للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رِوَايَة الطَّحَاوِيّ من حَدِيث شريك عَن عبد الله بن عقيل قَالَ إِن رجلا مَاتَ وَعَلِيهِ دين فَلم يصل عَلَيْهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَتَّى قَالَ أَبُو الْيُسْر أَو غَيره هُوَ عَليّ فصلى عَلَيْهِ فَجَاءَهُ من الْغَد يتقاضاه فَقَالَ أما كَانَ ذَلِك أمس ثمَّ أَتَاهُ من بعد الْغَد فَأعْطَاهُ فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْآن بردت عَلَيْهِ جلدته (ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ) فِيهِ الْكفَالَة من الْمَيِّت وَقَالَ ابْن بطال اخْتلف الْعلمَاء فِيمَن تكفل عَن ميت بدين فَقَالَ ابْن أبي ليلى وَمُحَمّد وَأَبُو يُوسُف وَالشَّافِعِيّ الْكفَالَة جَائِزَة عَنهُ وَإِن لم يتْرك الْمَيِّت شَيْئا وَلَا رُجُوع لَهُ فِي مَال الْمَيِّت إِن ثاب للْمَيت مَال وَكَذَلِكَ إِن كَانَ للْمَيت مَال وَضمن عَنهُ لم يرجع فِي قَوْلهم لِأَنَّهُ مُتَطَوّع وَقَالَ مَالك لَهُ أَن يرجع فِي مَاله كَذَلِك إِن قَالَ إِنَّمَا أدّيت لأرجع فِي مَال الْمَيِّت وَإِن لم يكن للْمَيت مَال وَعلم الضَّامِن بذلك فَلَا رُجُوع لَهُ إِن ثاب للْمَيت قَالَ ابْن الْقَاسِم لِأَنَّهُ بِمَعْنى الْهَدِيَّة وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِن لم يتْرك الْمَيِّت شَيْئا فَلَا تجوز الْكفَالَة وَإِن ترك جَازَت بِقدر مَا ترك وَقَالَ الْخطابِيّ فِيهِ إِن ضَمَان الدّين عَن الْمَيِّت يبريه إِذا كَانَ مَعْلُوما سَوَاء خلف الْمَيِّت وَفَاء أَو لم يخلف وَذَلِكَ أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّمَا امْتنع من الصَّلَاة لارتهان ذمَّته بِالدّينِ فَلَو لم يبرأ بِضَمَان أبي قَتَادَة لما صلى عَلَيْهِ وَالْعلَّة الْمَانِعَة قَائِمَة. وَفِيه فَسَاد قَول مَالك أَن الْمُؤَدى عَنهُ الدّين يملكهُ أَولا عَن الضَّامِن لِأَن الْمَيِّت لَا يملك وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا قبل أَن يكون للْمُسلمين بَيت مَال إِذْ بعده كَانَ الْقَضَاء عَلَيْهِ وَقَالَ القَاضِي الْبَيْضَاوِيّ لَعَلَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - امْتنع عَن الصَّلَاة عَن الْمَدْيُون الَّذِي لم يتْرك وَفَاء تحذيرا عَن الدّين وزجرا عَن المماطلة أَو كَرَاهَة أَن يُوقف دعاؤه عَن الْإِجَابَة بِسَبَب مَا عَلَيْهِ من مظْلمَة الْخلق وَقَالَ الْكرْمَانِي الحَدِيث حجَّة على أبي حنيفَة حَيْثُ قَالَ لَا يصلح الضَّمَان عَن الْمَيِّت إِذا لم يتْرك وَفَاء وَقَالَ ابْن الْمُنْذر وَخَالف أَبُو حنيفَة الحَدِيث قلت هَذَا إساءة الْأَدَب وحاشا من أبي حنيفَة أَن يُخَالف الحَدِيث الثَّابِت عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عِنْد وُقُوفه عَلَيْهِ وَكَانَ الْأَدَب أَن يَقُول ترك الْعَمَل بِهَذَا الحَدِيث ثمَّ تَركه فِي الْموضع الَّذِي ترك الْعَمَل بِهِ إِمَّا لِأَنَّهُ لم يثبت عِنْده أَو لم يقف عَلَيْهِ أَو ظهر عِنْده نسخه. وَحَدِيث أبي هُرَيْرَة الَّذِي يَأْتِي