للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَي: قَالَ الهرمزان: نعم، وَهُوَ حرف إِيجَاب، وَقَالَ الْكرْمَانِي: إِن صحت الرِّوَايَة بِلَفْظ فعل الْمَدْح فتقديره: نعم الْمثل مثلهَا، وَالضَّمِير فِي مثلهَا يرجع إِلَى الأَرْض الَّتِي يدل عَلَيْهَا السِّيَاق، وارتفاع: مثلهَا، على الِابْتِدَاء وَخَبره قَوْله: مثل طَائِر. قَوْله: (والجناج قَيْصر) ، هُوَ ملك الرّوم، قيل: فِيهِ نظر لِأَن كسْرَى لم يكن رَأْسا للروم، ونوزع فِي هَذَا بِأَن كسْرَى رَأس الْكل لِأَنَّهُ لم يكن فِي زَمَانه ملك أكبر مِنْهُ، لِأَن سَائِر مُلُوك الْبِلَاد كَانُوا يهابونه ويهادونه. قَوْله: (فلينفروا إِلَى كسْرَى) ، إِنَّمَا أَشَارَ بالنفير أَولا إِلَى كسْرَى لكَونه رَأْسا، فَإِذا فَاتَ الرَّأْس فَاتَ الْكل. وَأَشَارَ إِلَى هَذَا الْمَعْنى بقوله: (وَإِن شدخ الرَّأْس) أَي: وَإِن كسر، من الشدخ بالشين الْمُعْجَمَة وَالدَّال الْمُهْملَة وَالْخَاء الْمُعْجَمَة، قَالَ ابْن الْأَثِير: الشدخ كسر الشَّيْء الأجوف، تَقول: شدخت رَأسه فانشدخ، فَإِن قلت: قَالَ: فالرأس كسْرَى والجناح قَيْصر والجناح الآخر فَارس، وَمَا الرّجلَانِ؟ قلت: لقيصر الفربخ مثلا، ولكسرى الْهِنْد مثلا، وَلَا شكّ أَن الفربخ كَانَت فِي طرف من قَيْصر متصلين بِهِ، والهند كَانَت فِي طرف من كسْرَى متصلين بِهِ، وَإِنَّمَا لم يقل: وَإِن كسر الرّجلَانِ فَكَذَا، اكْتِفَاء للْعلم بِحَالهِ قِيَاسا على الْجنَاح، لَا سِيمَا وَأَنه بِالنِّسْبَةِ إِلَى الظَّاهِر أسهل حَالا من الْجنَاح. فَإِن قلت: إِذا انْكَسَرَ الجناحان وَالرجلَانِ جَمِيعًا لَا ينْهض أَيْضا؟ قلت: الْغَرَض أَن الْعُضْو الشريف هُوَ الأَصْل فَإِذا صلح صلح الْجَسَد كُله، وَإِذا فسد فسد، بِخِلَاف الْعَكْس. قَوْله: (وَقَالَ بكر) ، هُوَ بكر بن عبد الله الْمَذْكُور. (وَزِيَاد) ، هُوَ زِيَاد بن جُبَير الْمَذْكُور. قَوْله: (فندبنا) ، بِفَتْح الدَّال وَالْبَاء على صِيغَة الْمَاضِي، أَي: طلبنا ودعانا وعزم علينا أَن نَجْتَمِع للْجِهَاد. قَوْله: (وَاسْتعْمل علينا النُّعْمَان بن مقرن) أَي: جعله أَمِيرا علينا، وَكَانَ النُّعْمَان قدم على عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، بِفَتْح الْقَادِسِيَّة الَّتِي ذَكرنَاهَا عَن قريب، وَفِي رِوَايَة ابْن أبي شيبَة: فَدخل عمر الْمَسْجِد فَإِذا هُوَ بالنعمان يُصَلِّي، فَقعدَ فَلَمَّا فرغ قَالَ: إِنِّي مستعملك! قَالَ: أما جابياً فَلَا، وَلَكِن غازياً. قَالَ: فَإنَّك غازٍ، فَخرج وَمَعَهُ الزبير وَحُذَيْفَة وَابْن عمر والأشعث وَعَمْرو بن معدي كرب، وَفِي رِوَايَة الطَّبَرَانِيّ: فَأَرَادَ عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَن يسير بِنَفسِهِ ثمَّ بعث النُّعْمَان وَمَعَهُ ابْن عمر وَجَمَاعَة، وَكتب إِلَى أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ أَن يسير بِأَهْل الْبَصْرَة، وَإِلَى حُذَيْفَة أَن يسير بِأَهْل الْكُوفَة حَتَّى يجتمعوا بنهاوند، وَإِذا التقيتم