للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن إِسْحَاق بن مُوسَى عَن معن، وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن مُحَمَّد بن سَلمَة والْحَارث بن مِسْكين، كِلَاهُمَا عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم ستتهم عَن مَالك بِهِ، وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: حسن صَحِيح. وَأخرج التِّرْمِذِيّ أَيْضا هَذَا الحَدِيث من مُسْند أم حرَام من رِوَايَة عبد الله بن عبد الرَّحْمَن أبي طوالة عَن أنس عَن أم حرم، وَقد اخْتلف فِيهِ على أنس فَقيل: عَنهُ عَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقيل: عَن أنس عَن أم حرَام، وَاخْتلف فِيهِ أَيْضا على أبي طوالة، فَقَالَ زَائِدَة بن قدامَة: عَن أبي طوالة عَن أنس عَن أم حرَام عَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَقَالَ إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر: عَن أبي طوالة عَن أنس عَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد من رِوَايَة عَطاء بن يسَار عَن أُخْت أم سليم الرميصاء قَالَت: نَام رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ... ثمَّ ذكر مَعْنَاهُ، وَالْحَاصِل أَن الْأَئِمَّة السِّتَّة، مَا خلا التِّرْمِذِيّ، أخرجُوا هَذَا الحَدِيث عَن أم حرَام من رِوَايَة مُحَمَّد بن يحيى بن حبَان عَن أنس بن مَالك عَن أم حرَام، وَهِي خَالَة أنس، قَالَت: أَتَانَا النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا ... الحَدِيث.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يدْخل على أم حرَام) ، حرَام ضد حَلَال بنت ملْحَان، بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون اللَّام وَبِالْحَاءِ الْمُهْملَة وَفِي آخِره نون: ابْن خَالِد بن زيد بن حرَام بن جُنْدُب بن عَامر بن غنم بن عدي بن النجار، زوج عبَادَة بن الصَّامِت وَأُخْت أم سليم، وَخَالَة أنس بن مَالك، وَقَالَ أَبُو عمر: وَلَا أَقف لَهَا على اسْم صَحِيح، وأظنها أرضعت النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأم سليم أَرْضَعَتْه أَيْضا، إِذْ لَا يشك مُسلم أَنَّهَا كَانَت مِنْهُ بِمحرم، وَقد أَنبأَنَا غير وَاحِد من شُيُوخنَا عَن أبي مُحَمَّد بن فطيس عَن يحيى بن إِبْرَاهِيم بن مزبن قَالَ: إِنَّمَا استجاز رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن تفلي أم حرَام رَأسه لِأَنَّهَا كَانَت مِنْهُ ذَات محرم من قبل خالاته، لِأَن أم عبد الْمطلب كَانَت من بني النجار، وَقَالَ يُونُس بن عبد الْأَعْلَى: قَالَ لنا وهب: أم حرَام إِحْدَى خالات النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الرضَاعَة، قَالَ أَبُو عمر: فَأَي ذَلِك كَانَ فَأم حرم محرم مِنْهُ. وَقَالَ ابْن بطال: قَالَ غَيره: إِنَّمَا كَانَت خَالَة لِأَبِيهِ أَو لجده، وَذكر ابْن الْعَرَبِيّ عَن بعض الْعلمَاء أَن هَذَا مَخْصُوص بسيدنا رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو يحمل دُخُوله عَلَيْهَا: أَنه كَانَ قبل الْحجاب، إلَاّ أَن قَوْله: تفلي رَأسه، يضعف هَذَا. وَزعم ابْن الْجَوْزِيّ أَنه سمع بعض الْحفاظ يَقُول: كَانَت أم سليم أُخْت آمِنَة من الرضَاعَة وَقَالَ الْحَافِظ الدمياطي: لَيْسَ فِي الحَدِيث مَا يدل على الْخلْوَة بهَا، فَلَعَلَّ ذَاك كَانَ مَعَ ولد أَو خَادِم أَو زوج أَو تَابع، وَالْعَادَة تَقْتَضِي المخالطة بَين المخدوم وَأهل الْخَادِم، سِيمَا إِذا كنَّ مسنَّات، مَعَ مَا ثَبت لَهُ عَلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْعِصْمَة، وَلَعَلَّ هَذَا كَانَ قبل الْحجاب، لِأَنَّهُ كَانَ فِي سنة خمس، وَقتل أَخِيهَا حرَام الَّذِي كَانَ رَحمهَا لأَجله كَانَ سنة أَربع. وَقَالَ أَبُو عمر: حرَام ابْن ملْحَان قتل يَوْم بِئْر مَعُونَة، قَتله عَامر بن الطُّفَيْل. قَوْله: (تَحت عبَادَة بن الصَّامِت) أَي: كَانَت امْرَأَته، والصامت ابْن قيس بن أَصْرَم بن فهر بن ثَعْلَبَة بن غنم بن سَالم بن عَوْف بن الْخَزْرَج الْأنْصَارِيّ السالمي، يكنى: أَبَا الْوَلِيد، قَالَ الْأَوْزَاعِيّ: أول من ولي قَضَاء فلسطين عبَادَة بن الصَّامِت، مَاتَ عبَادَة سنة أَربع وَثَلَاثِينَ بالرملة، وَقيل: بِبَيْت الْمُقَدّس، وَهُوَ ابْن اثْنَتَيْنِ وَسبعين سنة. قَوْله: (تفلي رَأسه) ، بِفَتْح التَّاء وَإِسْكَان الْفَاء وَكسر اللَّام، يَعْنِي: تفتش الْقمل من رَأسه وتقتله، من: فلى يفلي من بَاب ضرب يضْرب، فلياً مصدرة، والفلي أَخذ الْقمل من الرَّأْس. قَوْله: (وَهُوَ يضْحك) ، جملَة وَقعت حَالا، وَكَذَا قَوْله: (غزَاة) ، وَهُوَ جمع غَازِي، كقضاة جمع قَاضِي. قَوْله: (ثبج هَذَا الْبَحْر) ، بِفَتْح الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَالْبَاء الْمُوَحدَة بعْدهَا جِيم، قَالَ الْخطابِيّ: ثبج الْبَحْر: مَتنه ومعظمه، وثبج كل شَيْء وَسطه، وَقيل: ثبج الْبَحْر ظَهره، يُوضحهُ بعض مَا جَاءَ فِي الرِّوَايَات: يركبون ظهر هَذَا الْبَحْر، وَقيل: ثبج الْبَحْر: هوله، والثبج مَا بَين الْكَتِفَيْنِ. قَوْله: (ملوكاً) ، نصب بِنَزْع الْخَافِض أَي: مثل مُلُوك على الأسرة، وَهُوَ جمع سَرِير، قَالَ أَبُو عمر: أَرَادَ أَنه رأى الْغُزَاة فِي الْبَحْر على الأسرة فِي الْجنَّة، ورؤيا الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَحي يشْهد لَهُ قَوْله تَعَالَى: {على الأرائك متكئون} (ي س: ٦٥) . وَبِه جزم ابْن بطال حَيْثُ قَالَ: إِنَّمَا رَآهُمْ ملوكاً على الأسرة فِي الْجنَّة فِي رُؤْيَاهُ، وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: يحْتَمل أَن يكون خَبرا عَن حَالهم فِي غزوهم أَيْضا. قَوْله: {شكّ إِسْحَاق} ، وَهُوَ إِسْحَاق بن عبد الله الرَّاوِي عَن أنس. قَوْله: (ثمَّ وضع رَأسه ثمَّ اسْتَيْقَظَ) ، قيل: رُؤْيَاهُ الثَّانِيَة كَانَت فِي شُهَدَاء الْبر، فوصف حَال الْبر وَالْبَحْر بِأَنَّهُم مُلُوك على الأسرة، حَكَاهُ ابْن التِّين وَغَيره، وَقيل: يحْتَمل أَن يكون حالتهم فِي الدُّنْيَا كالملوك على الأسرة، وَلَا يبالون بِأحد. قَوْله: (أَنْت من الْأَوَّلين) ، خطاب لأم حرَام، وَأَرَادَ بالأولين: هم الَّذين عرضوا أَولا، وهم الَّذين يركبون ثبج الْبَحْر. قَوْله: (فِي زمن مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان) ، وَكَانَت غزت مَعَ زَوجهَا فِي أول غَزْوَة كَانَت إِلَى الرّوم فِي الْبَحْر مَعَ مُعَاوِيَة زمن عُثْمَان بن عَفَّان

<<  <  ج: ص:  >  >>