التَّعْلِيق رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث سعيد بن مَنْصُور: حَدثنَا هشيم أَنبأَنَا الشَّيْبَانِيّ عَن مُحَمَّد بن عبد الله الثَّقَفِيّ أَن عَمْرو بن حُرَيْث كَانَ يُجِيز شَهَادَته، يَعْنِي: المختبيء، وَيَقُول: كَذَا يفعل بالخائن والفاجر.
قَالَ وكذالِكَ يُفْعَلُ بالْكَاذِبِ الفاجِرِ
أَي: قَالَ عَمْرو بن حُرَيْث: كَذَلِك، أَي: بالاختبار عِنْد تحمل الشَّهَادَة، يفعل بِسَبَب الْكَاذِب الْفَاجِر، وَأَرَادَ بِهِ: الْمَدْيُون الَّذِي لَا يعْتَرف بِالدّينِ ظَاهرا ثمَّ يختلي بِهِ الدَّائِن فِي مَوضِع، وَقد كَانَ أخْفى فِيهِ من يسمع إِقْرَاره بِالدّينِ، فَإِذا شهد بذلك بعد ذَلِك يسمع عِنْد عمر، وَبِه قَالَ الشَّافِعِي فِي الْجَدِيد وَابْن أبي ليلى وَمَالك وَأحمد وَإِسْحَاق، وَرُوِيَ عَن شُرَيْح وَالشعْبِيّ وَالنَّخَعِيّ أَنهم كَانُوا لَا يجيزون شَهَادَة المختبيء، وَقَالُوا: إِنَّه لَيْسَ بِعدْل حِين اختفى مِمَّن يشْهد عَلَيْهِ، وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ فِي الْقَدِيم.
وَقَالَ الشُّعَبِيُّ وابنُ سِيرينَ وعَطاءٌ وقَتادَةُ السَّمْعُ شَهادةٌ
يَعْنِي: إِذا سمع من أحد شَيْئا وَلم يشهده عَلَيْهِ يسمع شَهَادَته عِنْد عَامر الشّعبِيّ وَمُحَمّد بن سِيرِين وَعَطَاء بن أبي رَبَاح وَقَتَادَة ابْن دعامة، وَتَعْلِيق الشّعبِيّ رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة عَن هشيم عَن مطرف عَنهُ بِهِ، وَرُوِيَ عَن الشّعبِيّ أَنه قَالَ: يجوز شَهَادَة السّمع إِذا قَالَ: سمعته يَقُول، وَإِن لم يشهده، وَكَذَا روى عَن عُبَيْدَة وَإِبْرَاهِيم قَالَا: شَهَادَة السّمع جَائِزَة. قَالَ الطَّحَاوِيّ فِي (مُخْتَصره) : يجوز للرجل أَن شهد بِمَا سمع إِذا كَانَ معايناً لمن سَمعه مِنْهُ وَإِن لم يشهده على ذَلِك. فَإِن قلت: قد مر أَن الشّعبِيّ لَا يُجِيز شَهَادَة المختبيء، وَقَوله: السّمع شَهَادَة يُعَارضهُ؟ قلت: لاحْتِمَال أَن فِي شَهَادَة المختبيء مخادعة، وَلَا يلْزم من ذَلِك رد شَهَادَة السّمع من غير قصد، وَعَن مَالك نَظِيره، وَهُوَ أَنه قَالَ: الْحِرْص على تحمل الشَّهَادَة قَادِح فَإِن اختفى ليشهد فَهُوَ حرص.
وَقَالَ الحَسَنُ يَقُولُ لَمْ يُشْهِدُوني على شَيْءٍ وإنِّي سَمِعْتُ كذَا وكَذَا
تَعْلِيق الْحسن الْبَصْرِيّ رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة عَن حَاتِم بن وردان عَن يُونُس عَن الْحسن، قَالَ: لَو أَن رجلا سمع من قوم شَيْئا فَإِنَّهُ يَأْتِي القَاضِي فَيَقُول: لم يشهدوني، وَلَكِنِّي سَمِعت كَذَا وَكَذَا.
٨٣٦٢ - حدَّثنا أَبُو اليَمَانِ قَالَ أخبرنَا شُعَيْبٌ عنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ سالِمٌ سَمِعْتُ عَبْدَ الله بنَ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا يَقُولُ انْطَلَقَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأُبَيُّ بنُ كعْبٍ الأنْصَارِيُّ يَؤُمَّانِ النَّخْلَ الَّتِي فِيهاابنُ صَيَّادٍ حتَّى إذَا دَخلَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طَفِقَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَتَّقي بِجُذُوعِ النَّخْلِ وهْوَ يَخْتِلُ أنْ يَسْمَعَ مِنِ ابنِ صيَّادٍ شَيْئاً قَبْلَ أنْ يَراهُ وابْنُ صيَّادٍ مُضْطَجِعٌ على فِرَاشِهِ فِي قَطِيفَةٍ لَهُ فِيهَا رَمْرَمةٌ أوْ زَمْزَمَةٌ فَرأتْ أُمُّ ابنِ صَيَّادٍ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهْوَ يَتَّقِي بجُذُوعِ النَّخْلِ فقالتْ لابْنِ صَيَّادٍ أيْ صافِ هَذَا مُحَمَّدٌ فَتَنَاهاى ابنُ صيَّادٍ قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لوْ تَرَكَتْهُ بَيَّنَ..
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (وَهُوَ يخْتل أَن يسمع من ابْن صياد شَيْئا قبل أَن يرَاهُ) .
والْحَدِيث مضى فِي كتاب الْجَنَائِز فِي: بَاب إِذا أسلم الصَّبِي فَمَاتَ هَل يصلى عَلَيْهِ؟ فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عَبْدَانِ عَن عبد الله عَن يُونُس عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: أَخْبرنِي سَالم بن عبد الله أَن ابْن عمر أخبرهُ ... إِلَى آخِره بأتم مِنْهُ. وَأخرجه هُنَا عَن أبي الْيَمَان الحكم بن نَافِع عَن شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ ... إِلَى آخِره، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ مُسْتَوفى. وَنَذْكُر بعض شَيْء لبعد الْعَهْد مِنْهُ.
قَوْله: (يؤمان) ، أَي: يقصدان. قَوْله: (طفقَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) ، بِكَسْر الْفَاء، من أَفعَال المقاربة، مَعْنَاهُ: أَخذ فِي الْفِعْل وَجعل يفعل. قَوْله: (يَتَّقِي) ، خبر: طفق. قَوْله: (وَهُوَ يخْتل) ، جملَة وَقعت حَالا، وَهُوَ بِكَسْر التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق