رَأَيْت جملا على الْبعد. قلت: هَذَا بعير فَإِذا استثبته قلت: جمل أَو نَاقَة، وَيجمع على: أَبْعِرَة وأباعر وأباعير وبعر وبعران. وَفِي (الْعباب) : يُقَال للجمل بعير وللناقة بعير، وَبَنُو تَمِيم يَقُولُونَ: بعير وشعير، بِكَسْر الْبَاء والشين وَالْفَتْح هُوَ الصَّحِيح، وَإِنَّمَا يُقَال لَهُ: بعير إِذا جذع، وَالْجمع أَبْعِرَة فِي أدنى الْعدَد، وأباعر فِي الْكثير، وأباعير وبعران هَذِه عَن الْفراء. قَوْله: (أمسك إِنْسَان بخطامه) أَي: تمسك بِهِ، ومسكت بِهِ مثل أَمْسَكت بِهِ. قَالَ الله تَعَالَى: {وَالَّذين يمسكون بِالْكتاب} (الْأَعْرَاف: ١٧٠) أَي: يتمسكون بِهِ، وَقَرَأَ البصريون: {وَلَا تمسكوا بعصم الكوافر} (الممتحنه: ١٠) بِالتَّشْدِيدِ، والخطام، بِكَسْر الْخَاء: الزِّمَام الَّذِي يشد فِيهِ الْبرة، بِضَم الْبَاء وَفتح الرَّاء؛ حَلقَة من صفر تجْعَل فِي لحم أنف الْبَعِير. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: تجْعَل فِي إِحْدَى جَانِبي المنخرين. قَوْله: (بِذِي الْحجَّة) بِكَسْر الْحَاء وَفتحهَا وَالْكَسْر افصح، وَيجمع على: ذَوَات الْحجَّة، وَذي الْقعدَة، بِكَسْر الْقَاف، وَيجمع على ذَوَات الْعقْدَة. قَوْله: (وَأَعْرَاضكُمْ) جمع عرض، بِكَسْر الْعين، وَهُوَ مَوضِع الْمَدْح والذم من الْإِنْسَان، سَوَاء كَانَ فِي نَفسه أَو فِي سلفه. وَقيل: الْعرض الْحسب، وَقيل: الْخلق، وَقيل: النَّفس. وَقد مر تَحْقِيق الْكَلَام فِيهِ. قَوْله: (الشَّاهِد) أَي الْحَاضِر، من: شهد إِذا حضر. قَوْله: (أوعى) أَي: أحفظ، من الوعي وَهُوَ: الْحِفْظ والفهم.
بَيَان الْإِعْرَاب: قَوْله: (ذكر النَّبِي) ، بِنصب: النَّبِي، لِأَنَّهُ مفعول: ذكر، وَالضَّمِير فِي ذكر يرجع إِلَى الرَّاوِي. الْمَعْنى عَن أبي بكرَة أَنه كَانَ يُحَدِّثهُمْ، فَذكر النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فَقَالَ: (قعد على بعيره) ، وَوَقع فِي رِوَايَة ابْن عَسَاكِر عَن أبي بكرَة أَن النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، (قعد) . وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ، عَن أبي بكرَة، قَالَ وَذكر النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فالواو: وَاو الْحَال، وَيجوز أَن تكون وَاو الْعَطف، على أَن يكون الْمَعْطُوف عَلَيْهِ محذوفاً. فَافْهَم. قَوْله: (قعد على بعيره) جملَة وَقعت مقول قَالَ الْمُقدر. قَوْله: (وَأمْسك) يجوز أَن تكون الْوَاو، فِيهِ للْحَال. وَقد علم أَن الْمَاضِي إِذا وَقع حَالا تجوز فِيهِ الْوَاو وَتركهَا، وَلَكِن لَا بُد من قد، ظَاهِرَة أَو مقدرَة، وَيجوز أَن تكون للْعَطْف على قعد. قَوْله: (أَي يَوْم هَذَا؟) جملَة وَقعت مقول القَوْل. قَوْله: (فسكتنا) عطف على: قَالَ. قَوْله: (حَتَّى) للغاية بِمَعْنى: إِلَى. قَوْله: (أَنه) ، بِفَتْح الْهمزَة فِي مَحل النصب على المفعولية. قَوْله: (سيسميه) : السِّين فِيهِ تفِيد توكيد النِّسْبَة. