للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالشخص، فَإِنَّهُ قَالَ: (ايكم مُحَمَّد؟ وَقَالَ: ابْن عبد الْمطلب؟) . الْعَاشِر: فِيهِ النِّسْبَة إِلَى الأجداد، فَإِنَّهُ قَالَ: (ابْن عبد الْمطلب؟) وَجَاء فِي (صَحِيح مُسلم) : (يَا مُحَمَّد) . الْحَادِي عشر: استنبط مِنْهُ الْحَاكِم طلب الْإِسْنَاد العالي، وَلَو كَانَ الرَّاوِي ثِقَة، إِذْ البدوي لم يقنعه خبر الرَّسُول عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى رَحل بِنَفسِهِ، وَسمع مَا بلغه الرَّسُول عَنهُ، قيل: إِنَّمَا يتم مَا ذكره إِذا كَانَ ضمام قد بلغه ذَلِك أَولا. قلت: قد جَاءَ ذَلِك مُصَرحًا بِهِ فِي رِوَايَة مُسلم. الثَّانِي عشر: فِيهِ تَقْدِيم الْإِنْسَان بَين يَدي حَدِيثه مُقَدّمَة يعْتَذر فِيهَا ليحسن موقع حَدِيثه عِنْد الْمُحدث، وَهُوَ من حسن التَّوَصُّل، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَة بقوله: (إِنِّي سَائِلك فمشدد عَلَيْك) .

الأسئلة الاجوبة: مِنْهَا مَا قيل: قَالَ: (على فقرائنا) ، وأصناف الْمصرف ثَمَانِيَة لَا تَنْحَصِر على الْفُقَرَاء. وَأجِيب: بِأَن ذكرهم بِاعْتِبَار أَنهم الْأَغْلَب من سَائِر الْأَصْنَاف، أَو لِأَنَّهُ فِي مُقَابلَة ذكر الْأَغْنِيَاء. وَمِنْهَا مَا قيل: لمَ لَمْ يذكر الْحَج؟ أُجِيب: بِأَنَّهُ كَانَ قبل فَرضِيَّة الْحَج، أَو لِأَنَّهُ لم يكن من أهل الِاسْتِطَاعَة لَهُ، قَالَه الْكرْمَانِي. قلت: لم يذكر الْحَج فِي رِوَايَة شريك بن عبد اللَّه بن أبي نمر عَن أنس، وَقد ذكره مُسلم وَغَيره فِي رِوَايَة ثَابت عَن أنس وَهُوَ فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَابْن عَبَّاس أَيْضا، وَمَا قَالَه الْكرْمَانِي هُوَ مَنْقُول عَن ابْن التِّين، وَالْحَامِل لَهُم على ذَلِك مَا رُوِيَ عَن الْوَاقِدِيّ من أَن قدوم ضمام كَانَ سنة خمس، وَقد بَينا فَسَاده. وَمِنْهَا ماقيل: لَم لَمْ يُخَاطب بِالنُّبُوَّةِ وَلَا بالرسالة، وَقد قَالَ الله تَعَالَى: {لَا تجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُول بَيْنكُم كدعاء بَعْضكُم بَعْضًا} (النُّور: ٦٣) وَأجِيب: بأوجه: الأول: أَنه لم يكن آمن بعد. الثَّانِي: أَنه باقٍ على جفَاء الْجَاهِلِيَّة، لكنه لم يُنكر عَلَيْهِ، وَلَا رد عَلَيْهِ. الثَّالِث: لَعَلَّه كَانَ قبل النَّهْي عَن مخاطبته عَلَيْهِ السَّلَام بذلك. الرَّابِع: لَعَلَّه لم يبلغهُ، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ، عَن قريب، وَيُقَال إِنَّمَا قَالَ: (ابْن عبد الْمطلب؟) لِأَنَّهُ لما دخل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (أَيّكُم ابْن عبد الْمطلب؟ فَقَالَ لَهُ النَّبِي، عَلَيْهِ السَّلَام: أَنا ابْن عبد الْمطلب) . فَقَالَ ابْن عبد الْمطلب؟ على مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي (سنَنه) من طَرِيق ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: (ايكم ابْن عبد الْمطلب؟ فَقَالَ النَّبِي، عَلَيْهِ السَّلَام: انا ابْن عبد الْمطلب) . فَقَالَ يَابْنَ عبد الْمطلب وسَاق الحَدِيث. وَمِنْهَا مَا قيل: إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يكره الانتساب إِلَى الْكفَّار، فَكيف قَالَ فِي هَذَا الحَدِيث: انا ابْن عبد الْمطلب؟ . وَأجِيب: بِأَنَّهُ أَرَادَ بِهِ هَهُنَا تطابق الْجَواب السُّؤَال. لِأَن ضماماً خاطبه بقوله: (ايكم ابْن عبد الْمطلب؟ فَأجَاب عَلَيْهِ السَّلَام، بقوله: أَنا ابْن عبد الْمطلب) فَإِن قلت: كَيفَ كَانَ يكره ذَلِك؟ وَقد قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام يَوْم حنين: (أَنا ابْن عبد الْمطلب؟) قلت: لم يذكرهُ إلَاّ للْإِشَارَة إِلَى رُؤْيا رَآهَا عبد الْمطلب مَشْهُورَة، كَانَت إِحْدَى دَلَائِل نبوته، فَذكرهمْ بهَا، وبخروج الْأَمر على الصدْق. وَمِنْهَا مَا قيل: مَا فَائِدَة الْإِيمَان الْمَذْكُورَة؟ وَأجِيب: بِأَنَّهَا جرت للتَّأْكِيد وَتَقْرِير الْأَمر، لَا لافتقار إِلَيْهَا كَمَا أقسم الله تَعَالَى على أَشْيَاء كَثِيرَة كَقَوْلِه: (قل: أَي وربي إِنَّه لحق) ، (قل: بلَى وربي لتبعثن) ، (فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالْأَرْض إِنَّه لحق) . وَمِنْهَا مَا قيل: هَل النجدي السَّائِل فِي حَدِيث طَلْحَة بن عبيد اللَّه الْمَذْكُور فِيمَا مضى هُوَ ضمام بن ثَعْلَبَة أَو غَيره؟ أُجِيب: بِأَن جمَاعَة قد قَالُوا: إِنَّه هُوَ إِيَّاه، والنجدي هُوَ ضمام بن ثَعْلَبَة، وَمَال إِلَى هَذَا ابْن عبد الْبر وَالْقَاضِي عِيَاض وَغَيرهمَا، وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: يبعد أَن يَكُونَا وَاحِدًا لتباين أَلْفَاظ حديثيهما ومساقهما.

