للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يكون فِيهِ نوع تَعْظِيم لَهُ، بل يَقُول: أطعمت سَيِّدي ومولاي وَنَحْوه. قلت: روى مُسلم وَالنَّسَائِيّ من طَرِيق الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة فِي ذَا الحَدِيث نَحوه، وَزَاد: وَلَا يقل أحدكُم مولَايَ، فَإِن مولاكم الله. قلت: اخْتلفُوا فِي هَذِه الزِّيَادَة على الْأَعْمَش، مِنْهُم من ذكرهَا، وَمِنْهُم من حذفهَا، وَقَالَ عِيَاض: حذفهَا أصح، وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: الْمَشْهُور حذفهَا، قَالَ: وَإِنَّمَا صرنا إِلَى التَّرْجِيح للتعارض مَعَ تعذر الْجمع وَعدم الْعلم بالتاريخ. وَسبب النَّهْي عَن قَول: أطْعم رَبك، وَنَحْوه مَا ذَكرْنَاهُ فِي أَوَائِل الْكتاب. وَقَالَ ابْن بطال: لَا يجوز أَن يُقَال لأحد غير الله: رب، كَمَا لَا يجوز أَن يُقَال: إِلَه. قلت: النَّهْي عِنْد الْإِطْلَاق، وَأما الْإِضَافَة فَيجوز، كَمَا فِي {أذكرني عِنْد رَبك} (يُوسُف: ٢٤) . وَنَحْو ذَلِك، وَيحْتَمل أَن يكون النَّهْي للتنزيه، وَمَا ورد من ذَلِك فلبيان الْجَوَاز، وَقيل: هُوَ مَخْصُوص بِغَيْر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا يرد مَا فِي الْقُرْآن، إِذْ المُرَاد النَّهْي عَن الْإِكْثَار من ذَلِك واتخاذ اسْتِعْمَال هَذِه اللَّفْظَة عَادَة، وَلَيْسَ المُرَاد النَّهْي عَن ذكرهَا فِي الْجُمْلَة. فَإِن قلت: ذكر قَوْله: (أطْعم رَبك، وضىء رَبك، إسق رَبك) ، أَمْثِلَة تدل على التَّخْصِيص أم لَا؟ قلت: لَا، وَإِنَّمَا ذكرت دون غَيرهَا لغَلَبَة اسْتِعْمَالهَا فِي المخاطبات. قَوْله: (وَلَا يقل أحدكُم: عَبدِي أمتِي) ، زَاد مُسلم فِي رِوَايَته، من طَرِيق الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة: (كلكُمْ عبيد الله وكل نِسَائِكُم إِمَاء الله) ، فأرشد، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِلَى الْعلَّة، لِأَن حَقِيقَة الْعُبُودِيَّة إِنَّمَا يَسْتَحِقهَا الله، عز وَجل، وَلِأَن فِيهَا تَعْظِيمًا لَا يَلِيق بالمخلوق اسْتِعْمَاله لنَفسِهِ. قَوْله: (وَليقل: فَتَاي وَفَتَاتِي) ، زَاد مُسلم: وجاريتي، فأرشد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِلَى مَا يُؤَدِّي المعني مَعَ السَّلامَة من التعاظم، لِأَن لفظ: الْفَتى والغلام، لَا يدل على مَحْض الْملك كدلالة العَبْد، فقد كثر اسْتِعْمَال الْفَتى فِي الْحر، وَكَذَلِكَ الْغُلَام وَالْجَارِيَة، وَقَالَ النَّوَوِيّ: المُرَاد بِالنَّهْي من اسْتَعْملهُ على جِهَة التعاظم لَا من أَرَادَ التَّعْرِيف.

٣٥٥٢ - حدَّثنا أبُو النُّعْمَانِ قَالَ حدَّثنا جريرُ بنُ حازِمٍ عنْ نافِعٍ عنِ ابنِ عُمرَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما قَالَ قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَنْ أعْتَقَ نَصيباً لَهُ مِنَ العَبْدِ فَكانَ لَهُ مِنَ المَالِ مَا يبْلُغُ قيمَتَهُ يُقَوَّمُ علَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ وأُعْتِقَ مِنْ مالِهِ وإلَاّ فَقدْ عَتَقَ منْهُ مَا عَتَقَ.

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه لَو لم يحكم عَلَيْهِ بِعِتْق كُله عِنْد الْيَسَار لَكَانَ بذلك متطاولاً عَلَيْهِ، وَأَبُو النُّعْمَان مُحَمَّد بن الْفضل السدُوسِي. والْحَدِيث مضى فِي كتاب الْعتْق فِي: بَاب إِذا أعتق عبدا بَين اثْنَيْنِ، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن أبي النُّعْمَان عَن حداد عَن أَيُّوب عَن نَافِع عَن ابْن عمر ... إِلَى آخِره.

٤٥٥٢ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ قَالَ حدَّثنا يَحيى عنْ عُبَيْدِ الله قَالَ حدَّثني نافِعٌ عنْ عَبْدِ الله رَضِي الله تَعَالَى عنهُ أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كُلُّكُمْ رَاعٍ فَمَسْئُولٌ عنْ رَعِيَّتِهِ فالأميرُ الَّذِي علَى النَّاسِ راعٍ وهْوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ والرَّجُلُ راعٍ علَى أهْلِ بَيْتهِ وهْوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ والمَرْأةُ راعِيَةٌ على بَيْتِ بَعْلِهَا وَولَدِهِ وهْيَ مَسْئولَةٌ عَنْهُم والْعَبْدُ راعٍ على مالِ سَيِّدِهِ وهْوَ مَسئُولٌ عنْهُ ألَاّ فكُلُّكُمْ راعٍ وكُلُّكُمْ مَسْئولٌ عنْ رَعِيَّتِهِ..

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (وَالْعَبْد رَاع على مَال سَيّده) فَإِنَّهُ إِذا كَانَ ناصحاً لَهُ فِي خدمته مُؤديا الْأَمَانَة يَنْبَغِي أَن يُعينهُ وَلَا يَتَطَاوَل عَلَيْهِ. وَيحيى هُوَ الْقطَّان، وَعبيد الله هُوَ ابْن عمر بن حَفْص بن عَاصِم بن عمر بن الْخطاب الْعمريّ. وَأخرجه مُسلم فِي الْمَغَازِي عَن عبيد الله بن سعيد. والْحَدِيث مضى أَيْضا فِي آخر كتاب الاستقراض فِي: بَاب العَبْد رَاع فِي مَال سَيّده، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن أبي الْيَمَان عَن شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم بن عبد الله عَن عبد الله بن عمر، وَأخرجه أَيْضا فِي كتاب الْجُمُعَة فِي: بَاب الْجُمُعَة فِي الْقرى والمدن: عَن بشر بن مُحَمَّد عَن عبد الله عَن يُونُس عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم ... إِلَى آخِره.

<<  <  ج: ص:  >  >>