للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بَيَان اللُّغَات: قَوْله: (العَاصِي) : الْجُمْهُور على كِتَابَته بِالْيَاءِ، وَهُوَ الفصيح عِنْد أهل الْعَرَبيَّة، وَيَقَع فِي كثير من الْكتب بحذفها، وَقد قرىء فِي السَّبع نَحوه {كالكبير المتعال} (الرَّعْد: ٩) و: {الداع} (الْبَقَرَة: ٨٦، وَالْقَمَر: ٦ و ٨) قَالَ الْكرْمَانِي: وَقيل: أجوف، وَجمعه الأعياض. قلت: العَاصِي من الْعِصْيَان وَجمعه عصاة، كَالْقَاضِي يجمع على قُضَاة. والأعياص جمع عيص، بِكَسْر الْعين: وَهُوَ الشّجر الْكثير الملتف. وَقَالَ عمار: الْعيص من السدر والعوسج وَالسّلم من العصاة، كلهَا إِذا اجْتمع وتدانى والتف. وَفِي (الْعباب) : وَالْجمع عيصان وأعياص، وَفِيه: والأعياص من قُرَيْش أَوْلَاد أُميَّة بن عبد شمس الْأَكْبَر، وهم أَرْبَعَة: الْعَاصِ، وَأَبُو الْعَاصِ، والعيص وَأَبُو الْعيص. وَقَالَ أَبُو عَمْرو: العيصان من معادن بِلَاد الْعَرَب. قَوْله: (فِي حجَّة الْوَدَاع) ، بِكَسْر الْحَاء وَفتحهَا، وَالْمَعْرُوف فِي الرِّوَايَة الْفَتْح، قَالَ الْجَوْهَرِي: الْحجَّة، بالكسرة: الْمرة الْوَاحِدَة، وَهُوَ من الشواذ، لِأَن الْقيَاس الْفَتْح. وَفِي (الْعباب) : الْحَج، بِالْكَسْرِ، الِاسْم. وَالْحجّة: الْمرة الْوَاحِدَة، وَهَذَا من الشواذ. قلت: يَعْنِي الْقيَاس فِي الْمرة الْفَتْح، قَالُوا. المفعل للموضع، والمفعل للآلة. والفعلة للمرة والفعلة للحالة. وَالْحجّة أَيْضا: السّنة، وَالْجمع: الْحجَج. وَذُو الْحجَّة: شهر الْحَج، وَالْجمع: ذَوَات الْحجَّة، كذوات الْقعدَة، وَلم يَقُولُوا: ذووا على واحده. وَالْحجّة، أَيْضا: شحمة الْأذن، و: الْوَدَاع، بِفَتْح الْوَاو، اسْم التوديع: كالسلام بِمَعْنى التَّسْلِيم. وَقَالَ الْكرْمَانِي: جَازَ الْكسر بِأَن يكون من بَاب المفاعلة، وَتَبعهُ على هَذَا بَعضهم، وَمَا أَظن هَذَا صَحِيحا لِأَنَّهُ بِالْكَسْرِ يتَغَيَّر الْمَعْنى، لِأَن الْمُوَادَعَة مَعْنَاهَا الْمُصَالحَة، وَكَذَا الْوَدَاع بِالْكَسْرِ، وَالْمعْنَى هُوَ التوديع، وَهُوَ عِنْد الرحيل مَعْرُوف، وَهُوَ تخليف الْمُسَافِر النَّاس خافضين وادعين وهم يودعونه إِذا سَافر تفاؤلاً بالدعة الَّتِي يصير إِلَيْهَا إِذا نقل، أَو يتركونه وسفره. قَوْله: (بمنى) ؛ هُوَ قَرْيَة بِالْقربِ من مَكَّة تذبح فِيهَا الْهَدَايَا، وترمى فِيهَا الجمرات، وَهُوَ مَقْصُور مُذَكّر مَصْرُوف. قَوْله: (لم أشعر) ، بِضَم الْعين، أَي: لم أعلم، أَي: لم افطنه. يُقَال شعر يشْعر من بَاب: نصر ينصر، شعرًا وشعرة وشعرى، بِالْكَسْرِ فِيهِنَّ، وشعرة وبالفتح، وشعوراً ومشعوراً ومشعورة. قَالَ الصغاني: شَعرت بالشَّيْء أعلمت بِهِ، وفطنت لَهُ، وَمِنْه قَوْلهم: لَيْت شعري: مَعْنَاهُ: لَيْتَني أشعر، وَالشعر وَاحِد الْأَشْعَار. قَوْله: (وَلَا حرج) أَي: وَلَا إِثْم. قَوْله: (فنحرت) ، النَّحْر فِي اللبة مثل الذّبْح فِي الْحلق، وتستعمل بِمَعْنى الذَّبِيح.

بَيَان الْإِعْرَاب: قَوْله: (وقف) ، جملَة فِي مَحل الرّفْع لِأَنَّهَا خبر: إِن. قَوْله: (بمنى) ، فِي مَحل النصب على الْحَال. قَوْله: (يسألونه) فِي مَحل النصب على الْحَال من الضَّمِير الَّذِي فِي: وقف، وَيجوز أَن يكون: من النَّاس، أَي: وقف لَهُم حَال كَونهم سائلين عَنهُ، وَيجوز أَن يكون استئنافاً بيانياً لعِلَّة الْوُقُوف. قَوْله: (فجَاء رجل) ، عطف على قَوْله: وقف. قَوْله: (فحلقت) الْفَاء فِيهِ سَبَبِيَّة، وَكَذَلِكَ الْفَاء فِي: فنحرت، كَأَنَّهُ جعل الْحلق والنحر كلا مِنْهُمَا مسبباً عَن عدم شعوره، كَأَنَّهُ يعْتَذر لتَقْصِيره. قَوْله: (قبل أَن أذبح) أَن: فِيهِ مَصْدَرِيَّة، أَي: قبل الذّبْح. قَوْله: (وَلَا حرج) ، كلمة: لَا، للنَّفْي. وَقَوله: (حرج) اسْمه، مَبْنِيّ على الْفَتْح، وَخَبره مَحْذُوف وَالتَّقْدِير: لَا حرج عَلَيْك قَوْله: (فجَاء آخر) أَي: رجل آخر. قَوْله: (أَن ارمي) أَن: فِيهِ أَيْضا مَصْدَرِيَّة، أَي: قبل الرَّمْي. قَوْله: (فَمَا سُئِلَ) على صِيغَة الْمَجْهُول، و: النَّبِي، مفعول نَاب عَن الْفَاعِل، و: عَن شَيْء، يتَعَلَّق بالسؤال. قَوْله: (قدم) على صِيغَة الْمَجْهُول، جملَة فِي مَحل الْجَرّ لِأَنَّهَا صفة: لشَيْء. قَوْله: (وَلَا أُخر) أَيْضا على صِيغَة الْمَجْهُول، عطف على: قدم، وَالتَّقْدِير: لَا قدم وَلَا أخر، لِأَن الْكَلَام الفصيح قل مَا يَقع: لَا، الدَّاخِلَة على الْمَاضِي فِيهِ إلَاّ مكررة، وَحسن ذَلِك هُنَا لِأَنَّهُ وَقع فِي سِيَاق النَّفْي، وَنَظِيره قَوْله تَعَالَى: {وَمَا أَدْرِي مَا يفعل بِي وَلَا بكم} (الْأَحْقَاف: ٩) وَفِي رِوَايَة مُسلم: (مَا سُئِلَ عَن شَيْء قدم أَو أخر إلَاّ قَالَ: إفعل وَلَا حرج) .

بَيَان الْمعَانِي: فِيهِ: حذف المفاعيل من قَوْله: (فحلقت) و (أَن أذبح) و (أذبح) و (فنحرت) و (أَن ارمي) و (ارْمِ) للْعلم بهَا بِقَرِينَة الْمقَام. قَوْله: (عَن شَيْء) أَي، مِمَّا هُوَ من الْأَعْمَال يَوْم الْعِيد، وَهِي: الرَّمْي والنحر وَالْحلق وَالطّواف. قَوْله: (افْعَل وَلَا حرج) قَالَ القَاضِي: قيل: هَذَا إِبَاحَة لما فعل وَقدم، وإجازة لَهُ لَا أَمر بالعيادة، كَأَنَّهُ قَالَ: إفعل ذَلِك كَمَا فعلته قبل، أَو مَتى شِئْت وَلَا حرج عَلَيْك، لِأَن السُّؤَال إِنَّمَا كَانَ عَمَّا انْقَضى وَتمّ.

بَيَان استنباط الْأَحْكَام: الأول: فِيهِ جَوَاز سُؤال الْعَالم رَاكِبًا وماشياً وواقفاً. الثَّانِي: فِيهِ جَوَاز الْجُلُوس على الدَّابَّة للضَّرُورَة بل للْحَاجة، كَمَا كَانَ جُلُوسه، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، عَلَيْهَا ليشرف على النَّاس، وَلَا يخفى عَلَيْهِم كَلَامه لَهُم. الثَّالِث: فِي تَرْتِيب الْأَعْمَال الْمَذْكُورَة فِي الحَدِيث، هَل هُوَ سنة وَلَا شَيْء فِي تَركه، أَو وَاجِب يتَعَلَّق الدَّم بِتَرْكِهِ؟ فَإلَى الأول ذهب الشَّافِعِي وَأحمد، وَإِلَى الثَّانِي ذهب أَبُو حنيفَة وَمَالك. وَقَالَ عِيَاض: أجمع الْعلمَاء على أَن سنة الْحَاج أَن يَرْمِي جَمْرَة الْعقبَة يَوْم النَّحْر، ثمَّ يطوف

<<  <  ج: ص:  >  >>