للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَأَبُو الزِّنَاد وَرَبِيعَة: لَا يجوز بَيْعه إلَاّ بِرِضَاهُ، فَإِن رَضِي بِالْبيعِ فَهُوَ عجز مِنْهُ. وَقَالَ إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَعَطَاء وَاللَّيْث وَأحمد وَأَبُو ثَوْر: يجوز بَيْعه على أَن يمْضِي فِي كِتَابَته، فَإِن أدّى عتق وَكَانَ وَلَاؤُه للَّذي ابتاعه، وَإِن عجز فَهُوَ عبد لَهُ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه: لَا يجوز بيع الْمكَاتب مَا دَامَ مكَاتبا حَتَّى يعجز، وَلَا يجوز بيع كِتَابَته، قَالَ: وَهُوَ قَول الشَّافِعِي بِمصْر، وَكَانَ بالعراق يَقُول: يجوز بَيْعه، وَأما بيع كِتَابَته فَغير جَائِز بِحَال.

وقالتْ عائِشَةُ هُوَ عَبْدٌ مَا بَقِي علَيْهِ شَيْءٌ

هَذَا التَّعْلِيق وَصله الطَّحَاوِيّ، قَالَ: حَدثنَا يُونُس، قَالَ: حَدثنَا ابْن وهب حَدثنَا ابْن أبي ذِئْب عَن عمرَان ابْن بشير عَن سَالم عَن عَائِشَة، قَالَت: إِنَّك عبد مَا بَقِي عَلَيْك شَيْء. قَالَ: وَحدثنَا أَبُو بشر حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة وشجاع ابْن الْوَلِيد عَن عَمْرو بن مَيْمُون عَن سُلَيْمَان بن يسَار، قَالَ: اسْتَأْذَنت على عَائِشَة، فَقَالَت: كم بَقِي عَلَيْك من كتابتك؟ قلت: عشر أَوَاقٍ. قَالَت: أَدخل فَإنَّك عبد مَا بَقِي عَلَيْك شَيْء، وَفِي رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ: مَا بَقِي عَلَيْك دِرْهَم. قلت: سُلَيْمَان بن يسَار أَبُو أَيُّوب الْهِلَالِي الْمدنِي مولى مَيْمُونَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَقَالَ ابْن سعد: وَيُقَال: إِن سُلَيْمَان بن يسَار نَفسه كَانَ مكَاتبا لأم سَلمَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، وَأما سَالم الَّذِي فِي رِوَايَة الطَّحَاوِيّ أَيْضا فَهُوَ سَالم بن عبد الله النصري، بالنُّون وَالصَّاد الْمُهْملَة: أَبُو عبد الله الْمدنِي، وَهُوَ سَالم مولى شَدَّاد بن الْهَاد، وَهُوَ سَالم مولى مَالك بن أَوْس بن الْحدثَان، مولى النصريين، وَهُوَ سَالم سبلان، روى عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة مِنْهُم عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.

وَقَالَ زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ

هَذَا التَّعْلِيق وَصله الشَّافِعِي عَن سُفْيَان عَن ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد: أَن زيد بن ثَابت قَالَ فِي الْمكَاتب: هُوَ عبد مَا بَقِي عَلَيْهِ دِرْهَم. وَقَالَ الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا عَليّ بن شيبَة حَدثنَا يزِيد بن هَارُون أَنبأَنَا سُفْيَان عَن ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد: كَانَ زيد بن ثَابت يَقُول: الْمكَاتب عبد مَا بَقِي عَلَيْهِ شَيْء من كِتَابَته.

