أما أَنه لم يكن فِي زمَان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غَزْو يرابطون فِيهِ، وَلكنهَا نزلت فِي قوم يعمرون الْمَسَاجِد وَيصلونَ الصَّلَاة فِي مواقيتها ثمَّ يذكرُونَ الله فِيهَا فَعَلَيْهِم أنزلت: {اصْبِرُوا} (آل عمرَان: ٠٢) . أَي على الصَّلَوَات الْخمس {وَصَابِرُوا} (آل عمرَان: ٠٢) . أَنفسكُم وهواكم {وَرَابطُوا} (آل عمرَان: ٠٢) . فِي مَسَاجِدكُمْ {وَاتَّقوا الله} فِيمَا علمكُم {لَعَلَّكُمْ تفلحون} (آل عمرَان: ٠٢) . وَهَكَذَا روى الْحَاكِم أَيْضا فِي (مُسْتَدْركه) .
٢٩٨٢ - حدَّثنا عبْدُ الله بنُ مُنير قَالَ سَمِعَ أبَا النَّضْرِ قَالَ حدَّثنا عبْدُ الرَّحْمانِ بنُ عَبْدِ الله بنِ دِينارٍ عنْ أبِي حازِمٍ عنْ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ رِباطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ الله خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا ومَوْضِعُ سَوْطٍ أحَدِكُمْ مِنَ الجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا والرَّوْحَةُ يَرُوحُهَا العَبْدُ فِي سَبِيلِ الله أَو الغَدْوَةُ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَعبد الله بن مُنِير، بِضَم الْمِيم وَكسر النُّون أَبُو عبد الرَّحْمَن الْمروزِي، وَهُوَ من أَفْرَاده، وَأَبُو النَّضر، بِفَتْح النُّون وَسُكُون الضَّاد الْمُعْجَمَة واسْمه هَاشم بن الْقَاسِم التَّمِيمِي، وَيُقَال: اللَّيْثِيّ الْكِنَانِي، خراساني سكن بَغْدَاد وَمَات بهَا يَوْم الْأَرْبَعَاء غرَّة ذِي الْقعدَة سنة سبع وَمِائَتَيْنِ، وَأَبُو حَازِم الْأَعْرَج سَلمَة بن دِينَار، وَسَهل بن سعد بن مَالك السَّاعِدِيّ الْأنْصَارِيّ.
والْحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن أبي بكر بن أبي النَّضر.
قَوْله: (سمع أَبَا النَّضر) ، التَّقْدِير أَنه سمع أَبَا النَّضر. قَوْله: (رِبَاط يَوْم) ، قد مر تَفْسِير الرِّبَاط عَن قريب. قَوْله: (وَمَا عَلَيْهَا) ، أَي: على الدُّنْيَا وَفَائِدَة الْعُدُول عَن قَوْله: وَمَا فِيهَا، هُوَ أَن معنى الاستعلاء أَعم من الظَّرْفِيَّة وَأقوى فقصده زِيَادَة الْمُبَالغَة. قَوْله: (وَمَوْضِع سَوط أحدكُم) . إِلَى قَوْله: (عَلَيْهَا) ، لِأَن الدُّنْيَا فانية وكل شَيْء فِي الْجنَّة باقٍ، وَإِن صغر فِي التَّمْثِيل لنا، وَلَيْسَ فِيهِ صَغِير، فَهُوَ أدوم وَأبقى من الدُّنْيَا الفانية المنقطعة فَكَانَ الدَّائِم الْبَاقِي خيرا من الْمُنْقَطع. قَوْله: (والروحة) إِلَى آخِره، وَتَفْسِير الغدوة والروحة مر فِي أَوَائِل كتاب الْجِهَاد فِي: بَاب الغدوة والروحة، لِأَنَّهُ أخرج هُنَاكَ عَن سهل بن سعد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (الروحة والغدوة فِي سَبِيل الله أفضل من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا) . فَإِن قلت: روى أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه من حَدِيث عُثْمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، (رِبَاط يَوْم فِي سَبِيل الله خير من ألف يَوْم فِيمَا سواهُ من الْمنَازل) . قلت: لَا تعَارض، لِأَنَّهُ باخْتلَاف العاملين أَو باخْتلَاف الْعَمَل بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْكَثْرَة والقلة.
١٠٦ - (حَدثنَا قُتَيْبَة قَالَ حَدثنَا يَعْقُوب عَن عَمْرو عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لأبي طَلْحَة التمس لي غُلَاما من غِلْمَانكُمْ يخدمني حَتَّى أخرج إِلَى خَيْبَر فَخرج بِي أَبُو طَلْحَة مردفي وَأَنا غُلَام راهقت الْحلم فَكنت أخدم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا نزل فَكنت أسمعهُ كثيرا يَقُول اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْهم والحزن وَالْعجز والكسل وَالْبخل والجبن وضلع الدّين وَغَلَبَة الرِّجَال ثمَّ قدمنَا خَيْبَر فَلَمَّا فتح الله عَلَيْهِ الْحصن ذكر لَهُ جمال صَفِيَّة بنت حييّ بن أَخطب وَقد قتل زَوجهَا وَكَانَت عروسا فاصطفاها رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لنَفسِهِ فَخرج بهَا حَتَّى بلغنَا سد الصَّهْبَاء حلت فَبنى بهَا ثمَّ صنع حَيْسًا فِي نطع صَغِير ثمَّ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - آذن من حولك فَكَانَت تِلْكَ وَلِيمَة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على صَفِيَّة ثمَّ خرجنَا إِلَى الْمَدِينَة قَالَ فَرَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يحوي لَهَا وَرَاءه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute