للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (خرج رج من بني سهم) ، وَهُوَ: بزيل، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح الزَّاي وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَآخره لَام، كَذَا ضَبطه ابْن مَاكُولَا، وَوَقع عِنْد التِّرْمِذِيّ والطبري: بديل، بدال مُهْملَة عوض الزَّاي، وَفِي رِوَايَة ابْن مَنْدَه من طَرِيق السّديّ عَن الْكَلْبِيّ: بديل بن أبي مَارِيَة، وَلَيْسَ هَذَا بديل بن وَرْقَاء، فَإِنَّهُ خزاعي، وَهَذَا سهمي، وَوهم من ضَبطه بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة، وَوَقع فِي رِوَايَة ابْن جريج أَنه كَانَ مُسلما. قَوْله: (مَعَ تَمِيم الدَّارِيّ) ، وَهُوَ الصَّحَابِيّ الْمَشْهُور، ونسبته إِلَى الدَّار، وهُم بطن من لخم، وَيُقَال: الدَّارِيّ: للعطار، ولرب الْغنم، وَكَانَ نَصْرَانِيّا، وَكَانَت قَضيته قبل أَن يسلم، وَأسلم سنة تسع وَسكن الْمَدِينَة، وَبعد قَضِيَّة عُثْمَان انْتقل إِلَى الشَّام وَكَانَ يخْتم الْقُرْآن فِي رَكْعَة، وروى الشّعبِيّ عَن فَاطِمَة بنت قيس أَنَّهَا سَمِعت النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي خطْبَة خطبهَا، وَقد قَالَ: حَدثنِي تَمِيم، فَذكر خبر الْجَسَّاسَة فِي قصَّة الدَّجَّال. فَإِن قلت: إِذا كَانَت قَضِيَّة تَمِيم قبل إِسْلَامه يكون الحَدِيث من مُرْسل الصَّحَابِيّ، لَان ابْن عَبَّاس لم يحضر هَذِه الْقَضِيَّة. قلت: نعم، وَلَكِن جَاءَ فِي بعض الطّرق: قد رَوَاهُ عَن تَمِيم الدَّارِيّ. أخرجه التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا الْحسن بن أَحْمد بن أبي شُعَيْب الْحَرَّانِي، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن سَلمَة الْحَرَّانِي، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن أبي النَّضر عَن باذان، مولى أم هانىء عَن ابْن عَبَّاس عَن تَمِيم الدَّارِيّ فِي هَذِه الْآيَة: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا شَهَادَة بَيْنكُم إِذا حضر أحدكُم الْمَوْت} (الْمَائِدَة: ٦٠١) . قَالَ برىء النَّاس من هَذِه الْآيَة غَيْرِي وَغير عدي بن بداء، وَكَانَا نَصْرَانِيين يَخْتَلِفَانِ إِلَى الشَّام قبل الْإِسْلَام، فَأتيَا الشَّام فِي تجارتهما، وَقدم عَلَيْهِمَا مولى لبني سهم ... الحَدِيث، فَإِذا كَانَ كَذَلِك تكون الْقِصَّة قبل الْإِسْلَام، والتحاكم بعد إِسْلَام الْكل، فَيحْتَمل أَنه كَانَ بِمَكَّة سنة الْفَتْح. قَوْله: (وعدي) ، بِفَتْح الْعين وَكسر الدَّال الْمُهْمَلَتَيْنِ وَتَشْديد الْيَاء: ابْن بداء، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَتَشْديد الدَّال الْمُهْملَة مَعَ الْمَدّ، قَالَ الذَّهَبِيّ: عدي بن بداء، مَذْكُور فِي تَفْسِير: {شَهَادَة بَيْنكُم إِذا حضر أحدكُم الْمَوْت} (الْمَائِدَة: ٦٠١) . وَفِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ: وَالصَّحِيح أَن عديا نَصْرَانِيّ لم يبلغنَا إِسْلَامه، وَفِي كتاب الْقَضَاء للكرابيسي: سَمَّاهُ البداء بن عَاصِم. وَأخرجه عَن مُعلى بن مَنْصُور عَن يحيى بن أبي زَائِدَة، وَوَقع عِنْد