مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله:(إيَّاكُمْ وَالْجُلُوس على الطرقات) فَإِن قلت: التَّرْجَمَة على الصعدات؟ قلت: الصعدات هِيَ الطرقات كَمَا ذكرنَا، وَلَا فرق بَينهمَا فِي الْمَعْنى، وَعند أبي دَاوُد بِلَفْظ: الطرقات. وَرِجَاله قد ذكرُوا.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الاسْتِئْذَان عَن عبد الله بن مُحَمَّد. وَأخرجه مُسلم فِيهِ وَفِي اللبَاس عَن سُوَيْد بن سعيد عَن يحيى بن يحيى وَعَن مُحَمَّد بن رَافع. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْأَدَب عَن القعْنبِي عَن الدَّرَاورْدِي بِهِ.
قَوْله:(إيَّاكُمْ وَالْجُلُوس) ، بِالنّصب على التحذير، أَي: اتَّقوا الْجُلُوس واتركوه على الطرقات. قَوْله:(مَا لنا بدُّ) أَي: مَا لنا غنى عَنهُ. قَوْله:(هِيَ) أَي: الطرقات. قَوْله:(فَإِذا أَبَيْتُم) ، من: الإباء فَإِذا امتنعتم عَن الْجُلُوس إلَاّ فِي الْمجَالِس، وَهَذَا هَكَذَا فِي رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيره: فَإِذا أتيتم إِلَى الْمجَالِس، من الْإِتْيَان، وبكلمة: إِلَى، الَّتِي للغاية. قَوْله:(قَالَ: غض الْبَصَر) أَي: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: حق الطَّرِيق غض الْبَصَر، وَأَرَادَ بِهِ السَّلامَة من التَّعَرُّض للفتنة لمن يمء من النِّسَاء وَغَيرهم قَوْله (وكف الْأَذَى) بِالرَّفْع عطف على مَا قبله وَأَرَادَ بِهِ السَّلامَة من التَّعَرُّض إِلَى أحد بالْقَوْل وَالْفِعْل مِمَّا لَيْسَ فيهمَا من الْخَيْر. قَوْله:(ورد السَّلَام) ، يَعْنِي: على الَّذِي يسلم عَلَيْهِ من المارين. قَوْله:(وَأمر بِمَعْرُوف) ، وَهُوَ كل أَمر جَامع لكل مَا عرف من طَاعَة الله تَعَالَى والتقرب إِلَيْهِ وَالْإِحْسَان إِلَى النَّاس وكل مَا ندب إِلَيْهِ الشَّرْع من المحسنات وَنهى عَنهُ من المقبحات، وَالْمُنكر ضد الْمَعْرُوف، وكل مَا قبحه الشَّرْع وَحرمه وَكَرِهَهُ، وَزَاد عِنْد أبي دَاوُد: وإرشاد السَّبِيل وتشميت الْعَاطِس إِذا حمد، وَمن حَدِيث عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، عِنْد الطَّبَرَانِيّ: وإغاثة الملهوف، زِيَادَة على مَا ذكر. قَالُوا: نَهْيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْجُلُوس فِي الطرقات لِئَلَّا يضعف الْجَالِس على الشُّرُوط الَّتِي ذكرهَا، وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: فهم الْعلمَاء أَن هَذَا الْمَنْع لَيْسَ على جِهَة التَّحْرِيم، وَإِنَّمَا هُوَ من بَاب سد الذرائع والإرشاد إِلَى الصُّلْح. قَالَ: وَفِي رِوَايَة: وَحسن الْكَلَام من رد الْجَواب، قَالَ: يُرِيد أَن من جلس على الطَّرِيق فقد تعرض لكَلَام النَّاس، فليحسن لَهُم كَلَامه وَيصْلح شَأْنه. وروى هِشَام بن عُرْوَة عَن عبد الله بن الزبير، قَالَ: الْمجَالِس حلق الشَّيْطَان إِن يرَوا حَقًا لَا يقومُونَ بِهِ، وَإِن يرَوا بَاطِلا فَلَا يدفعونه. وَقَالَ عَامر: كَانَ النَّاس يَجْلِسُونَ فِي مَسَاجِدهمْ: فَلَمَّا قتل عُثْمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، خَرجُوا إِلَى الطَّرِيق يسْأَلُون عَن الْإِخْبَار. وَقَالَ طَلْحَة