وَقَالَ ابنُ عُمَرَ هُوَ عبْدٌ إنْ عاشَ وإنْ ماتَ وإنْ جَنى مَا بَقِيَ عليْهِ شَيْءٌ

أَي: قَالَ عبد الله بن عمر: هُوَ عبد أَي: الْمكَاتب عبد ... إِلَى آخِره، وَهَذَا تَعْلِيق وَصله الطَّحَاوِيّ عَن يُونُس: أخبرنَا ابْن وهب أَخْبرنِي أُسَامَة بن زيد وَمَالك بن أنس عَن نَافِع عَن ابْن عمر، قَالَ: الْمكَاتب عبد مَا بَقِي عَلَيْهِ من كِتَابَته شَيْء، ذكر فِي أثر ابْن عمر ثَلَاثَة أَشْيَاء: حَيَاة الْمكَاتب، وَمَوته، وجنايته.

أما فِي حَيَاته فَإِنَّهُ عبد مَا بَقِي عَلَيْهِ شَيْء من مَال الْكِتَابَة، وَلَا يعْتق إلَاّ بأَدَاء كل الْبَدَل عِنْد جُمْهُور الْعلمَاء، إلَاّ عِنْد ابْن عَبَّاس، فَإِنَّهُ يعْتق بِنَفس العقد، وَهُوَ غَرِيم الْمولى بِمَا عَلَيْهِ من بدل الْكِتَابَة، وَعند عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، يعْتق بِقدر مَا أدّى، وَبِه قَالَت الظَّاهِرِيَّة، وَيعتق بِأَدَائِهِ جَمِيع الْكِتَابَة عندنَا، وَإِن لم يقل الْمولى: إِذا أديتها فَأَنت حر، وَبِه قَالَ مَالك وَأحمد. وَقَالَ الشَّافِعِي: لَا يعْتق مَا لم يقل كاتبتك على كَذَا إِن أديته فَأَنت حر.

وَأما فِي مَوته فَإِنَّهُ إِذا مَاتَ وَله مَال لم تَنْفَسِخ الْكِتَابَة، وَقضى مَا عَلَيْهِ من بدل الْكِتَابَة وَحكم بِعِتْقِهِ فِي آخر جُزْء من أَجزَاء حَيَاته، وَمَا بَقِي من ذَلِك فَهُوَ لوَرثَته، وَيعتق أَوْلَاده المولودون فِي الْكِتَابَة، وَكَذَا المشترون فِيهَا، وَهَذَا عندنَا، وَهُوَ قَول عَليّ وَابْن مَسْعُود وَالْحسن وَابْن سِيرِين وَالنَّخَعِيّ وَالشعْبِيّ وَعَمْرو بن دِينَار وَالثَّوْري. وَقَالَ الشَّافِعِي: تبطل الْكِتَابَة بِمَوْت الْمكَاتب عبدا وَمَا ترك لمَوْلَاهُ، وَبِه قَالَ أَحْمد. وَهُوَ قَول قَتَادَة وَأبي سُلَيْمَان، وَإِذا مَاتَ الْمولى لَا تبطل الْكِتَابَة، وَيُقَال: للْمكَاتب أد المَال إِلَى وَرَثَة الْمولى على نجومه.

وَأما فِي جِنَايَته، فَإِن الْمولى يدْفع قيمَة وَاحِدَة وَلَا يُزَاد عَلَيْهَا وَإِن تَكَرَّرت الْجِنَايَة، وَكَذَا فِي أم الْوَلَد والمدير، بِخِلَاف الْقِنّ فَإِن الدّفع يتَكَرَّر بِتَكَرُّر الْجِنَايَة.

٤٦٥٢ - حدَّثنا عبْدُ الله بنُ يُوسُفَ قَالَ أخبرنَا مالِكٌ عَن يَحْياى بنِ سَعيدٍ عنْ عَمْرَةَ بنْتِ عَبْدِ الرحْمانِ أنَّ بَرِيرَةَ تَسْتَعِينُ عائِشَةَ أُمَّ المُؤْمِنِينَ رَضِي الله تَعَالَى عنهَا فقالَتْ لَها إنْ أحَبَّ أهْلُكِ أنْ أصُبَّ لَهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>