رَواهُ مُوسَى وعَلِيُّ بنُ عبدِ الحَميدِ عنْ سُلَيْمانَ عنْ ثابِتٍ عنْ أنَسٍ عنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِهَذا.

أَي روى الحَدِيث الْمَذْكُور مُوسَى بن إِسْمَاعِيل أَبُو سَلمَة الْمنْقري التَّبُوذَكِي، وَهُوَ شيخ البُخَارِيّ، وَقد مر ذكره، وَهُوَ يروي هَذَا الحَدِيث عَن سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة أبي سعيد الْقَيْسِي الْبَصْرِيّ عَن ثَابت الْبنانِيّ عَن أنس بن مَالك، رَضِي الله عَنهُ وَأخرجه أَبُو عوَانَة فِي (صَحِيحه) مَوْصُولا بِهَذَا الطَّرِيق، وَكَذَا ابْن مَنْدَه فِي الْإِيمَان. فَإِن قلت: لم علقه البُخَارِيّ وَلم يُخرجهُ مَوْصُولا؟ قلت: قَالَ الْكرْمَانِي: يحْتَمل أَن يكون البُخَارِيّ يروي عَن شَيْخه مُوسَى بالواسطة، فَيكون تَعْلِيقا. وَفَائِدَة ذكره الاستشهاد وتقوية مَا تقدم. وَقَالَ بَعضهم: إِنَّمَا علقه البُخَارِيّ لِأَنَّهُ لم يحْتَج بشيخه سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة، يَعْنِي شيخ مُوسَى بن إِسْمَاعِيل الَّذِي هُوَ شيخ البُخَارِيّ. قلت: كَيفَ يَقُول: لم يحْتَج بِهِ، وَقد روى لَهُ حَدِيثا وَاحِدًا عَن ابْن أبي اياس عَن سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة عَن حميد بن هِلَال عَن أبي صَالح السمان، قَالَ: (رَأَيْت أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ، رَضِي الله عَنهُ، فِي يَوْم جُمُعَة يُصَلِّي إِلَى شَيْء يستره من النَّاس)

الحَدِيث، ذكره فِي بَاب: يرد الْمُصَلِّي من بَين يَدَيْهِ؟ وَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل فِيهِ: ثَبت ثَبت ثِقَة ثِقَة. وَقَالَ ابْن سعد: ثِقَة ثَبت. وَقَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>