٢١٧٢ - حدَّثنا يَحْيَى بنُ بُكَيْر قَالَ حدَّثنا اللَّيْثُ عنْ عقَيْلٍ عنِ ابنِ شِهابٍ قَالَ أَخْبرنِي عُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ أنَّهُ سَمِعَ مَرْوَانَ والمِسْوَرَ بنَ مَخْرَمَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما يُخْبِرَانِ عنْ أصْحَابِ رسولِ الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَمَّا كاتَبَ سُهَيْلُ بنُ عَمْرٍ ويَوْمَئِذٍ كانَ فِيما اشْتَرَطَ سُهَيْلُ بنُ عَمْرو عَلى النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنَّهُ لَا يَأْتِيكَ مِنَّا أحَدٌ وإنْ كانَ على دِينِكَ إلَاّ رَدَدْتَهُ إلَيْنَا وخَلَّيْتَ بَيْنَنَا وبَيْنَهُ فَكَرِهَ الْمُؤْمِنُونَ ذَلِكَ وامْتَعَضُوا مِنْهُ وأبى سُهَيْلٌ إلَاّ ذلِكَ فَكاتَبَهُ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم علَى ذَلِكَ فرَدَّ يَوْمَئِذٍ أبَا جَنْدَلٍ إِلَى أبِيهِ سُهَيْلِ ابنِ عَمْرٍ وولَمْ يأتِهِ أحَدٌ مِنَ الرِّجَالِ إلَاّ رَدَّهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وإنْ كانَ مُسْلِماً وجاءَ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ وكانَتْ أُمُّ كَلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ بنِ أبِي مُعَيْطٍ مِمَّنْ خَرَجَ إلَى رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمَئِذٍ وهْيَ عاتِقٌ فَجاءَ أهْلُهَا يَسْأَلُونَ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنْ يَرْجِعَهَا ألَيْهِمْ فَلَمْ يَرْجِعْهَا إلَيْهِمْ لِمَا أنْزَلَ الله فِيهِنَّ {إذَا جاءَكُمْ الْمُؤْمِنَاتُ مِهَاجِرَاتٍ فامْتَحِنُوهُنَّ الله أعْلَمُ بِإيمَانِهِنَّ} (الممتحنة: ٠١) . إِلَى قَوْله: {ولَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} (الممتحنة: ٠١) . قَالَ عُرْوَةُ فأخْبَرَتْنِي عائِشَةُ أنَّ رسوُلَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كانَ يَمْتَحِنُهُنَّ بِهَذِهِ الآيةَ {يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا جاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فامْتَحِنُوهُنَّ} (الممتحنة: ٠١) . إِلَى {غَفُورٌ رَحيِمٌ} (الممتحنة: ٢١) . قالَ عُرْوَةُ قالَتْ عائِشَةُ فَمَنْ أقَرَّ بِهاذَا الشَّرْطِ مِنْهُنَّ قَالَ لَهَا رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَدْ بايَعْتُكَ كَلَاماً يُكَلِّمُها بِهِ وَالله مَا مَسَّتْ يَدُهُ يَدَ امْرَأةٍ قَطُّ فِي الْمُبَايَعَةِ وَمَا بَايَعَهُنَّ إلَاّ بِقَوْلِهِ..
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (كَانَ فِيمَا اشْترط سُهَيْل بن عَمْرو) إِلَى قَوْله: (وَجَاء الْمُؤْمِنَات) . وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الطَّلَاق، ومروان هُوَ ابْن الحكم والمسور، بِكَسْر الْمِيم: ابْن مخرمَة، بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْخَاء الْمُعْجَمَة، لَهُ ولأبيه صُحْبَة.
قَوْله: (يخبران عَن أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) هَكَذَا قَالَ عقيل عَن الزُّهْرِيّ، وَهُوَ مُرْسل عَنْهُمَا لِأَنَّهُمَا لم يحضرا الْقِصَّة، فعلى هَذَا فَالْحَدِيث من مُسْند من لم يسم من الصَّحَابَة، وَلم يصب من أخرجه من أَصْحَاب الْأَطْرَاف فِي مُسْند الْمسور أَو مَرْوَان، أما مَرْوَان، فَإِنَّهُ لَا يَصح لَهُ سَماع من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا صُحْبَة لإنه خرج إِلَى الطَّائِف طفْلا لَا يعقل لما نفى النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبَاهُ الحكم، وَكَانَ مَعَ أَبِيه بِالطَّائِف حَتَّى اسْتخْلف عُثْمَان فردهما، وَقد روى حَدِيث الْحُدَيْبِيَة بِطُولِهِ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَأما الْمسور فصح سَمَاعه من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لكنه إِنَّمَا قدم مَعَ أَبِيه وَهُوَ صَغِير بعد الْفَتْح، وَكَانَت هَذِه الْقِصَّة قبل ذَلِك بِسنتَيْنِ، وَلَا يُقَال: إِنَّه رِوَايَة عَن الْمَجْهُول، لِأَن الصَّحَابَة كلهم عدُول فَلَا قدح فِيهِ بِسَبَب عدم معرفَة أسمائهم. قَوْله: (لما كَاتب سُهَيْل بن عَمْرو) ، قد ذكرنَا تَرْجَمته فِيمَا مضى عَن قريب، وَكَانَ أحد أَشْرَاف قُرَيْش وخطيبهم، أسر يَوْم بدر، فَقَالَ عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: (انْزعْ ثنيته فَلَا يقوم عَلَيْك خَطِيبًا) ، فَقَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (دَعه، فَعَسَى أَن يقوم مقَاما تحمده) . أسلم يَوْم الْفَتْح وَكَانَ رَقِيقا كثير الْبكاء عِنْد قِرَاءَة الْقُرْآن، فَمَاتَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَاخْتلف النَّاس بِمَكَّة، وارتد كَثِيرُونَ، فَقَامَ سُهَيْل خَطِيبًا. وَسكن النَّاس ومنعهم من الِاخْتِلَاف، وَهَذَا هُوَ الْمقَام الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَوْله: (يَوْمئِذٍ) أَي: يَوْم صلح الْحُدَيْبِيَة. قَوْله: (فامتعضوا مِنْهُ) ، بِعَين مُهْملَة وضاد مُعْجمَة، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: مَعْنَاهُ: شقّ عَلَيْهِم وَعظم، يُقَال: معض من شَيْء سَمعه وامتعض إِذا غضب وشق عَلَيْهِ، وَقَالَ القَاضِي: لَا أصل لهَذَا من كَلَام الْعَرَب، وَأَحْسبهُ: فكرهوا ذَلِك وامتعضوا مِنْهُ أَي: شقّ عَلَيْهِم. وَقَالَ ابْن قرقول: (امتعظوا) ، كَذَا للأصيلي والهمداني، وفسروه: كرهوه، وَهُوَ غير صَحِيح، وَفِي الْخط والهجاء وَإِنَّمَا يَصح لَو كَانَ امتعضوا بضاد غير مشالة، كَمَا عِنْد أبي ذَر هُنَا وعبدوس، بِمَعْنى: (كَرهُوا وانفوا) وَقد وَقع مُفَسرًا كَذَلِك فِي بعض الرِّوَايَات فِي (الْأُم) وَعند الْقَابِسِيّ أَيْضا فِي (الْمَغَازِي) : (امَّعظوا) بتَشْديد الْمِيم وبالظاء الْمُعْجَمَة، وَكَذَا لعبدوس، وَعند بَعضهم: (اتغظوا) ، من الغيظ، وَعند بَعضهم عَن النَّسَفِيّ، واتغضوا، بغين
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute