وفَعَلَهُ الحَسَنُ
أَي: فعل إنجاز الْوَعْد الْحسن الْبَصْرِيّ. وَقَالَ الْكرْمَانِي: الْفِعْل، بِلَفْظ الْمصدر، وَالْحسن صفة مشبهة صفة للْفِعْل، وَفِي بَعْضهَا: فعل بِلَفْظ الْمَاضِي، وَالْحسن الْبَصْرِيّ. قلت: الْوَجْه الأول أحسن وأوجه على مَا لَا يخفى، وَمَعْنَاهُ فعل إنجاز الْوَعْد الْحسن، فارتفاع الْحسن فِي هَذَا الْوَجْه مَرْفُوع على الوصفية، على الْوَجْه الثَّانِي يكون ارتفاعه بالفاعلية، فَافْهَم.
وذَكَرَ {إسْمَاعِيلَ إنَّهُ كانَ صادِقَ الوَعْدِ} (مَرْيَم: ٤٥) .
أَي: ذكر الله تَعَالَى إِسْمَاعِيل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي كِتَابه الْكَرِيم بقوله: {وَاذْكُر فِي الْكتاب إِسْمَاعِيل إِنَّه كَانَ صَادِق الْوَعْد} (مَرْيَم: ٤٥) . وَهَذَا الَّذِي فِي الْمَتْن رِوَايَة النَّسَفِيّ، وَفِي رِوَايَة غَيره {وَاذْكُر فِي الْكتاب ... } (مَرْيَم: ٤٥) . إِلَى آخِره، وروى ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الثَّوْريّ أَنه بلغه أَن إِسْمَاعِيل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل قَرْيَة هُوَ وَرجل، فَأرْسلهُ فِي حَاجَة، وَقَالَ لَهُ: إِنَّه ينتظره، فَأَقَامَ حولا فِي انْتِظَاره، وَمن طَرِيق ابْن شَوْذَب: أَنه اتخذ ذَلِك الْموضع مسكنا، فَسُمي من يَوْمئِذٍ: صَادِق الْوَعْد.
وقَضاى ابنُ الأشْوَعِ بِالوَعْدِ
ابْن الأشوع هُوَ سعيد بن عَمْرو بن الأشوع الْهَمدَانِي قَاضِي الْكُوفَة فِي زمَان إِمَارَة خَالِد الْقَسرِي على الْعرَاق، وَذَلِكَ بعد الْمِائَة، مَاتَ فِي ولَايَة خَالِد، وَذكره ابْن حبَان فِي (الثِّقَات) وَقَالَ يحيى بن معِين: مَشْهُور يعرفهُ النَّاس، وَابْن الأشوع، بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة وَفتح الْوَاو وَفِي آخِره عين مُهْملَة. قَوْله: (بالوعد) أَي: بإنجاز الْوَعْد.
وذَكَرَ ذالِكَ عنْ سَمُرَةَ
أَي: ذكر ابْن الأشوع الْقَضَاء بإنجازالوعد عَن سَمُرَة بن جُنْدُب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَقع ذَلِك فِي تَفْسِير إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه.
وَقَالَ المِسْوَرُ بنُ مَخْرَمَةَ: سَمِعْتُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وذكَرَ صِهْرَاً لَهُ قَالَ: وعَدَنِي فوَفَى لي
الْمسور، بِكَسْر الْمِيم، ومخرمة بِفَتْحِهَا. قَوْله: (وَذكر) أَي: النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صهراً لَهُ يَعْنِي: أَبَا الْعَاصِ بن الرّبيع زوج زَيْنَب بنت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَقيل: يَعْنِي أَبَا بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. وَاعْلَم أَن الْأخْتَان من قبل المرإة، والأحماء من قبل الرجل، والصهر يجمعهما، وَكَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صهر أبي الرّبيع لِأَنَّهُ كَانَ زوج بنته زَيْنَب، وصهر أبي بكر الصّديق أَيْضا لِأَنَّهُ كَانَ زوج بنته عَائِشَة الصديقة. قَوْله: (قَالَ: وَعَدَني) أَي: قَالَ وَمِنْهَا: صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (صهري وَعَدَني فوفى لي) ، ويروى: فوفاني، ويروى فأوفاني.
قَالَ أَبُو عَبْدِ الله ورَأيْتُ إسْحَاقَ بنَ إبْرَاهِيمَ يَحْتَجُّ بِحَدِيثِ ابنِ الأشْوَعَ
أَبُو عبد الله البُخَارِيّ نَفسه، وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن رَاهَوَيْه. قَوْله: (يحْتَج بِحَدِيث ابْن الأشوع) ، هُوَ الحَدِيث الَّذِي ذكره عَن سَمُرَة بن جُنْدُب، وَأَرَادَ بِهِ أَنه كَانَ يحْتَج بِهِ فِي القَوْل بِوُجُوب إنجاز الْوَعْد، وَوَقع فِي كثير من النّسخ: ذكر إِسْمَاعِيل، بَين التَّعْلِيق عَن ابْن الأشوع وَبَين نقل البُخَارِيّ عَن إِسْحَاق، وَالَّذِي وَقع فِي نسختنا أولى.
١٨٦٢ - حدَّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ حَمْزَةَ قَالَ حدَّثنا إبرَاهِيمُ بنُ سَعْدٍ عَن صالِحٍ عنِ ابنِ شِهابٍ عنْ عُبَيْدِ الله بنِ عَبْدِ الله بنَ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما أخبرهُ قَالَ أخبرَنِي أبُو سُفْيَانَ أنَّ هِرَقْلَ قَالَ لَهُ سألْتُكَ مَاذَا يأمُرُكُمْ فَزَعَمْتَ أنَّهُ أمرَكُمْ بالصَّلاةِ والصِّدْقِ والعَفَافِ والوَفاءِ بالعَهْدِ وأداءِ الأمانَةِ قَالَ وهاذِهِ صِفَةُ نَبِيٍّ..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَالْوَفَاء بالعهد) ، يَعْنِي: كَانَ صَادِق الْوَعْد، وَإِبْرَاهِيم بن حَمْزَة وَأَبُو إِسْحَاق الزبيرِي الْمَدِينِيّ، وَهُوَ من أَفْرَاده، وَإِبْرَاهِيم بن سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف الزُّهْرِيّ الْقرشِي الْمَدِينِيّ، وَصَالح هُوَ ابْن كيسَان أَبُو مُحَمَّد