الْوَاقِدِيّ: أَن عدي بن بداء كَانَ أَخا تَمِيم الدَّارِيّ، فَإِن ثَبت فَلَعَلَّهُ أَخُوهُ لأمه، أَو من الرضَاعَة. وَفِي تَفْسِير مقَاتل: خرج بديل بن أبي مَارِيَة، مولى الْعَاصِ بن وَائِل، مُسَافِرًا فِي الْبَحْر إِلَى النَّجَاشِيّ، فَمَاتَ بديل فِي السَّفِينَة، وَكَانَ كتب وَصيته وَجعلهَا فِي مَتَاعه، ثمَّ دَفعه إِلَى تَمِيم وَصَاحبه عدي، فأخذا مِنْهُ مَا أعجبهما، وَكَانَ فِيمَا أخذا إِنَاء مِن فضَّة فِيهِ ثَلَاثمِائَة مِثْقَال منقوش مموه بِالذَّهَب، فَلَمَّا ردا بَقِيَّة الْمَتَاع إِلَى ورثته ونظروا فِي الْوَصِيَّة فقدوا بعض مَتَاعه، فَكَلَّمُوا تميماً وعدياً، فَقَالَا: مَا لنا بِهِ علم، وَفِيه: فَقَامَ عَمْرو بن الْعَاصِ وَالْمطلب بن أبي ودَاعَة السهمياني فَحَلفا، فاعترف تَمِيم بالخيانة، فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (يَا تَمِيم أسلم يتَجَاوَز الله عَنْك مَا كَانَ فِي شركك) . فَأسلم وَحسن إِسْلَامه، وَمَات عدي بن بداء نَصْرَانِيّا. وَفِي (تَفْسِير الثَّعْلَبِيّ) : كَانَ بديل بن أبي مَارِيَة وَقيل: ابْن أبي مَرْيَم وَمولى عَمْرو ابْن الْعَاصِ، وَكَانَ بديل مُسلما وَمَات بِالشَّام. قَوْله: (جَاما) بِالْجِيم، قَالَ بَعضهم: قَوْله: (جَاما) بِالْجِيم، وَالتَّخْفِيف: إِنَاء. قلت: هَذَا تَفْسِير الْخَاص بِالْعَام، وَهَذَا لَا يجوز لِأَن الْإِنَاء أَعم من الْجَام، والجام هُوَ الكأس. قَوْله: (مخوصاً) ، بِضَم الْمِيم وَفتح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَالْوَاو الْمُشَدّدَة وَفِي آخِره صَاد مُهْملَة، قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: صيغت فِيهِ صَفَائِح مثل الخوص من الذَّهَب، مَعْنَاهُ: مَنْقُوشًا فِيهِ خطوط دقاق طوال كالخوص، وَهُوَ ورق النّخل، وَوَقع فِي بعض نسخ أبي دَاوُد: (مخوضًا) ، بالضاد الْمُعْجَمَة أَي: مموهاً، وَوَقع فِي رِوَايَة ابْن جريج عَن عِكْرِمَة: (إِنَاء من فضَّة منقوش بِذَهَب) . قَوْله: (فَقَامَ رجلَانِ من أوليائه) ، أَي: من أَوْلِيَاء السَّهْمِي الْمَذْكُور الَّذِي مَاتَ، وَالرجلَانِ: عَمْرو بن الْعَاصِ وَرجل آخر مِنْهُم، كَذَا فِي رِوَايَة الْكَلْبِيّ وسمى الآخر مقَاتل فِي تَفْسِيره بِأَنَّهُ: الْمطلب بن أبي ودَاعَة. قَوْله: (وَفِيهِمْ نزلت هَذِه الْآيَة) وَقَالَ ابْن زيد: نزلت هَذِه الْآيَة فِي رجل توفّي وَلَيْسَ عِنْده أحد من أهل الْإِسْلَام، وَذَلِكَ فِي أول الْإِسْلَام، وَالْأَرْض حَرْب وَالنَّاس كفار، وَكَانُوا يتوارثون بِالْوَصِيَّةِ، ثمَّ نسخت الْوَصِيَّة وفرضت الْفَرَائِض، وَعمل الْمُسلمُونَ بهَا، رَوَاهُ ابْن جرير. وَقَالَ ابْن التِّين: انتزع ابْن شُرَيْح من هَذِه الْآيَة الْكَرِيمَة الشَّاهِد وَالْيَمِين، قَالَ: قَوْله: {فَإِن عُثرَ} (الْمَائِدَة: ٦٠١) . لَا يَخْلُو من أَرْبَعَة أوجه، إماأن يقْرَأ، أَو يشْهد عَلَيْهِمَا شَاهِدَانِ أَو شَاهدا وَامْرَأَتَانِ، أَو شَاهد وَاحِد، قَالَ: وأجمعنا أَن الْإِقْرَار بعد الْإِنْكَار لَا يُوجب يَمِينا على الطَّالِب، وَكَذَلِكَ مَعَ الشَّاهِدين، وَالشَّاهِد

<<  <  ج: ص:  >  >>