للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ليحكم عَلَيْك بِقطع الْيَد، يُقَال: رَفعه إِلَى الْحَاكِم إِذا أحضرهُ للشكوى. قَوْله: (وَعلي عِيَال) أَي: نَفَقَة عِيَال، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {واسأل الْقرْيَة} (يُوسُف: ٢٨) . وَقيل: عَليّ، بِمَعْنى، لي، وَفِي رِوَايَة أبي المتَوَكل: فَقَالَ: إِنَّمَا أَخَذته لأهل بَيت فُقَرَاء من الْجِنّ، وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ: وَلَا أَعُود. قَوْله: (أسيرك) ، قَالَ الدَّاودِيّ: قيل لَهُ: أَسِير، لِأَنَّهُ كَانَ ربطه بسير، وَهُوَ الْحَبل، وَهَذَا عَادَة الْعَرَب، كَانُوا يربطون الْأَسير بالقد، وَقَالَ ابْن التِّين: قَول الدَّاودِيّ: إِن السّير الْحَبل من الْجلد لم يذكرهُ غَيره، وَإِنَّمَا السّير الْجلد، فَلَو كَانَ مأخوذا مِمَّا ذكره لَكَانَ تصغيره: سيير، وَلم تكن الْهمزَة: فَاء. وَفِي (الصِّحَاح) : شدَّة بالإسار وَهُوَ الْقد. قَوْله: (قد كَذبك) أَي: فِي قَوْله: إِنَّه مُحْتَاج، وَسَيَعُودُ إِلَى الْأَخْذ. قَوْله: (فرصدته) أَي: رقبته. قَوْله: (فجَاء) ، هَكَذَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي والكشميهني وَفِي رِوَايَة غَيرهمَا: فَجعل. قَوْله: (دَعْنِي) ، وَفِي رِوَايَة أبي المتَوَكل: خلِّ عني. قَوْله: (ينفعك الله بهَا) وَفِي رِوَايَة أبي المتَوَكل: إِذْ قلتهن لم يقربك ذكر وَلَا أُنْثَى من الْجِنّ، وَفِي رِوَايَة ابْن الضريس من هَذَا الْوَجْه: لَا يقربك من الْجِنّ ذكر وَلَا أُنْثَى صَغِير وَلَا كَبِير. قَوْله: (فَقلت: مَا هُوَ؟) هَكَذَا فِي رِوَايَة الْكشميهني، أَي: الْكَلَام أَو النافع أَو الشَّيْء، وَفِي رِوَايَة غَيره: مَا هِيَ، وَهَذَا ظَاهر، وَفِي رِوَايَة أبي المتَوَكل: وَمَا هَؤُلَاءِ الْكَلِمَات؟ قَوْله: (إِذا أويت) ، من الثلاثي يُقَال: أَوَى إِلَى منزله إِذا أَتَى إِلَيْهِ، وآويت غَيْرِي من الْمَزِيد. قَوْله: (آيَة الْكُرْسِيّ {الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيُّوم} (الْبَقَرَة: ٥٥٢)) ، حَتَّى تختم الْآيَة وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ والإسماعيلي: ( {الله لَا إلاه إلَاّ هُوَ الْحَيّ القيوم} (الْبَقَرَة: ٥٥٢) من أَولهَا حَتَّى تختمها) ، وَفِي حَدِيث معَاذ بن جبل زِيَادَة، وَهِي خَاتِمَة سُورَة الْبَقَرَة. قَوْله: (لن يزَال) ، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: لم يزل، وَوَقع لَهُم عكس ذَلِك فِي فَضَائِل الْقُرْآن. قَوْله: (من الله) أَي: من جِهَة أَمر الله، وَقدرته، أَو من بَأْس الله ونقمته، كَقَوْلِه تَعَالَى: {لَهُ مُعَقِّبَات من بَين يَدَيْهِ وَمن خَلفه يَحْفَظُونَهُ من أَمر الله} (الرَّعْد: ١١) . قَوْله: (وَلَا يقربك) ، بِفَتْح الرَّاء وَضم الْبَاء الْمُوَحدَة. قَوْله: (وَكَانُوا) ، أَي: الصَّحَابَة: (أحرص النَّاس على تعلم الْخَيْر) قيل: هَذَا مدرج من كَلَام بعض رُوَاته، قلت: هَذَا يحْتَمل، وَالظَّاهِر أَنه غير مدرج، وَلَكِن فِيهِ الْتِفَات، لِأَن مُقْتَضى الْكَلَام أَن يُقَال: وَكُنَّا أحرص شَيْء عَن الْخَيْر. قَوْله: (وَهُوَ كذوب) ، هَذَا تتميم فِي غَايَة الْحسن، لِأَنَّهُ لما أثبت الصدْق لَهُ أوهم الْمَدْح، فاستدركه بِصِيغَة تفِيد الْمُبَالغَة فِي كذبه، وَفِي حَدِيث معَاذ بن جبل: صدق الْخَبيث وَهُوَ كذوب، وَفِي رِوَايَة أبي المتَوَكل: أَو مَا علمت أَنه كَذَلِك؟ قَوْله: (مُنْذُ ثَلَاث) ، هَكَذَا فِي رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيره: مذ ثَلَاث. قَوْله: (ذَاك شَيْطَان) ، كَذَا وَقع هُنَا بِدُونِ الْألف وَاللَّام فِي رِوَايَة الْجَمِيع، أَي: شَيْطَان من الشَّيَاطِين. وَوَقع فِي فَضَائِل الْقُرْآن: ذَاك الشَّيْطَان، بِالْألف وَاللَّام للْعهد الذهْنِي.

وَقد وَقع مثل حَدِيث أبي هُرَيْرَة لِمعَاذ بن جبل، وَأبي بن كَعْب، وَأبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ وَأبي أسيد الْأنْصَارِيّ، وَزيد بن ثَابت، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم.

أما حَدِيث معَاذ بن جبل، فقد رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ عَن شَيْخه يحيى بن عُثْمَان بن صَالح بِإِسْنَادِهِ إِلَى بُرَيْدَة. قَالَ: بَلغنِي أَن معَاذ بن جبل أَخذ الشَّيْطَان على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَأَتَيْته فَقلت: بَلغنِي أَنَّك أخذت الشَّيْطَان على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: نعم، ضم إِلَى رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، تمر الصَّدَقَة فَجَعَلته فِي غرفَة لي، فَكنت أجد فِيهِ كل يَوْم نُقْصَانا، فشكوت ذَلِك إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ لي: هُوَ عمل الشَّيْطَان، فارصدْه، قَالَ: فرصدته لَيْلًا، فَلَمَّا ذهب هوى من اللَّيْل أقبل على صُورَة الْفِيل، فَلَمَّا انْتهى إِلَى الْبَاب دخل من خلل الْبَاب على غير صورته، فَدَنَا من التَّمْر فَجعل يلتقمه، فشددت على ثِيَابِي فتوسطته، فَقلت: أشهد أَن لَا إلاه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله، يَا عَدو الله، وَثَبت إِلَى تمر الصَّدَقَة فَأَخَذته وَكَانُوا أَحَق بِهِ مِنْك؟ لأرفعنك إِلَى رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فيفضحك، فعاهدني أَن لَا يعود، فَغَدَوْت إِلَى رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: مَا فعل أسيرك؟ فَقلت: عاهدني أَن لَا يعود. قَالَ: إِنَّه عَائِد، فارصده. فرصدته اللَّيْلَة الثانة، فَصنعَ مثل ذَلِك، وصنعت مثل ذَلِك، وعاهدني أَن لَا يعود، فخليت سَبيله، ثمَّ غَدَوْت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأخبره فَإِذا مناديه يُنَادي: أَيْن معَاذ؟ فَقَالَ لي: يَا معَاذ! مَا فعل أسيرك؟ قَالَ: فَأَخْبَرته، فَقَالَ لي: إِنَّه عَائِد فارصده، فرصدته اللَّيْلَة الثَّالِثَة فَصنعَ مثل ذَلِك، وصنعت مثل ذَلِك، فَقَالَ: يَا عَدو الله عاهدتني مرَّتَيْنِ وَهَذِه الثَّالِثَة، لأرفعنك إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيفضحك، فَقَالَ: إِنِّي شَيْطَان ذُو عِيَال، وَمَا أَتَيْتُك إِلَّا من نَصِيبين، وَلَو أصبت شَيْئا

<<  <  ج: ص:  >  >>