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ فِي قَوْله تَعَالَى {أُولَئِكَ سيرحمهم الله} (التَّوْبَة: ٧١) السِّين مفيدة وجود الرَّحْمَة لَا محَالة، فَهِيَ تؤكد الْوَعْد كَمَا تؤكد الْوَعيد إِذا قلت: سأنتقم مِنْك. قَوْله: (أَلَيْسَ يَوْم النَّحْر؟) الْهمزَة فِيهِ لَيست للاستفهام الْحَقِيقِيّ، وَإِنَّمَا هِيَ تفِيد نفي مَا بعْدهَا، وَمَا بعْدهَا هَهُنَا منفي، فَتكون إِثْبَاتًا. لِأَن نفي النَّفْي إِثْبَات، فَيكون الْمَعْنى: هُوَ يَوْم النَّحْر. كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {أَلَيْسَ الله بكاف عَبده} (الزمر: ٣٩) أَي: الله كَاف عَبده، وَكَذَلِكَ قَوْله: {ألم نشرح لَك صدرك} (الإنشراح: ١) فَمَعْنَاه: شرحنا صدرك، وَلِهَذَا عطف عَلَيْهِ قَوْله: {ووضعنا} (الإنشراح: ٢) . قَوْله: (فَقُلْنَا) عطف على قَوْله: قَالَ. قَوْله: (بلَى) مقول القَوْل أقيم مقَام الْجُمْلَة الَّتِي هِيَ مقول القَوْل، وَهِي حرف يخْتَص بِالنَّفْيِ ويفيد إِبْطَاله سَوَاء كَانَ مُجَردا نَحْو: {زعم الَّذين كفرُوا أَن لن يبعثوا قل بلَى وربي} (التغابن: ٧) أَو مَقْرُونا بالاستفهام حَقِيقِيًّا كَانَ نَحْو: أَلَيْسَ زيد بقائم، فَتَقول: بلَى، أَو توبيخاً نَحْو: {أم يحسبون أَنا لَا نسْمع سرهم ونجواهم بلَى} (الزخرف: ٨٠) . {أيحسب الْإِنْسَان أَن لن نجمع عِظَامه بلَى} (الْقِيَامَة: ٣) . أَو تقريراً نَحْو: {ألم يأتكم نَذِير قَالُوا بلَى} (الْملك: ٨ ٩) . {أَلَسْت بربكم قَالُوا بلَى} (الْأَعْرَاف: ١٧٢) . أجروا النَّفْي مَعَ التَّقْدِير مجْرى النَّفْي الْمُجَرّد فِي رده ببلى، وَلذَلِك قَالَ ابْن عَبَّاس: لَو قَالُوا: نعم كفرُوا، لِأَن: نعم، تَصْدِيق للْخَبَر بِنَفْي أَو إِيجَاب، وَلذَلِك قَالَت جمَاعَة من الْفُقَهَاء: لَو قَالَ: أَلَيْسَ لي عَلَيْك ألف؟ فَقَالَ: بلَى، لَزِمته. وَلَو قَالَ: نعم، لم تلْزمهُ. وَقَالَ آخَرُونَ: تلْزمهُ فيهمَا، وجروا فِي ذَلِك على مُقْتَضى الْعرف لَا اللُّغَة. قَوْله: (حرَام) خبر: إِن، قَوْله: (ليبلغ) ، بِكَسْر الْغَيْن، لِأَنَّهُ أَمر، وَلكنه لما وصل بِمَا بعده حرك بِالْكَسْرِ، لِأَن الأَصْل فِي السَّاكِن إِذا حرك أَن يُحَرك بِالْكَسْرِ. قَوْله: (عَسى أَن يبلغ) ، فِي مَحل الرّفْع على أَنه خبر: إِن، وَقد علم أَن لعسى استعمالان: أَحدهمَا: أَن يكون فَاعله إسماً نَحْو: عَسى زيد أَن يخرج، فزيد مَرْفُوع بالفاعلية، و: أَن يخرج، فِي مَوضِع نصب لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة: قَارب زيد الْخُرُوج. وَالْآخر: أَن تكون أَن مَعَ صلتها فِي مَوضِع الرّفْع نَحْو: عَسى أَن يخرج زيد، فَيكون إِذْ ذَاك بِمَنْزِلَة: قرب أَن يخرج، أَي: خُرُوجه. وَمَا فِي الحَدِيث من هَذَا الْقَبِيل. قَوْله: (مِنْهُ) ، صلَة لأَفْعَل التَّفْضِيل، أَعنِي قَوْله: (أوعى) . فَإِن قلت: صلته كالمضاف إِلَيْهِ، فَكيف جَازَ الْفَصْل بَينهمَا بِلَفْظَة: لَهُ؟ قلت: جَازَ، لِأَن فِي الظّرْف سَعَة كَمَا جَازَ الْفَصْل بَين الْمُضَاف والمضاف إِلَيْهِ بِهِ، قَالَ.
(فرشني بِخَير لأكونن ومدحتي ... كناحت يَوْمًا صَخْرَة بعسيل)
فَإِن قَوْله: يَوْمًا، فصل بَين: ناحت، الَّذِي هُوَ مُضَاف، وَبَين صَخْرَة، الَّذِي هُوَ مُضَاف إِلَيْهِ. وَقَوله: (فرشني) أَمر من راش
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute