للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

إِلَّا بَغْلَتَهُ البَيْضَاءَ وسِلَاحَهُ وأرْضَاً جعَلَهَا صَدَقَةً.

مطابقته للتَّرْجَمَة لَا تتأتى من حَيْثُ الْوَصِيَّة، لِأَنَّهُ لَا ذكر لَهَا فِيهِ، وَلَكِن من حَيْثُ إِن فِيهِ: التَّصَدُّق بِمَنْفَعَة الأَرْض وَحكمهَا حكم الْوَقْف، وَهُوَ فِي معنى الْوَصِيَّة لبقائها بعد الْمَوْت، وَقَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: مَا وَجه تعلقه بِبَاب الْوَصِيَّة؟ قلت: حَيْثُ لَا مَال لَا وَصِيَّة بِهِ. انْتهى. قلت: إِذا لم تكن وَصيته لعدم المَال فَكيف يُطَابق التَّرْجَمَة؟ وَالْوَجْه مَا ذَكرْنَاهُ.

ذكر رِجَاله وهم خَمْسَة: الأول: إِبْرَاهِيم بن الْحَارِث الْبَغْدَادِيّ سكن نيسابور وَمَات سنة خمس وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ. الثَّانِي: يحيى بن أبي بكير، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح الْكَاف وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف: الْعَبْدي الْكُوفِي قَاضِي كرمان، بِفَتْح الْكَاف وَكسرهَا وَسُكُون الرَّاء، مَاتَ سنة ثَمَان وَمِائَتَيْنِ. الثَّالِث: زُهَيْر مصغر الزهر ابْن مُعَاوِيَة، وَقد مر فِي الْوضُوء. الرَّابِع: أَبُو إِسْحَاق عَمْرو بن عبد الله السبيعِي الْكُوفِي. الْخَامِس: عَمْرو بن الْحَارِث بن أبي ضرار بن عَائِذ بن مَالك بن خُزَيْمَة، وَهُوَ المصطلق بن سعد بن كَعْب بن عَمْرو وَهُوَ خُزَاعَة المصطلقي الْخُزَاعِيّ أَخُو جوَيْرِية بنت الْحَارِث بن أبي ضرار زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع. وَفِيه: العنعنة فِي مَوضِع وَاحِد أَن شَيْخه من أَفْرَاده. وَقَالَ بَعضهم: لَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ غير هَذَا الحَدِيث، وَذكر فِي (رجال الصَّحِيحَيْنِ) الْمُشْتَمل على كتابي أبي نصر الكلاباذي وَأبي بكر الْأَصْبَهَانِيّ: أَن البُخَارِيّ روى عَن إِبْرَاهِيم هَذَا حديثين فِي تَفْسِير سُورَة الْحَج حَدِيثا، وَفِي الْوَصَايَا حَدِيثا. وَفِيه: أَبُو إِسْحَاق روى عَن عَمْرو بن الْحَارِث بالعنعنة، وَوَقع التَّصْرِيح بِسَمَاعِهِ مِنْهُ فِي الْخمس من هَذَا الْكتاب، وَفِيه: يحيى بن أبي بكير، رُبمَا يلتبس بِيَحْيَى بن بكير فيرتفع الالتباس بِأَن يحيى بن بكير مصري صَاحب اللَّيْث، وَأَبوهُ بكير غير مكني، وَيحيى بن أبي بكير أَبوهُ مكني، وَهُوَ كرماني كَمَا ذكرنَا.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْخمس عَن مُسَدّد، وَفِي الْجِهَاد عَن عَمْرو بن عَليّ وَفِيه عَن عَمْرو بن الْعَبَّاس وَفِي الْمَغَازِي عَن قُتَيْبَة. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الشَّمَائِل عَن أَحْمد بن منيع. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْأَجْنَاس عَن قُتَيْبَة بِهِ وَعَن عَمْرو بن عَليّ.