مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من معنى الحَدِيث، لِأَن قَوْله:(رَاض الْوُجُوه) إِلَى آخِره صفة التّرْك.
وَأَبُو النُّعْمَان مُحَمَّد بن الْفضل السدُوسِي، وَجَرِير بن حَازِم، بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالزَّاي، وَالْحسن هُوَ الْبَصْرِيّ، وَعَمْرو، بِالْفَتْح: ابْن تغلب، بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَسُكُون الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَكسر اللَّام وبالباء الْمُوَحدَة: الْعَبْدي، من عبد الْقَيْس، يُقَال: أَنه من النمر بن قاسط يعد فِي أهل الْبَصْرَة.
وَرِجَال الْإِسْنَاد كلهم بصريون.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي عَلَامَات النُّبُوَّة عَن سُلَيْمَان بن حَرْب. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الْفِتَن عَن أبي بكر بن أبي شيبَة.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (إِن من أَشْرَاط السَّاعَة) ، أَي: من عَلَامَات يَوْم الْقِيَامَة، والأشراط جمع شَرط، بِفَتْح الرَّاء. وَقَالَ أَبُو عبيد: وَبِه سميت شَرط اللِّسَان، لأَنهم جعلُوا لأَنْفُسِهِمْ عَلَامَات يعْرفُونَ بهَا. قَوْله:(ينتعلون بنعال الشّعْر) ، مَعْنَاهُ: أَنهم يصنعون من الشّعْر حبلاً ويصنعون مِنْهَا نعالاً، وَيُقَال: مَعْنَاهُ أَن شُعُورهمْ كثيفة طَوِيلَة فَهِيَ إِذا أسدلوها كاللباس تصل إِلَى أَرجُلهم كالنعال، وَإِنَّمَا كَانَت نعَالهمْ من الشّعْر، أَو من جُلُود مشعرة لما فِي بِلَادهمْ من الثَّلج الْعَظِيم الَّذِي لَا يكون فِي غَيرهَا، وَيكون من جلد الذِّئْب وَغَيره، وَذكر الْبكْرِيّ فِي (أَخْبَار التّرْك) : كَانَ أَعينهم حدق الْجَرَاد يتخذون الدرق يربطون خيولهم بالحبل، وَفِي لفظ: حَتَّى يُقَاتل الْمُسلمُونَ التّرْك يلبسُونَ الشّعْر. انْتهى. وَهَذِه إِشَارَة إِلَى الشرابيش الَّتِي تدار عَلَيْهَا بالقندس، والقندس كلب المَاء، وَهُوَ من ذَوَات الشّعْر، وَالنعال جمع نعل، وَالشعر بِفَتْح الْعين وَكسرهَا، وَقَالَ بَعضهم: هَذَا الحَدِيث وَالَّذِي بعده ظَاهر فِي أَن الَّذين ينتعلون نعال الشّعْر غير التّرْك، وَقد وَقع فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ من طَرِيق مُحَمَّد بن عباد، قَالَ: بَلغنِي أَن أَصْحَاب بابك كَانَت نعَالهمْ الشّعْر. قلت: هَذَا الَّذِي قَالَه غير صَحِيح، وَلَا احتجاج بِهَذِهِ الرِّوَايَة، لِأَن كَون نعال أَصْحَاب بابك من الشّعْر لَا يُنَافِي كَونهَا للترك أَيْضا، وَلَا يفهم من ذَلِك الخصوصية بذلك لأَصْحَاب بابك، على أَنه يجوز أَن يكون أَصْحَاب بابك أَيْضا من التّرْك، لِأَن التّرْك أَجنَاس كَثِيرَة، وَخبر الْبكْرِيّ يُصَرح بِالرَّدِّ على هَذَا الْقَائِل، وأصرح من هَذَا مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد من حَدِيث بُرَيْدَة: يُقَاتِلكُمْ قوم صغَار الْأَعْين، يَعْنِي التّرْك ... الحَدِيث، وَمَعَ هَذَا على مَا ذكره لَا تبقى مُطَابقَة بَين التَّرْجَمَة والْحَدِيث أصلا، لِأَن التَّرْجَمَة بِلَفْظ التّرْك، وَإِذا كَانَ الَّذين ينتعلون نعال الشّعْر غير التّرْك يكون بَين التَّرْجَمَة