إِن على الأَرْض) كلمة: إِن، بِكَسْر الْهمزَة وَسُكُون النُّون للنَّفْي، يَعْنِي: وَالله مَا على الأَرْض مُؤمن غَيْرِي وَغَيْرك. قَوْله: (وَغَيْرك) ، بِالْجَرِّ عطفا على: غَيْرِي، ويروى بِالرَّفْع بَدَلا عَن الْمحل، ويروى: مَنْ يُؤمن، بِكَلِمَة: مَنْ، الموصولة: وَصدر صلتها مَحْذُوف تَقْدِيره: وَالله، الَّذِي على الأَرْض لَيْسَ بِمُؤْمِن غَيْرِي وَغَيْرك. قَوْله: (فَقَامَتْ تَوَضَّأ) ، بِرَفْع الْهمزَة فِي مَحل النصب على الْحَال، وَتصلي (عطف عَلَيْهِ) . قَوْله: (أللهم إِن كنت آمَنت. .) قيل: شَرط مَدْخُول أَن كَونه مشكوكا فِيهِ، وَالْإِيمَان مَقْطُوع بِهِ. وَأجِيب: بِأَنَّهَا كَانَت قَاطِعَة بِهِ، وَلكنهَا ذكرته على سَبِيل الْفَرْض هَهُنَا هضما لنَفسهَا. قَوْله: (فغط) ، قَالَ ابْن التِّين: ضبط فِي بعض الْأُصُول بِفَتْح الْغَيْن وَالصَّوَاب بِالضَّمِّ، كَذَا فِي بعض الْأُصُول. قلت: هُوَ بالغين الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الطَّاء الْمُهْملَة، وَمَعْنَاهُ: أَخذ مجاري نَفسه حَتَّى سمع لَهُ غطيط، يُقَال: غط المخنوق إِذا سمع غَطِيطه. قَوْله: (حَتَّى ركض بِرجلِهِ) ، أَي: حركها وضربها على الأَرْض. قَوْله: (قَالَ الْأَعْرَج) ، هُوَ الْمَذْكُور فِي السَّنَد، وَهُوَ عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز، قَالَ أَبُو سَلمَة: إِن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: قَالَت: أللهم إِن يمت (ح) هُوَ مَوْقُوف ظَاهرا، وَكَذَا ذكره صَاحب (الْأَطْرَاف) ، وَكَانَ أَبَا الزِّنَاد روى الْقطعَة الأولى مُسندَة، وَهَذِه مَوْقُوفَة. قَوْله: (يُقَال: هِيَ قتلته) ، ويروى: يقل هِيَ قتلته، وَهُوَ الظَّاهِر لوُجُوب الْجَزْم فِيهِ، وَوجه رِوَايَة: يُقَال: هُوَ، إِمَّا أَن الْألف حصلت من إشباع الفتحة، وَإِمَّا أَنه كَقَوْلِه تَعَالَى: {أَيْنَمَا تَكُونُوا يدرككم الْمَوْت} (النِّسَاء: ٨٧) . بِالرَّفْع فِي قِرَاءَة بَعضهم. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: قيل: هُوَ بِتَقْدِير الْفَاء: قلت: تَقْدِيره: فيدرككم الْمَوْت، وَكَذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute