الْكفْر) ، هِيَ دَار الْحَرْب، والدارة أخص من الدَّار، ويروى: (دَاره) ، بِالْإِضَافَة إِلَى الضَّمِير، وَحِينَئِذٍ يكون الْكفْر بَدَلا مِنْهُ بدل الْكل من الْكل، وَكَثِيرًا مَا تسْتَعْمل الدارة فِي أشعار الْعَرَب، كَمَا قَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
(وَلَا سِيمَا يَوْم بدارة جلجل)
ودارات كَثِيرَة، وَقَالَ أَبُو حَاتِم عَن الْأَصْمَعِي: الدارة جوفة تحف الْجبَال، وَقَالَ عَنهُ فِي مَوضِع آخر: الدارة رمل مستدير قدر ميلين تحفه الْجبَال. وَقَالَ الهجري: الدارة النبكة السهلة حفتها جبال، وَمِقْدَار الدارة خَمْسَة أَمْيَال فِي مثلهَا. قلت: النبكة، بِفَتْح النُّون وَالْبَاء الْمُوَحدَة وَالْكَاف: وَهِي أكمة محددة الرَّأْس، وَيجمع على: نبك، بِالتَّحْرِيكِ. فَإِن قلت: الشّعْر لمن؟ قلت: ظَاهره أَنه لأبي هُرَيْرَة، وَلكنه غير مَشْهُور بالشعر. وَحكى ابْن التِّين: أَنه لغلامه، وَحكى الفاكهي فِي (كتاب مَكَّة) : عَن مقدم بن حجاج السوَائِي أَن الْبَيْت الْمَذْكُور لأبي مرْثَد الغنوي فِي قصَّة لَهُ، فَإِذا كَانَ كَذَلِك يكون أَبُو هُرَيْرَة قد تمثل بِهِ. وَالله أعلم.
وَقَالَ الْمُهلب: لَا خلاف بَين الْعلمَاء فِيمَا علمت إِذا قَالَ رجل لعَبْدِهِ: هُوَ حر، أَو: هُوَ لله، وَنوى الْعتْق أَنه يلْزمه الْعتْق. وكل مَا يفهم بِهِ عَن الْمُتَكَلّم أَنه أَرَادَ بِهِ الْعتْق لزمَه وَنفذ عَلَيْهِ، وروى ابْن أبي شيبَة عَن هشيم عَن مُغيرَة: أَن رجلا قَالَ لغلامه: أَنْت لله. فَسئلَ الشّعبِيّ وَالْمُسَيب بن رَافع وَحَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان، فَقَالُوا: هُوَ حر. وَعَن إِبْرَاهِيم كَذَلِك، وَقَالَ إِبْرَاهِيم: وَإِن قَالَ: إِنَّك لحر النَّفس، فَهُوَ حر، وَعَن الْحسن: إِذا قَالَ: مَا أَنْت إلَاّ حر، نِيَّته. وَعَن الشّعبِيّ مثله.
وَقَالَ ابْن بطال: فِيهِ: الْعتْق عِنْد بُلُوغ الأمل والنجاة مِمَّا يخَاف، كَمَا فعل أَبُو هُرَيْرَة حِين أَنْجَاهُ الله من دَار الْكفْر وَمن ضلاله فِي اللَّيْل عَن الطَّرِيق، وَكَانَ إِسْلَام أبي هُرَيْرَة فِي سنة سِتّ من الْهِجْرَة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute