للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَمِنْهَا: أَن رُوَاته كلهم كوفيون. وَمِنْهَا: أَن فِيهِ عَن أبي بردة عَن أبي مُوسَى، وَلم يقل: عَن أبي بردة عَن أَبِيه. قَالَ بَعضهم: إِنَّمَا قَالَ ذَلِك تفنناً. قلت: التفنن هُوَ التنوع فِي أَنْوَاع الْكَلَام وأساليبه من الْفَنّ وَاحِد الْفُنُون، وَهِي الْأَنْوَاع، وَلَا يكون ذَلِك إلَاّ باخْتلَاف الْعبارَات، وَلَيْسَ هَهُنَا إلَاّ عبارَة وَاحِدَة فَكيف يكون من هَذَا الْقَبِيل.

بَيَان من أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ هَهُنَا فَقَط. وَأخرجه مُسلم فِي فَضَائِل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَعبد اللَّه بن براد وَأبي كريب، وَالنَّسَائِيّ فِي الْعلم عَن الْقَاسِم بن زَكَرِيَّا الْكُوفِي، ثَلَاثَتهمْ عَن أبي أُسَامَة عَنهُ بِهِ.

بَيَان اللُّغَات: قَوْله: (مثل) ، بِفَتْح الْمِيم والثاء الْمُثَلَّثَة: المُرَاد بِهِ هَهُنَا الصّفة العجبية لَا القَوْل السائر. قَوْله: (من الْهدى) ، قَالَ الْجَوْهَرِي: الْهدى الرشاد، وَالدّلَالَة، يذكر وَيُؤَنث. يُقَال: هداه الله للدّين هدى، وهديته الطَّرِيق وَالْبَيْت هِدَايَة، أَي: عَرفته، هَذِه لُغَة أهل الْحجاز وَغَيرهم. تَقول: هديته إِلَى الطَّرِيق وَإِلَى الدَّار، حَكَاهَا الْأَخْفَش، وَهدى واهتدى بِمَعْنى، وَفِي الِاصْطِلَاح: الْهدى: هُوَ الدّلَالَة الموصلة إِلَى البغية. قَوْله: (وَالْعلم) هُوَ صفة توجب تمييزاً لَا يحْتَمل مُتَعَلّقه النقيض، وَالْمرَاد بِهِ هَهُنَا الْأَدِلَّة الشَّرْعِيَّة. قَوْله: (الْغَيْث) هُوَ الْمَطَر، وغيثت الأَرْض فَهِيَ مغيثة ومغيوثة. يُقَال: غاث الْغَيْث الأَرْض إِذا أَصَابَهَا. وغاث الله الْبِلَاد يغيثها غيثاً. قَوْله: (نقية) ، بِفَتْح النُّون وَكسر الْقَاف وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف: من النَّقَاء، هَكَذَا هُوَ عِنْد البُخَارِيّ فِي جَمِيع الرِّوَايَات، وَوَقع عِنْد الْخطابِيّ والْحميدِي، وَفِي حَاشِيَة أصل أبي ذَر: ثغبة، بِفَتْح الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَكسر الْغَيْن الْمُعْجَمَة بعْدهَا بَاء مُوَحدَة خَفِيفَة مَفْتُوحَة، قَالَ الْخطابِيّ: هِيَ مستنقع المَاء فِي الْجبَال والصخور، وَقَالَ الصغاني: الثغب، بِالتَّحْرِيكِ: الغدير، يكون فِي ظلّ جبل لَا تصيبه الشَّمْس فيبرد مَاؤُهُ، وَالْجمع: ثغبان. مثل: شبث وشبثان. وَقد يسكن فَيُقَال: ثغب، وَيجمع على: ثغبان، مثل: ظهر وظهران. وَيجمع على: ثغاب أَيْضا. وَقَالَ صَاحب (الْمطَالع) : هَذِه الرِّوَايَة غلط من الناقلين وتصحيف، وإحالة للمعنى لِأَنَّهُ إِنَّمَا جعلت هَذِه الطَّائِفَة الأولى مثلا لما تنْبت، والثغبة لَا تنْبت، ويروى: بقْعَة، ويروى: (طيبَة) . كَمَا فِي رِوَايَة مُسلم. قَوْله: (قبلت المَاء) : من الْقبُول، وَهِي بِفَتْح الْقَاف وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة، قَالَ الشَّيْخ قطب الدّين: وَهَذَا الْموضع لَا خلاف فِيهِ. قلت: أَشَارَ بِهِ إِلَى أَن الْخلاف فِي قَوْله: قَالَ إِسْحَاق: وَكَانَ مِنْهَا طَائِفَة قبلت المَاء، يَعْنِي: هَل يُقَال فِيهِ بِالْبَاء الْمُوَحدَة، أَو بِالْيَاءِ آخر الْحُرُوف على مَا يَجِيء عَن قريب إِن شَاءَ الله تَعَالَى؟ وَقَالَ بَعضهم: كَذَا هُوَ فِي مُعظم الرِّوَايَات. وَوَقع عِنْد الْأصيلِيّ: قيلت، بتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف. قلت: ذكر هَذَا هَهُنَا غير مُنَاسِب، لِأَن هَذَا الْموضع لَا خلاف فِيهِ، كَمَا قَالَه الشَّيْخ قطب الدّين، وَإِنَّمَا يذكر هَذَا عِنْد قَول إِسْحَاق. قَوْله: (الْكلأ) ، بِفَتْح الْكَاف وَاللَّام، وَفِي آخِره همزَة بِلَا مد. قَالَ الصغاني: الْكلأ العشب، وَقد كلئت الأَرْض فَهِيَ كليئة، ثمَّ قَالَ فِي بَاب العشب: العشب الْكلأ الرطب، وَلَا يُقَال لَهُ حشيش حَتَّى يهيج، وأعشبت الأَرْض إِذا أنبتت العشب. وَقَالَ فِي بَاب الْحَشِيش: الحشيس الْكلأ الْيَابِس، وَلَا يُقَال لَهُ: رطب حشيش. قلت: علم من كَلَامه أَن الْكلأ يُطلق على الرطب من النَّبَات واليابس مِنْهُ، وَكَذَا صرح بِهِ ابْن فَارس والجوهري وَالْقَاضِي عِيَاض: الْكلأ يُطلق على الرطب واليابس من النَّبَات، وَفهم من قَول الصغاني أَيْضا أَن الْحَشِيش لَا يُطلق على الرطب، كَذَا صرح بِهِ الْجَوْهَرِي، وَهُوَ مَنْقُول عَن الْأَصْمَعِي ذكره البطليوسي فِي (أدب الْكتاب) وَنقل عَن أبي حَاتِم إِطْلَاقه عَلَيْهِ. وَقَالَ الْكرْمَانِي: الْكلأ، بِالْهَمْزَةِ: هُوَ النَّبَات يَابسا ورطباً، وَأما العشب والخلاء مَقْصُورا فمختصان بالرطب، والحشيش مُخْتَصّ. باليابس. قلت: قَالَ الْجَوْهَرِي: الْخَلَاء، مَقْصُور: الْحَشِيش الْيَابِس، الْوَاحِدَة خلاءة. وَالصَّوَاب مَعَ الْكرْمَانِي، فالجوهري سهى فِيهِ لِأَن الْخَلَاء الرطب، فَإِذا يبس فَهُوَ حشيش. قَوْله: (أجادب) ، بِالْجِيم وبالدال الْمُهْملَة: جمع جَدب على غير قِيَاس، كَمَا قَالُوا فِي: حسن، جمعه: محَاسِن. وَالْقِيَاس أَنه جمع: محسن، أَو جمع: جديب. وَهُوَ من الجدب الَّذِي هُوَ الْقَحْط، وَالْأَرْض الجدبة الَّتِي لم تمطر، وَالْمرَاد هَهُنَا الأَرْض الَّتِي لَا تشرب لصلابتها فَلَا تنْبت شَيْئا. وَفِي (الْعباب) : أَرض جدبة وجدوب أَيْضا، وارضون جدوب، وَمَكَان جَدب وجديب بَين الجدوبة، وعام جَدب، واجدب الْقَوْم أَصَابَهُم الجدب، وأجدبت أَرض كَذَا أَي: وَجدتهَا جدبة. وَقَالَ ابْن السّكيت: جادبت الْإِبِل الْعَام إِذا كَانَ الْعَام محلا، فَصَارَت لَا تَأْكُل إلَاّ الدرين الْأسود ودرين الثمام، وَهَكَذَا هُوَ عَامَّة الرِّوَايَات فِي البُخَارِيّ، وَرِوَايَة مُسلم أَيْضا هَكَذَا، وَضَبطه الْمَازرِيّ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة، وَكَذَا ذكره الْخطابِيّ، وَقَالَ: هِيَ صلاب الأَرْض الَّتِي تمسك المَاء. وَقَالَ القَاضِي: هَذَا وهم. قلت: إِن صَحَّ مَا قَالَه الْخطابِيّ يكون من الجذب، وَهُوَ انْقِطَاع الرِّيق، قَالَه أَبُو عَمْرو. وَيُقَال للناقة إِذا قل لَبنهَا: قد جذبت فَهِيَ جاذب، وَالْجمع: جواذب،

<<  <  ج: ص:  >  >>