شُرَيْح هُوَ ابْن الْحَارِث الْكِنْدِيّ، أدْرك النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلم يلقه، استقضاه عمر بن الْخطاب على الْكُوفَة، وَأقرهُ عَليّ بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَأقَام على الْقَضَاء بهَا سِتِّينَ سنة، وَقضى بِالْبَصْرَةِ سنة، وَمَات سنة ثَمَان وَسبعين وَكَانَ لَهُ عشرُون وَمِائَة سنة. قَوْله:(وأتى شُرَيْح فِي طنبور) ، يَعْنِي: أَتَى إِلَيْهِ اثْنَان أدعى أَحدهمَا على الآخر أَنه كسر طنبوره فَلم يقْض فِيهِ بِشَيْء، أَي: لم يحكم فِيهِ بغرامة. وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله ابْن أبي شيبَة من طَرِيق أبي حُصَيْن، بِفَتْح الْحَاء، بِلَفْظ: أَن رجلا كسر طنبور رجل فرفعه إِلَى شُرَيْح فَلم يضمنهُ شَيْئا، وَذكره وَكِيع بن الْجراح عَن سُفْيَان عَن أبي حُصَيْن، بِفَتْح الْحَاء: أَن رجلا كسر طنبور رجل فحاجه إِلَى شُرَيْح فَلم يضمنهُ شَيْئا، وَهَذَا يُوضح أَن جَوَاب التَّرْجَمَة عدم الضَّمَان. وَقَالَ ابْن التِّين: قضى شُرَيْح فِي الطنبور الصَّحِيح يكسر: بِأَن يدْفع لمَالِكه فينتفع بِهِ، وَقَالَ الْمُهلب: وَمَا كسر من آلَات الْبَاطِل وَكَانَ فِيهَا بعد كسرهَا مَنْفَعَة فصاحبها أولى بهَا مَكْسُورَة، إلَاّ أَن يرى الإِمَام حرقها بالنَّار، على معنى التَّشْدِيد والعقوبة على وَجه الِاجْتِهَاد، كَمَا أحرق عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، دَار
على بيع الْخمر، وَقد هم الشَّارِع بتحريق دور من يتَخَلَّف عَن صَلَاة الْجَمَاعَة، وَهَذَا أصل فِي الْعقُوبَة فِي المَال إِذا رأى ذَلِك. قيل: هَذَا كَانَ فِي الصَّدْر الأول، ثمَّ نسخ.