الزُّور) ، وَقد مر تَفْسِير الزُّور فِي أول الْبَاب. وَقد رُوِيَ عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَالَ: عدلت شَهَادَة الزُّور بالإشراك بِاللَّه، وَقَرَأَ عبد الله {فَاجْتَنبُوا الرجس من الْأَوْثَان وَاجْتَنبُوا قَول الزُّور} (الْحَج: ٠٣) . وَاخْتلف فِي شَاهد الزُّور، إِذا تَابَ، فَقَالَ مَالك: تقبل تَوْبَته وشهادته كشارب الْخمر، وَعَن عبد الْملك: لَا تقبل كالزنديق. وَقَالَ أَشهب: إِن أقرّ بذلك لم تقبل تَوْبَته أبدا، وَعند أبي حنيفَة: إِذا ظَهرت تَوْبَته يجب قبُول شَهَادَته إِذا أَتَى ذَلِك مرّة أُخْرَى، يظْهر فِي مثلهَا تَوْبَته، وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَأبي ثَوْر، وَقَالَ ابْن الْمُنْذر: وَقَول أبي حنيفَة وَمن تبعه أصح. وَقَالَ ابْن الْقَاسِم: بَلغنِي عَن مَالك أَنه: لَا تقبل شَهَادَته أبدا وَإِن تَابَ وَحسنت تَوْبَته. وَاخْتلف هَل يُؤَدب إِذا أقرّ، فَعَن شُرَيْح أَنه: كَانَ يبْعَث بِشَاهِد الزُّور إِلَى قومه أَو إِلَى سوقه إِن كَانَ مولى، إِنَّا قد زيفنا شَهَادَة هَذَا، وَيكْتب اسْمه عِنْده ويضربه خفقات، وَينْزع عمَامَته عَن رَأسه، وَعَن الْجَعْد بن ذكْوَان: أَن شريحاً ضرب شَاهد زور عشْرين سَوْطًا. وَعَن عمر بن عبد الْعَزِيز: أَنه اتهمَ قوما على هِلَال رَمَضَان فضربهم سبعين سَوْطًا وأبطل شَهَادَتهم، وَعَن الزُّهْرِيّ: شَاهد الزُّور يُعَزّر. وَقَالَ الْحسن: يضْرب شَيْئا. وَيُقَال للنَّاس: إِن هَذَا شَاهد زور، وَقَالَ الشّعبِيّ: يضْرب مَا دون الْأَرْبَعين خَمْسَة وَثَلَاثِينَ سَبْعَة وَثَلَاثِينَ سَوْطًا. وَفِي (كتاب الْقَضَاء) لأبي عبيد بن سَلام: عَن معمر: أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رد شَهَادَة رجل فِي كذبة كذبهَا. وَذكره أَبُو سعيد النقاش بِإِسْنَادِهِ إِلَى عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس، بِلَفْظ: كذبة وَاحِدَة كذها. وَفِي (الْأَشْرَاف) : كَانَ سوار يَأْمر بِهِ، يلبب بِثَوْبِهِ، وَيَقُول لبَعض أعوانه: إذهبوا بِهِ إِلَى مَسْجِد الْجَامِع فدوروا بِهِ على الْخلق وَهُوَ يُنَادي: من رَآنِي فَلَا يشْهد بزور. وَكَانَ النُّعْمَان يرى أَن يبْعَث بِهِ إِلَى سوقه إِن كَانَ سوقياً أَو إِلَى مَسْجِد قومه، وَيَقُول: القَاضِي يقرؤكم السَّلَام، وَيَقُول: إِنَّا وجدنَا هَذَا شَاهد زور، فَاحْذَرُوهُ وَحَذرُوهُ الناسَ، وَلَا يرى عَلَيْهِ تعزيراً. وَعَن مَالك: أرى أَن يفضح ويعلن بِهِ وَيُوقف، وَأرى أَن يضْرب ويسار بِهِ، وَقَالَ أَحْمد وَإِسْحَاق: يُقَام للنَّاس، ويعذر ويؤدب. وَقَالَ أَبُو ثَوْر: يُعَاقب. وَقَالَ الشَّافِعِي: يُعَزّر وَلَا يبلغ بالتعزير أَرْبَعِينَ سَوْطًا ويشهر بأَمْره، وَعَن عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: أَنه حَبسه يَوْمًا وخلى عَنهُ، وَعَن ابْن أبي ليلى: يضْرب خَمْسَة وَسبعين سَوْطًا لاولا يبْعَث بِهِ. وَعَن الْأَوْزَاعِيّ: إِذا كَانَا اثْنَيْنِ وشهدا على طَلَاق فَفرق بَينهمَا ثمَّ أكذبا نفسهما، أَنَّهُمَا يضربان مائَة مائَة ويغرمان للزَّوْج الصَدَاق. وَعَن الْقَاسِم وَسَالم: شاهذ الزُّور يحبس ويخفق سبع خفقات بعد الْعَصْر، وينادى عَلَيْهِ. وَعَن عبد الْملك بن يعلى قَاضِي الْبَصْرَة: أَنه أَمر بحلق أَنْصَاف رؤوسهم وتسخم وُجُوههم وَيُطَاف بهم فِي الْأَسْوَاق. قلت: عِنْد أبي حنيفَة: شَاهد الزُّور يبْعَث بِهِ إِلَى محلته أَو سوقه، فَيُقَال لَهُم: إِنَّا وجدنَا هَذَا شَاهد زور فَاحْذَرُوهُ، فَلَا يضْرب وَلَا يحبس. وَعند أبي يُوسُف وَمُحَمّد، يضْرب وَيحبس إِن لم يحدث تَوْبَة، لِأَنَّهُ ارْتكب مَحْظُورًا فيعزر.
تابَعَهُ غُنْدَرٌ وأبُو عامِرٍ وبَهْزٌ وعَبْدُ الصَّمَدِ عنْ شُعْبَةَ
أَي: تَابع وهب بن جرير فِي رِوَايَته عَن شُعْبَة غنْدر، وَهُوَ مُحَمَّد بن جَعْفَر، وَأَبُو عَامر عبد الْملك الْعَقدي، وبهز، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْهَاء وَفِي آخِره زَاي: ابْن أَسد الْعمي، وَعبد الصَّمد بن عبد الْوَارِث، وَهَؤُلَاء بصريون، فمتابعة الْعَقدي وَصلهَا أَبُو سعيد النقاش فِي (كتاب الشُّهُود) وَابْن مَنْدَه فِي (كتاب الْإِيمَان) من طَرِيقه عَن شعبه بِلَفْظ: (أكبر الْكَبَائِر الْإِشْرَاك بِاللَّه) . ومتابعة بهز وَصلهَا أَحْمد عَنهُ ومتابعة عبد الصَّمد وَصلهَا البُخَارِيّ فِي الدِّيات.
٤٥٦٢ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ قَالَ حدَّثنا بِشْرُ بنُ الْمُفَضَّلِ قَالَ حدَّثنا الجُرَيْرِيُّ عنْ عَبْدِ الرَّحْمانِ بنِ أبِي بَكْرَةَ عنْ أبِيهِ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ألَا أُنَبِّئُكُمْ بِأكْبَرِ الكَبَائِرِ ثَلاثاً قَالُوا بلَى يَا رسُولَ الله قَالَ الإشْرَاكُ بِاللَّه وعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ وجَلسَ وكانَ مُتَّكِئَاً فقالَ ألَا وقَوْلِ الزُّورِ قَالَ فَما زَالَ يُكَرِّرُهَا حتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَبشر، بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة، وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة، والجريري، بِضَم الْجِيم وَفتح الرَّاء الأولى: سعيد بن إِيَاس الْأَزْدِيّ، وَسَماهُ فِي رِوَايَة خَالِد الْحذاء عَنهُ فِي أَوَائِل الْأَدَب، وَقد أخرج البُخَارِيّ للْعَبَّاس بن فرور والجريري
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute