للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْعَادة أَن يكون فَوق الرمال فرَاش أَو نَحوه، وَمعنى قَوْله: لَيْسَ بَينه وَبَينه أَي: لَيْسَ بَين عمر وَبَين الرمال فرَاش. قَوْله: (يَا مَال) أَي: يَا مَالك، فرخمه، بِحَذْف الْكَاف، وَيجوز ضم اللَّام وَكسرهَا على الْوَجْهَيْنِ فِي التَّرْخِيم. قَوْله: (إِنَّه قدم علينا من قَوْمك) وَفِي رِوَايَة مُسلم: أَنه قد دف أهل أَبْيَات من قَوْمك، وَكَذَا فِي رِوَايَة أبي دَاوُد: دف من الدُّف وَهُوَ الْمَشْي بِسُرْعَة. قَوْله: (برضخ) ، بِفَتْح الرَّاء وَسُكُون الضَّاد الْمُعْجَمَة وَفِي آخِره خاء مُعْجمَة وَهِي الْعَطِيَّة القليلة غير الْمقدرَة. قَوْله: (لَو أمرت بِهِ غَيْرِي) ، أَي: لَو أمرت بِدفع الرضخ إِلَيْهِم غَيْرِي، وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد: وَقد أمرت فيهم بِشَيْء فاقسم فيهم. قلت: لَو أمرت غَيْرِي بذلك؟ فَقَالَ: خُذْهُ وَفِي رِوَايَة مُسلم: لَو أمرت بِهَذَا غَيْرِي قَالَ: خُذْهُ يَا مَال. قَوْله: (إقبضه أَيهَا الْمَرْء) هُوَ عزم عَلَيْهِ فِي قَبضه. قَوْله: (يرفأ) هُوَ مولى عمر وحاجبه، بِفَتْح الْيَاء آخر الْحُرُوف وَسُكُون الرَّاء وَفتح الْفَاء مهموزاً وَغير مَهْمُوز، وَهُوَ الْأَشْهر، وَفِي رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ: اليرفأ بِالْألف وَاللَّام. قَوْله: (هَل لَك فِي عُثْمَان؟) أَي: هَل لَك إِذن فِي عُثْمَان؟ وَقَالَ الْكرْمَانِي: هَل لَك رَغْبَة فِي دُخُولهمْ؟ قَوْله: (يستأذنون) جملَة حَالية. قَوْله: (إقضِ بيني وَبَين هَذَا؟) يَعْنِي: عَليّ بن أبي طَالب، وَفِي رِوَايَة مُسلم: إقض بيني وَبَين هَذَا الْكَاذِب الْإِثْم الغادر الخائن، يَعْنِي: الْكَاذِب إِن لم ينصف، فَحذف الْجَواب. وَزعم الْمَازرِيّ أَن هَذِه اللَّفْظَة ننزه الْقَائِل وَالْمقول فِيهِ عَنْهَا وننسبها إِلَى أَن بعض الروَاة وهم فِيهَا، وَقد أزالها بعض النَّاس من كِتَابه تورعاً، وَإِن لم يكن الْحمل فِيهَا على الروَاة فأجود مَا يحمل عَلَيْهِ أَن الْعَبَّاس قَالَهَا إدلالاً عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة وَالِده، وَلَعَلَّه أَرَادَ ردع عَليّ عَمَّا يعْتَقد أَنه مخطىء فِيهِ، وَأَن هَذِه الْأَوْصَاف يَتَّصِف بهَا لَو كَانَ يَفْعَله عَن قصد، وَإِن كَانَ عَليّ لَا يَرَاهَا مُوجبَة لذَلِك فِي اعْتِقَاده، وَهَذَا كَمَا يَقُول الْمَالِكِي شَارِب النَّبِيذ نَاقص الدّين والحنفي يعْتَقد أَنه لَيْسَ بناقص وكل وَاحِد محق فِي اعْتِقَاده وَلَا بُد من هَذَا التَّأْوِيل لِأَن هَذِه الْقَضِيَّة جرت بِحَضْرَة عمر وَالصَّحَابَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وَلم يُنكر أحد مِنْهُم هَذَا الْكَلَام مَعَ تشددهم فِي إِنْكَار الْمُنكر، وَمَا ذَلِك إلَاّ أَنهم فَهموا بِقَرِينَة الْحَال أَنه تكلم بِمَا لَا يَعْتَقِدهُ. انْتهى. قلت: كل هَذَا لَا يُفِيد شَيْئا، بل يجب إِزَالَة هَذِه اللَّفْظَة عَن الْكتاب، وحاشا من عَبَّاس أَن يتَلَفَّظ بهَا وَلَا سِيمَا بِحَضْرَة عمر بن الْخطاب وَجَمَاعَة من الصَّحَابَة، وَلم يكن عمر مِمَّن يسكت عَن مثل هَذَا لصلابته فِي أُمُور الدّين وَعدم مبالاته من أحد، وَفِي مَا قَالَه نِسْبَة عمر إِلَى ترك الْمُنكر