للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فِي الصَّلَاة عَن مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى.

قَوْله: (مَلأ الله بُيُوتهم) أَي: أَحيَاء. (وقبورهم) أَي: أَمْوَاتًا. قَوْله: (شغلونا) أَي: الْأَحْزَاب بقتالهم مَعَ الْمُسلمين، فَلَمَّا اشْتَدَّ الْأَمر على الْمُسلمين دَعَا رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَلَيْهِم فأجيبت دَعوته فيهم، وَكَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَدْعُو على قوم وَيَدْعُو لآخرين على حسب مَا كَانَت ذنوبهم فِي نَفسه، فَكَانَ يَدْعُو على من اشْتَدَّ أَذَاهُ للْمُسلمين وَكَانَ يَدْعُو لمن يَرْجُو بَرَّ دَعوته ورجوعه إِلَيْهِم كَمَا دَعَا لدوس حِين قيل لَهُ: إِن دوساً قد عَصَتْ، وَلم يكن لَهُم نكاية وَلَا أَذَى، فَقَالَ: أللهم إهدِ دوساً وائت بهم. قَوْله: (حَتَّى غَابَتْ الشَّمْس) فِيهِ دلَالَة على أَن الصَّلَاة الْوُسْطَى هِيَ الْعَصْر، وَهُوَ الَّذِي صحت بِهِ الْأَحَادِيث، وَإِن كَانَ الشَّافِعِي نَص على أَنَّهَا الصُّبْح، وَفِيه أَقْوَال قد ذَكرنَاهَا فِي كتاب الصَّلَاة، فَإِن قلت: لِمَ لَمْ يصلوا صَلَاة الْخَوْف؟ قلت: قَالُوا: إِن هَذَا كَانَ قبل نزُول صَلَاة الْخَوْف.

٢٣٩٢ - حدَّثنا قَبِيصَةُ قَالَ حدَّثنا سُفْيَانُ عنِ ابنِ ذَكْوَانَ عنِ الأعْرَجِ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ كانَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَدْعُو فِي القُنُوتِ أللَّهُمَّ أنجِ سَلَمَةَ بنِ هِشَامٍ أللَّهُمَّ أنْجِ الوَلِيدَ ابنَ الوَلِيدِ أللَّهُمَ أنْجِ عَيَّاشَ بنَ أبِي رَبيعَةَ أللَّهُمْ أنْجِ المُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنينَ أللَّهُمَّ اشْدُدْ وطْأتَكَ علَى مُضَرَ أللَّهُمَّ سِنينَ كَسِني يُوسُفَ..

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (أللهم اشْدُد وطأتك) إِلَى آخِره، لِأَن شدَّة الْوَطْأَة أَعم من أَن تكون بالهزيمة والزلزلة أَو بِغَيْر ذَلِك من الشدائد، مثل: الغلاء الْعَظِيم وَالْمَوْت الذريع وَنَحْوهمَا.

وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَابْن ذكْوَان هُوَ عبد الله بن ذكْوَان، والأعرج عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز.

والْحَدِيث مضى فِي أول كتاب الاسْتِسْقَاء فِي: بَاب دُعَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إجعلها كَسِنِي يُوسُف، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن قُتَيْبَة عَن مُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة ... إِلَى آخِره.

وَمعنى قَوْله: (اشْدُد وطأتك) بأسك وعقوبتك أَو أخذتك الشَّدِيدَة. قَوْله: (على مُضر) بِضَم الْمِيم، غير منصرف لِأَنَّهُ علم للقبيلة. قَوْله: (سِنِين) مَنْصُوب بِتَقْدِير: اشْدُد، أَو: قدر، أَو إجعل عَلَيْهِم سِنِين أَو نَحْو ذَلِك، وَهُوَ جمع: سنة، وَهِي: الغلاء، ويوسف هُوَ ابْن يَعْقُوب ابْن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم خَلِيل الرَّحْمَن، صلوَات الله عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ.

٣٣٩٢ - حدَّثنا أحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أخرنا عبْدُ الله قَالَ أخبرَنَا إسْمَاعِيلُ بنُ أبي خالِدٍ أنَّهُ سَمِعَ عبْدَ الله بنَ أبِي أوْفَى رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا يَقولُ دعَا رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمَ الأحْزَابِ علَى المُشْرِكِينَ فَقَالَ أللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتَابِ سَرِيعَ الحِسَابِ أللَّهُمَّ اهْزِم الأحْزَابَ أللَّهُمَّ اهْزِمْهُمْ وزَلْزِلْهُمْ..

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (اللَّهُمَّ اهزمهم وزلزلهم) . وَأحمد بن مُوسَى أَبُو الْعَبَّاس، يُقَال لَهُ مرْدَوَيْه السمسار الرَّازِيّ، وَعبد الله هُوَ ابْن الْمُبَارك الرَّازِيّ، وَإِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد الأحمسي البَجلِيّ الْكُوفِي، وَاسم أبي خَالِد: سعد، وَيُقَال: هُرْمُز، وَيُقَال: كثير، وَعبد الله بن أبي أوفى الْأَسْلَمِيّ، وَأَبُو أوفى اسْمه عَلْقَمَة بن خَالِد.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي التَّوْحِيد عَن قُتَيْبَة وَفِي الدَّعْوَات عَن مُحَمَّد بن سَلام وَفِي الْمَغَازِي عَن مُحَمَّد عَن مَرْوَان بن مُعَاوِيَة. وَأخرجه مُسلم فِي الْمَغَازِي عَن سعيد ابْن مَنْصُور وَعَن أبي بكر بن أبي شيبَة، وَعَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَابْن أبي عمر. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْجِهَاد عَن أَحْمد بن منيع. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي السّير وَفِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة عَن مُحَمَّد بن مَنْصُور. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الْجِهَاد عَن مُحَمَّد بن عبد الله ابْن نمير.

قَوْله: (أللهم) ، يَعْنِي: يَا الله يَا منزل الْكتاب، أَي: الْقُرْآن. قَوْله: (سريع الْحساب) يَعْنِي: يَا سريع الْحساب، إِمَّا أَن يُرَاد بِهِ أَنه سريع حسابه بمجيء وقته، وَإِمَّا أَنه سريع فِي الْحساب. قَوْله: (إهزمهم) ، أَي: إكسرهم وبدد شملهم، وَيُقَال: قَوْله: إهزمهم وزلزلهم دُعَاء عَلَيْهِم أَن لَا يسكنوا وَلَا يستقروا وَلَا يَأْخُذهُمْ قَرَار، وَقَالَ الدَّاودِيّ: أَرَادَ أَن تطيش عُقُولهمْ وترعد أَقْدَامهم عِنْد اللِّقَاء، فَلَا يثبتون. قيل: قد نهى رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن سجع كسجع الْكُهَّان. وَأجِيب: بِأَن تِلْكَ أسجاع متكلفة، وَهَذَا اتّفق اتِّفَاقًا بِدُونِ التَّكَلُّف وَالْقَصْد إِلَيْهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>