للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقَدِمْتُ عَلى عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيزِ وهْو خَليفَةُ فَحدَّثْتُهُ هاذَا الحَدِيث فَقَالَ إنَّ هذَا لَحَدٌّ بَيْنَ الصَّغِيرِ والْكَبِيرِ وكَتَبَ إِلَى عُمَّالِهِ أنْ يَفْرِضُوا لِمَنْ بَلغَ خَمسَ عَشْرَةَ.

(الحَدِيث ٤٦٦٢ طرفه فِي: ٧٩٠٤) .

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه يوضحها بِأَن بُلُوغ الصَّبِي فِي خمس عشرَة سنة بِاعْتِبَار السن، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أجَاز لِابْنِ عمر، وسنه خمس عشرَة، فَدلَّ على أَن الْبلُوغ بِالسِّنِّ بِخمْس عشرَة.

ذكر رِجَاله وهم خَمْسَة: الأول: عبيد الله بن سعيد، كَذَا وَقع فِي جَمِيع الْأُصُول: عبيد الله بتصغير عبد وَهُوَ أَبُو قدامَة السَّرخسِيّ، وَوَقع لبَعض الْحفاظ: عبيد بن إِسْمَاعِيل، وَبِذَلِك جزم الْبَيْهَقِيّ فِي (الخلافيات) : فَأخْرج الحَدِيث من طَرِيق مُحَمَّد ابْن الْحُسَيْن الْخَثْعَمِي عَن عبيد بن إِسْمَاعِيل، ثمَّ قَالَ: أخرجه البُخَارِيّ عَن عبيد بن إِسْمَاعِيل. قلت: عبيد بن إِسْمَاعِيل، واسْمه فِي الأَصْل: عبد الله يكنى أَبَا مُحَمَّد الْهَبَّاري الْقرشِي الْكُوفِي، وَهُوَ من مَشَايِخ البُخَارِيّ، وَمن أَفْرَاده، وَيحْتَمل أَن يكون البُخَارِيّ روى الحَدِيث الْمَذْكُور عَنْهُمَا جَمِيعًا، فَوَقع هُنَا فِي كثير من النّسخ: عبيد الله بن سعيد، وَوَقع فِي بَعْضهَا: عبيد بن إِسْمَاعِيل، على أَن عبيد بن إِسْمَاعِيل أَيْضا روى عَن أبي أُسَامَة. الثَّانِي: أَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة، وَقد تكَرر ذكره. الثَّالِث: عبيد الله بن عمر بن حَفْص بن عَاصِم بن عمر بن الْخطاب ...

وَفِي السَّنَد: االتحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين، وبصيغة الْإِفْرَاد فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع.

والْحَدِيث أخرجه ابْن مَاجَه فِي الْحُدُود عَن عَليّ بن مُحَمَّد.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (عرضه يَوْم أحد) ذكر ابْن عمر هُنَا: عرضه، وَبعد ذَلِك قَالَ: عرضني، لِأَن الأَصْل: عرضه، وَأما التَّكَلُّم على سَبِيل الْحِكَايَة فَهُوَ نقل كَلَام ابْن عمر بِعَيْنِه، فَإِن كَانَ الْكل كَلَام ابْن عمر لَا كَلَام الرَّاوِي، يكون من بَاب التَّجْرِيد، فَإِن ابْن عمر جرد من نَفسه شخصا وَعبر عَنهُ بِلَفْظ الْغَائِب، وَجَاز فِي أَمْثَالهَا وَجْهَان: تَقول: أَنا الَّذِي ضربت زيدا، وَأَنا الَّذِي ضرب زيدا. قَوْله: (فَلم يجزني) ، يَعْنِي فِي ديوَان المقاتلين وَلم يقدر لي رزقا مثل أرزاق الأجناد، وَفِي (صَحِيح ابْن حبَان) : فَلم يجزني وَلم يرني بلغت. قَوْله: (يَوْم الخَنْدَق) ، وَوَقع فِي (جمع) الْحميدِي، بدل الخَنْدَق: يَوْم الْفَتْح، وَهُوَ غلط نَقله أَبُو الْفضل بن نَاصِر السلَامِي عَن تعليقة أبي مَسْعُود، وَخلف، قَالَ: وتبعهما شَيخنَا الْحميدِي، وراجعنا الْكِتَابَيْنِ فِي هَذَا فَلم نجد فيهمَا إلَاّ الخَنْدَق. وَهُوَ الصَّوَاب، وَفِي رِوَايَة ذكرهَا ابْن التِّين: عرضت عَام الخَنْدَق، ولي أَربع عشرَة، فأجازني، قَالَ: وَقيل: إِنَّمَا عرض يَوْم بدر فَرده وَأَجَازَهُ بِأحد، وَقَالَ بَعضهم: ذكر الخَنْدَق وهمٌ، وَإِنَّمَا كَانَت غَزْوَة ذَات الرّقاع، لِأَن الخَنْدَق كَانَت سنة خمس، وَهُوَ قَالَ إِنَّه كَانَ فِي أحد ابْن أَربع عشرَة، فعلى هَذَا يكون غَزْوَة ذَات الرّقاع هِيَ المرادة، لِأَنَّهَا كَانَت فِي سنة أَربع، بَينهَا وَبَين أحد سنة، وَقد يُجَاب: بِأَنَّهُ يحْتَمل أَن ابْن عمر فِي أُحد دخل فِي أول سنة أَربع من حِين مولده، وَذَلِكَ فِي شَوَّال مِنْهَا ثمَّ تكملت لَهُ سنة أَربع عشرَة فِي شَوَّال من الْآتِيَة، ثمَّ دخل فِي الْخَامِس عشرَة إِلَى شوالها الَّذِي كَانَت فِيهِ الخَنْدَق، فَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنه فِي أحد فِي أول الرَّابِعَة، وَفِي الخَنْدَق فِي آخر الْخَامِسَة. وَقد رُوِيَ عَن مُوسَى بن عقبَة وَغَيره: أَن الخَنْدَق كَانَت سنة أَربع، فَلَا حَاجَة إِذن لهَذِهِ الْأُمُور. قَوْله: (قَالَ نَافِع) مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور. قَوْله: (إِن هَذَا لحد) ، أَي: إِن هَذَا السن، وَهُوَ خمس عشرَة سنة، نِهَايَة الصغر وبداية الْبلُوغ، وَفِي رِوَايَة ابْن عُيَيْنَة عَن عبيد الله بن عمر عِنْد التِّرْمِذِيّ، فَقَالَ: هَذَا حد مَا بَين الذُّرِّيَّة والمقاتلة. قَوْله: (وَكتب إِلَى عماله) ، بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَتَشْديد الْمِيم، جمع: عَامل، وهم النواب الَّذين استنابهم فِي الْبِلَاد، وَفِي رِوَايَة مُسلم زِيَادَة. قَوْله: وَمن كَانَ دون ذَلِك فَاجْعَلُوهُ فِي الْعِيَال. قَوْله: (أَن يفرضوا) ، أَي: يقدروا لَهُم رزقا فِي ديوَان الْجند.

وَمِمَّا يُسْتَفَاد مِنْهُ: أَن من اسْتكْمل خمس عشرَة سنة أجريت عَلَيْهِ أَحْكَام الْبَالِغين وَإِن لم يَحْتَلِم فيكلف بالعبادات وَإِقَامَة الْحُدُود، وَيسْتَحق سهم الْغَنِيمَة وَيقتل إِن كَانَ حَرْبِيّا وَغير ذَلِك من الْأَحْكَام. وَمن ذَلِك: أَن الإِمَام يستعرض من يخرج مَعَه لِلْقِتَالِ قبل أَن يَقع الْحَرْب، فَمن وجده أَهلا استصحبه، وَمن لَا فَيردهُ. وَقَالَ بَعضهم: وَعند الْمَالِكِيَّة وَالْحَنَفِيَّة لَا تتَوَقَّف الْإِجَازَة لِلْقِتَالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>