ابْن الْمُبَارك.
قَوْله: (أقطعه) أَي: أعطَاهُ قِطْعَة من الْأَرَاضِي الَّتِي جعلت الْأَنْصَار لرَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، حِين قدم الْمَدِينَة، أَو من أَرَاضِي بني النَّضِير، كَمَا فِي الحَدِيث بعده. قَوْله: (على رَأْسِي) ، يتَعَلَّق بقوله: انقل. قَوْله: (وَهِي) ، أَي الأَرْض الَّتِي أقطعه.
وَقَالَ أبُو ضَمْرَةَ عنْ هِشامٍ عنْ أبِيهِ أنَّ النَّبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أقْطَعَ الزُّبَيْرَ أرْضَاً مِنْ أمْوَالِ بَنِي النَّضِيرِ
أَبُو ضَمرَة، بِفَتْح الضَّاد الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْمِيم وبالراء: اسْمه أنس بن عِيَاض، وَهِشَام هُوَ ابْن عُرْوَة بن الزبير بن الْعَوام. وَأَشَارَ بِهَذَا التَّعْلِيق إِلَى أَن أَبَا ضَمرَة خَالف أُسَامَة فِي وَصله فَأرْسلهُ كَمَا نرى، وَأَيْضًا فِيهِ تعْيين الأَرْض الْمَذْكُورَة وَأَنَّهَا كَانَت مِمَّا أَفَاء الله تَعَالَى على رَسُوله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، من أَمْوَال بني النَّضِير، فأقطع الزبير مِنْهَا، وَبِهَذَا يُجَاب عَن إِشْكَال الْخطابِيّ حَيْثُ قَالَ: لَا أَدْرِي كَيفَ أقطع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَرض الْمَدِينَة وَأَهْلهَا قد أَسْلمُوا راغبين فِي الدّين إلَاّ أَن يكون المُرَاد مَا وَقع من الْأَنْصَار أَنهم جعلُوا للنَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، مَا لَا يبلغهُ المَاء من أَرضهم فأقطع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لمن شَاءَ مِنْهُ.
٢٥١٣ - حدَّثني أحْمَدُ بنُ الْمِقْدَامِ قَالَ حدَّثنا الْفُضَيْلُ بنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حدَّثنا مُوسى بنُ عُقْبَةَ قَالَ أخبرَنِي نافِعٌ عنِ ابنِ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما أنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ أجْلَى الْيَهُودَ والنَّصارى مِنْ أرْضِ الحِجَازِ وكانَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَمَّا ظَهرَ على أهْلِ خَيْبَرَ أرادَ أنْ يُخْرِجَ اليَهُودَ مِنها وكانَتِ الأرْضُ لَمَّا ظَهَرَ علَيْهَا لِلْيَهُودَ ولِلْرَّسُولِ ولِلْمُسْلِمِينَ فَسأل الْيَهُودُ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يَتْرُكَهُمْ علَى أنْ يَكفُوا العَملَ ولَهُمْ نِصْفُ الثَّمَرِ فَقالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نُقِرُّكُمْ على ذَلِكَ مَا شِئْنَا فأُقِرُّوا حَتَّى أجْلاهُمْ عُمَرُ فِي إمارَتِهِ إِلَى تَيْماءَ وأرِيحا. .
قيل: لَا مُطَابقَة بَين الحَدِيث والترجمة هُنَا لِأَنَّهُ لَيْسَ للعطاء فِيهِ ذكر. وَأجِيب: بِأَن فِيهِ جِهَات قد علم من مَكَان آخر أَنَّهَا كَانَت جِهَات عَطاء، فَبِهَذَا الطَّرِيق يدْخل تَحت التَّرْجَمَة.
وَأحمد بن الْمِقْدَام بن سُلَيْمَان الْعجلِيّ الْبَصْرِيّ، والفضيل مصغر فضل النميري الْبَصْرِيّ.
وَقد مر الحَدِيث فِي كتاب الْمُزَارعَة فِي: بَاب إِذا قَالَ رب الأَرْض أقرك بِمَا أقرك الله، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ مطولا عَن أَحْمد بن الْمِقْدَام عَن فُضَيْل بن سُلَيْمَان عَن مُوسَى عَن نَافِع عَن ابْن عمر ... إِلَى آخِره، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
قَوْله: (أجلى الْيَهُود وَالنَّصَارَى) ، أَي: أخرجهم من وطنهم، يُقَال: أجليت الْقَوْم عَن وطنهم وجلوتهم، وجلى الْقَوْم وأجلوا وجلوا، وَإِنَّمَا فعل هَذَا عمر لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يبْقين دينان بِجَزِيرَة الْعَرَب، وَالصديق اشْتغل عَنهُ بِقِتَال أهل الرِّدَّة، أَو لم يبلغهُ الْخَبَر، وَالله أعلم. قَوْله: (للْيَهُود وَلِلرَّسُولِ وللمسلمين) هَكَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة ابْن السكن: لما ظهر عَلَيْهَا لله وَلِلرَّسُولِ، قيل: هَذَا هُوَ الصَّوَاب، وَقَالَ ابْن أبي صفرَة: وَالَّذِي فِي الأَصْل صَحِيح أَيْضا، قَالَ: وَالْمرَاد بقوله: (لما ظهر عَلَيْهَا) ، أَي: لما ظهر على فتح أَكْثَرهَا قبل أَن يسْأَله الْيَهُود أَن يصالحوه فَكَانَت للْيَهُود، فَلَمَّا صَالحهمْ على أَن يسلمُوا لَهُ الأَرْض كَانَت لله وَلِلرَّسُولِ، وَيحْتَمل أَن يكون على حذف مُضَاف أَي: ثَمَرَة الأَرْض، وَيحْتَمل أَن يكون المُرَاد بِالْأَرْضِ مَا هِيَ أَعم من المفتتحة وَغير المفتتحة، وَالْمرَاد بظهوره عَلَيْهَا: غلبته لَهُم، فَكَانَت حِينَئِذٍ بعض الأَرْض للْيَهُود وَبَعضهَا للرسول وللمسلمين. قَوْله: (نقرَّكم) من التَّقْرِير، هَذِه رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيره: نترككم. قَوْله: (تيماء) ، بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالمد، قَالَ ابْن قرقول هِيَ من أُمَّهَات الْقرى على الْبَحْر من بِلَاد طَيء، مِنْهَا يخرج إِلَى الشَّام. وَقَالَ الْبكْرِيّ: قَالَ السكونِي: ترتحل من الْمَدِينَة وَأَنت تُرِيدُ تيماء فتنزل الصَّهْبَاء لأشجع، ثمَّ تنزل الثمدى لأشجع، ثمَّ تنزل الْعين ثمَّ سلاج لبني عذرة، ثمَّ تسير ثَلَاث لَيَال فِي الجناب ثمَّ تنزل تيماء، وَهُوَ لطي، قَوْله: (وأريحاء) ، بِفَتْح
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute