للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

السِّين الْمُهْمَلَتَيْنِ وَفِي آخِره بَاء مُوَحدَة، وَقد اخْتلف أهل اللُّغَة فِيهِ: هَل هُوَ الضراب أَو الْكِرَاء الَّذِي يُؤْخَذ عَلَيْهِ أَو مَاء الْفَحْل؟ فَحكى أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي: أَنه الْكِرَاء الَّذِي يُؤْخَذ على ضراب الْفَحْل، وَبِه صدر الْجَوْهَرِي كَلَامه فِي (الصِّحَاح) ، ثمَّ قَالَ: وعسب الْفَحْل أَيْضا ضرابه. وَيُقَال: مَاؤُهُ، وَصدر صَاحب (الْمُحكم) كَلَامه بِأَن العسب: ضراب الْفَحْل، ثمَّ قَالَ: عسب الرجل يعسبه عسبا أعطَاهُ، وَقَالَ أَبُو عبيد: العسب فِي الحَدِيث الْكِرَاء، وَالْأَصْل فِيهِ الضراب. قَالَ: وَالْعرب تسمي الشَّيْء باسم غَيره إِذا كَانَ مَعَه، أَو من سَببه، كَمَا قَالُوا للمزادة: راوية، والراوية: الْبَعِير الَّذِي يستقى عَلَيْهِ، قَالَ شَيخنَا: وَيدل على مَا قَالَه أَبُو عبيد رِوَايَة الشَّافِعِي: (نهى عَن ثمن بيع عسب الْفَحْل) ، وَقَالَ الرَّافِعِيّ: الْمَشْهُور فِي الفقهيات أَن العسب الضراب، وَقَالَ الْغَزالِيّ: هُوَ النُّطْفَة. وَقَالَ صَاحب (الْأَفْعَال) عسب الرجل عسبا أكرى مِنْهُ فحلاً ينزيه. وَقَالَ أَبُو عَليّ: وَلَا يتَصَرَّف مِنْهُ فعل، يُقَال: قطع الله عسبه أَي: مَاءَهُ ونسله، وَنقل ابْن التِّين عَن أَصْحَاب مَالك: أَن معنى عسب الْفَحْل أَن يتَعَدَّى عَلَيْهِ بِغَيْر أجر. وَقَالُوا: لَيْسَ بمعقول أَن يُسمى الْكِرَاء عسبا.

٤٨٢٢ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ قَالَ حدَّثنا عَبْدُ الوَارِثِ وإسْمَاعِيلُ بنُ إبْرَاهِيمَ عنْ عَلِيِّ بن الحَكَمِ عنْ نافِعٍ عَن ابنِ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ نَهَى النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عنْ عَسْبِ الفَحْلِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

ذكر رِجَاله وهم سِتَّة: الأول: مُسَدّد. الثَّانِي: عبد الْوَارِث بن سعيد. الثَّالِث: إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم، وَهُوَ إِسْمَاعِيل بن علية، وَقد تكَرر ذكره. الرَّابِع: عَليّ بن الحكم، بالفتحتين: الْبنانِيّ، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَتَشْديد النُّون الأولى. الْخَامِس: نَافِع مولى ابْن عمر. السَّادِس: عبد الله بن عمر.

ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين. وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: أَن مُسَددًا روى عَن شيخين. وَفِيه: أَن إِسْمَاعِيل بن علية ذكر هُنَا بنسبته إِلَى أَبِيه وشهرته باسم أمه عَلَيْهِ أَكثر. وَفِيه: أَن الروَاة كلهم بصريون مَا خلا نَافِعًا. وَفِيه: أَن عَليّ بن الحكم ثِقَة عِنْد الْجَمِيع إلَاّ أَن أَبَا الْفَتْح الْأَزْدِيّ لينه. قَالَ بَعضهم: لينه بِلَا مُسْتَند. قلت: لَو لم يظْهر عِنْده شَيْء لما لينه، وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ غير هَذَا الحَدِيث.

ذكر من أخرجه غَيره: أخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْبيُوع عَن مُسَدّد عَن إِسْمَاعِيل وَحده بِهِ. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن أَحْمد بن منيع وَأبي عمار عَن إِسْمَاعِيل بِهِ، وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن علية بِهِ، وَعَن حميد بن مسْعدَة عَن عبد الْوَارِث بِهِ، وَأخرجه ابْن مَاجَه عَن حميد بن مسْعدَة عَن عبد الْوَارِث، وَفِي الْبَاب عَن أبي هُرَيْرَة. أخرجه النَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه من رِوَايَة الْأَعْمَش عَن أبي حَازِم عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: نهى رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَن ثمن الْكَلْب وعسب الْفَحْل، وَفِي رِوَايَة للنسائي: عسب التيس وَعَن أنس أخرجه ابْن أبي حَاتِم فِي (الْعِلَل) من رِوَايَة ابْن لَهِيعَة عَن يزِيد بن أبي حبيب، عَن ابْن شهَاب، عَن أنس أَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، نهى عَن أجر عسب الْفَحْل. قَالَ أَبُو حَاتِم: إِنَّمَا يروي من كَلَام أنس، وَيزِيد لم يسمع من الزُّهْرِيّ، وَإِنَّمَا كتب إِلَيْهِ وَأخرجه النَّسَائِيّ أَيْضا. وَعَن أبي سعيد أخرجه النَّسَائِيّ من رِوَايَة هِشَام عَن ابْن أبي نعيم عَنهُ، قَالَ: نهى عَن عسب الْفَحْل، وَعَن جَابر أخرجه مُسلم وَالنَّسَائِيّ من حَدِيث أبي الزبير أَنه سمع جَابر بن عبد الله يَقُول: نهى رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَن بيع ضراب الْجمل. وَعَن عَليّ ابْن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أخرجه عبد الله بن أَحْمد فِي (زوائده) على الْمسند من حَدِيث عَاصِم بن ضَمرَة عَنهُ: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن كل ذِي نَاب من السبَاع، وَعَن كل ذِي مخلب من الطُّيُور، وَعَن ثمن الْميتَة، وَعَن لحم الْحمر الْأَهْلِيَّة، وَعَن مهر الْبَغي، وَعَن عسب الْفَحْل، وَعَن المياثر الأرجوان.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: احْتج بِهِ من حرم بيع عسب الْفَحْل وإجارته، وَهُوَ قَول جمَاعَة من الصَّحَابَة: مِنْهُم: عَليّ وَأَبُو هُرَيْرَة، وَهُوَ قَول أَكثر الْفُقَهَاء، كَمَا حكى عَنْهُم الْخطابِيّ، وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ وَأبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد، وَجزم أَصْحَاب الشَّافِعِي بِتَحْرِيم البيع لِأَن مَاء الْفَحْل غير مُتَقَوّم وَلَا مَعْلُوم وَلَا مَقْدُور على تَسْلِيمه. وحكوا فِي إِجَارَته وَجْهَيْن: أصَحهمَا:

<<  <  ج: ص:  >  >>