وعجزه عَن إِقَامَة الْحق، فاللائق لحَال الْكل إِزَالَة هَذِه من الْوسط، فَلَا يحْتَاج إِلَى تَأْوِيل غير طائل، فَافْهَم. قَوْله: (وهما يختصمان) أَي: الْعَبَّاس وَعلي يختصمان، أَي: يتجادلان ويتنازعان، وَالْوَاو فِيهِ للْحَال. قَوْله: (فِيمَا أَفَاء الله على رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، من مَال بني النَّضِير) وَهُوَ مِمَّا لم يوجف عَلَيْهِ الْمُسلمُونَ بخيل وَلَا ركاب، وَهُوَ المَال الَّذِي بِالْمَدِينَةِ وفدك وَمَا بَقِي من خمس خَيْبَر، وَفِي رِوَايَة عَن الزُّهْرِيّ: قرى غربية فدك، وَقَالَ ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَمَا أَفَاء الله على رَسُوله مِنْهُم} (الْحَشْر: ٦) . الْآيَة هُوَ من أَمْوَال الْكفَّار وَأهل الْقرى، وهم قُرَيْظَة وَالنضير وهما بِالْمَدِينَةِ، وفدك وخيبر وقرى غربية وينبع، كَذَا فِي (تَفْسِير النَّسَفِيّ) . قَوْله: (فَقَالَ الرَّهْط) ، وهم المذكورون فِيمَا مضى، وهم عُثْمَان وَأَصْحَابه فَقَوله: عُثْمَان، خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف أَي: هم عُثْمَان وَأَصْحَابه المذكورون، وَيجوز أَن يكون بَيَانا أَو بَدَلا. قَوْله: (وأرح) ، أَمر من الإراحة، بالراء الْمُهْملَة. وَفِي رِوَايَة مُسلم: فَاقْض بَينهم وأرحهم، فَقَالَ مَالك بن أَوْس: يخيل إِلَيّ أَنهم كَانُوا قدموهم لذَلِك، وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد: فَقَالَ الْعَبَّاس: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إقضِ بيني وَبَين هَذَا! يَعْنِي: عليا، فَقَالَ بَعضهم: أجل يَا أَمِير المؤمِنين، فَاقْض بَينهمَا وأرحهما. قَوْله: (فَقَالَ عمر: تيدكم) بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَكسرهَا وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الدَّال الْمُهْملَة وَضمّهَا، وَهُوَ اسْم فعل: كرويد، أَي: اصْبِرُوا وأمهلوا وعَلى رسلكُمْ، وَقيل: إِنَّه مصدر تأد يتئد، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: هُوَ من التؤدة، كَأَنَّهُ قَالَ: إلزموا تؤدتكم، يُقَال: تأد تأداً كَأَنَّهُ أَرَادَ أَن يَقُول: تأدكم، فابدل من الْهمزَة يَاء يَعْنِي آخر الْحُرُوف، هَكَذَا ذكره أَبُو مُوسَى، وَفِي رِوَايَة مُسلم: اتئدوا، أَي: تأنوا واصبروا. قَوْله: (أنْشدكُمْ بِاللَّه) ، بِضَم الشين، أَي: أَسأَلكُم بِاللَّه، يُقَال: نشدتك الله وَبِاللَّهِ. قَوْله: (لَا نورث، مَا تركنَا صَدَقَة) قد مضى تَفْسِيره، وَأَن الرِّوَايَة بالنُّون. قَالَ الْقُرْطُبِيّ: يَعْنِي جمَاعَة الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام، كَمَا فِي رِوَايَة أُخْرَى: نَحن معاشر الْأَنْبِيَاء لَا نورث، روى أَبُو عمر فِي (التَّمْهِيد) من حَدِيث ابْن شهَاب عَن مَالك ابْن أَوْس عَن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: إِنَّا معشر الْأَنْبِيَاء مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَة، وَهَذَا حجَّة على الْحسن الْبَصْرِيّ فِي ذَهَابه إِلَى أَن هَذَا خَاص بنبينا، مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، دون غَيره من الْأَنْبِيَاء، فاستدل بقوله تَعَالَى فِي قصَّة زَكَرِيَّاء، عَلَيْهِ السَّلَام:

<<  <  ج: ص:  >  >>