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (ختن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) ، هَذَا أَي: كَونه ختن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على قَول ابْن الْأَعرَابِي، وَابْن فَارس والأصمعي لِأَن الختن عِنْدهم من قبل الْمَرْأَة مثل الْأَخ، وَالْأَب وكل من كَانَ من قبلهَا. وَأما عِنْد الْعَامَّة فختن الرجل زوج ابْنَته والصهر من قبل الزَّوْج، وَقيل: الختن الزَّوْج وَمن كَانَ ذَوي رَحمَه، والصهر من قبل الْمَرْأَة. وَقَالَ ابْن الْأَثِير: الْأخْتَان من قبل الْمَرْأَة. والأحماء من قبل الرجل، والصهر يجمعهما. قَوْله: (أَخُو جوَيْرِية) ويروى: أخي جوَيْرِية، وَجه الأول أَنه مَرْفُوع على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف، أَي: هُوَ أَخُو جوَيْرِية، وَوجه الثَّانِي أَنه عطف بَيَان، لِأَن لفظ: ختن، مجرور على أَنه وصف عَمْرو بن الْحَارِث، أَو عطف بَيَان، أَو بدل. قَوْله: (وَلَا عبدا وَلَا أمة) ، أَي: فِي الرّقية، لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ عبيد وإماء، وَقد ذكرنَا فِي (تاريخنا الْكَبِير) : أَنه كَانَ لَهُ عبيد مَا ينيف على سِتِّينَ، وَكَانَت لَهُ عشرُون أمة، فَهَذَا يدل على أَن مِنْهُم من مَاتَ فِي حَيَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَمِنْهُم من أعتقهم وَلم يبْق بعده عبد وَلَا أمة، وَهُوَ فِي الرّقية. قَوْله: (وَلَا شَيْئا) من عطف الْعَام على الْخَاص، هَذَا هَكَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: وَلَا شَاة، وَهِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ أَيْضا، وَفِي رِوَايَة مُسلم وَأبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَآخَرين من رِوَايَة مَسْرُوق عَن عَائِشَة، قَالَت: (مَا ترك رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، درهما وَلَا دِينَارا وَلَا شَاة وَلَا بَعِيرًا وَلَا أوصى بِشَيْء) . قَوْله: (إلَاّ بغلته الْبَيْضَاء) ، إعلم أَنه كَانَت لَهُ، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، سِتّ بغال: بغلة شهباء: يُقَال لَهَا الدلْدل، أهداها لَهُ الْمُقَوْقس. وَبغلة يُقَال لَهَا فضَّة، أهداها لَهُ فَرْوَة بن عَمْرو الجذامي، فَوَهَبَهَا لأبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. وَبغلة بعثها صَاحب دومة الجندل. وَبغلة أهداها لَهُ ابْن الْعلمَاء ملك أَيْلَة، وَيُقَال لَهَا: إيلية، وَقَالَ مُسلم: كَانَت بَيْضَاء. وَبغلة أهداها لَهُ النَّجَاشِيّ. وَبغلة أهداها لَهُ كسْرَى، وَلَا يثبت ذَلِك، وَلم يكن فِيهَا بَيْضَاء، إلَاّ الأيلية، وَلم يذكر أهل السّير بغلة بقيت بعده، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، إلَاّ الدلْدل. قَالُوا: إِنَّهَا عمرت بعده صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى كَانَت عِنْد عَليّ بن أبي طَالب، وتأخرت أَيَّامهَا حَتَّى كَانَت بعد عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، عِنْد عبد الله بن جَعْفَر، وَكَانَ يحش لَهَا الشّعير لتأكله لِضعْفِهَا، وَفِي (الْمرْآة) وَبقيت إِلَى أَيَّام مُعَاوِيَة، فَمَاتَتْ بينبع، وَالظَّاهِر أَن الَّتِي فِي الحَدِيث هِيَ إِيَّاهَا، لِأَن الشهبة غَلَبَة الْبيَاض على السوَاد، وَمِنْه تسمى: الشَّهْبَاء بَيْضَاء. قَوْله: (وسلاحه)

<<  <  ج: ص:  >  >>