بعد أَرْبَعَة أَبْوَاب يدل على النّسخ وَهُوَ قَوْله أَنا أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم فَمن توفّي من الْمُؤمنِينَ فَترك دينا فعلي قَضَاؤُهُ وَمن ترك مَالا فلورثته وَفِي رِوَايَة أبي حَازِم عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ من ترك كلأ فإليه وَمن ترك مَالا فللوارث قَالَ أَبُو بشر يُونُس ابْن حبيب سَمِعت أَبَا الْوَلِيد يَقُول هَذَا نسخ تِلْكَ الْأَحَادِيث الَّتِي جَاءَت فِي ترك الصَّلَاة على من عَلَيْهِ الدّين وَقَالَ أَبُو بكر عبد الله بن أَحْمد الصفار حَدثنَا مُحَمَّد بن الْفضل الطَّبَرِيّ أَنبأَنَا أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن المَخْزُومِي أَنبأَنَا مُحَمَّد بن بكير الْحَضْرَمِيّ حَدثنَا خَالِد بن عبد الله عَن حُسَيْن بن قيس عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يُصَلِّي على من مَاتَ وَعَلِيهِ دين فَمَاتَ رجل من الْأَنْصَار فَقَالَ عَلَيْهِ دين قَالُوا نعم فَقَالَ صلوا على صَاحبكُم فَنزل جِبْرِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فَقَالَ إِن الله عز وَجل يَقُول إِنَّمَا الظَّالِم عِنْدِي فِي الدُّيُون الَّتِي حملت فِي الْبَغي والإسراف وَالْمَعْصِيَة فَأَما الْمُتَعَفِّف ذُو الْعِيَال فَأَنا ضَامِن أَن أؤدي عَنهُ فصلى عَلَيْهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقَالَ بعد ذَلِك من ترك ضيَاعًا أَو دينا فَإِلَيَّ أَو عَليّ وَمن ترك مِيرَاثا فلأهله فصلى عَلَيْهِم. وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ الْتِزَامه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بدين الْمَوْتَى يحْتَمل أَن يكون تَبَرعا على مُقْتَضى كرم أخلاقه لَا أَنه أَمر وَاجِب عَلَيْهِ قَالَ وَقَالَ بعض أهل الْعلم يجب على الإِمَام أَن يقْضِي من بَيت المَال دين الْفُقَرَاء اقْتِدَاء بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَإِنَّهُ قد صرح بِوُجُوب ذَلِك عَلَيْهِ حَيْثُ قَالَ فعلي قَضَاؤُهُ وَلِأَن الْمَيِّت الْمَدْيُون خَافَ أَن يعذب فِي قَبره عَليّ ذَلِك الدّين لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْآن حِين بردت جلدته وكما أَن على الإِمَام أَن يسد رمقه ويراعي مصْلحَته الدُّنْيَوِيَّة فالأخروية أولى وَقَالَ ابْن بطال فَإِن لم يُعْط الإِمَام عَنهُ شَيْئا وَقع الْقصاص مِنْهُ فِي الْآخِرَة وَلم يحبس الْمَيِّت عَن الْجنَّة بدين لَهُ مثله فِي بَيت المَال إِلَّا أَن يكون دينه أَكثر مِمَّا لَهُ فِي بَيت المَال وَفِي شرح الْمُهَذّب قيل أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَقْضِيه من مصَالح الْمُسلمين وَقيل من مَاله وَقيل كَانَ هَذَا الْقَضَاء وَاجِبا عَلَيْهِ وَقيل لم يصل عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لم يكن للْمُسلمين يَوْمئِذٍ بَيت مَال فَلَمَّا فتح الله عَلَيْهِم وَصَارَ لَهُم بَيت مَال صلى على من مَاتَ وَعَلِيهِ دين ويوفيه مِنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>