فأميركم النُّعْمَان بن مقرن، بِضَم الْمِيم وَفتح الْقَاف وَكسر الرَّاء الْمُشَدّدَة وبالنون: ابْن عَائِذ بن منجي بن هجير بن نصر بن حبشية بن كَعْب بن عبد بن تور بن هدمة بن الأطم بن عُثْمَان. وَهُوَ مزينة بن عَمْرو بن أد بن طابخة الْمُزنِيّ، قَالَ أَبُو عمر: وَيُقَال: النُّعْمَان بن عَمْرو بن مقرن، يكنى أَبَا عَمْرو، وَيُقَال: أَبَا حَكِيم. قَالَ مُصعب: هَاجر النُّعْمَان بن مقرن وَمَعَهُ سَبْعَة أخوة، وروى عَنهُ أَنه قَالَ: قدمنَا على رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أَربع مائَة من مزينة، ثمَّ سكن الْبَصْرَة وتحول عَنْهَا إِلَى الْكُوفَة. قَوْله: (حَتَّى إِذا كُنَّا بِأَرْض الْعَدو) وَهِي نهاوند، بِضَم النُّون وَتَخْفِيف الْهَاء وَفتح الْوَاو وَسُكُون النُّون، وَفِي آخِره دَال مُهْملَة، وَضبط بَعضهم: بِفَتْح النُّون وَلَيْسَ كَذَلِك، بل بِالضَّمِّ لِأَن الَّذِي بناها نوح، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَكَانَت تسمى: نوح أوند، يَعْنِي: عمرها نوح، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فأبدلوا الْحَاء هَاء، وَهِي مَدِينَة جنوبي هَمدَان وَلها أَنهَار وبساتين، وَهِي كَثِيرَة الْفَوَاكِه وَتحمل فواكهها إِلَى الْعرَاق لجودتها، مِنْهَا إِلَى هَمدَان أَرْبَعَة عشر فرسخاً، وَهِي من بِلَاد عراق الْعَجم فِي حد بِلَاد الجيل. قَوْله: (وَخرج علينا عَامل كسْرَى فِي أَرْبَعِينَ ألفا) ، كَانَ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعُونَ ألفا من أهل فَارس وكرمان، وَكَانَ من أهل نهاوند عشرُون ألفا وَمن أهل أَصْبَهَان عشرُون، وَمن أهل قُم وقاشان عشرُون وَمن أهل أذربيجان ثَلَاثُونَ ألفا وَمن بِلَاد أُخْرَى عشرُون ألفا فالجملة مائَة ألف وَخَمْسُونَ ألفا فُرْسَانًا، وَكَانَ عَامل كسْرَى الَّذِي على هَؤُلَاءِ الْجَيْش الغيرزان، وَيُقَال: بنْدَار، وَيُقَال: ذُو الحاجبين، وَقَالَ ابْن الْأَثِير فِي (كتاب الأذواء) : ذُو الحاجبين هُوَ خرزاد بن هُرْمُز من الْفرس أحد الْأُمَرَاء الْأَرْبَعَة الَّذين أَمرتهم الْأَعَاجِم على كورة نهاوند، وَكَانَت هَذِه الْوَقْعَة الَّتِي وَقعت على نهاوند وقْعَة عَظِيمَة، وَكَانَ الْمُسلمُونَ يسمونها فتح الْفتُوح، وَقَالَ ابْن إِسْحَاق والواقدي: كَانَت وقْعَة نهاوند فِي سنة إِحْدَى وَعشْرين، وَقَالَ سيف: كَانَت فِي سنة سبع عشرَة، وَقيل: فِي سنة تسع عشرَة، وَكَانَت هَذِه الْوَاقِعَة أَربع وقعات، وَفِي الْوَقْعَة الثَّانِيَة قتل النُّعْمَان ابْن مقرن أَمِير الْجَيْش وَقَامَ مقَامه حُذَيْفَة بن الْيَمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَوْله: (فَقَامَ ترجمان) ، بِفَتْح التَّاء وَضمّهَا وَضم الْجِيم وَالْوَجْه الثَّالِث فتحهما نَحْو: الزَّعْفَرَان. قَوْله: (فَقَالَ الْمُغيرَة) ، وَهُوَ الْمُغيرَة بن شُعْبَة، وَكَانَ هُوَ الترجمان، وَكَذَلِكَ كَانَ هُوَ الترجمان بَين الهرمزان وَعمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فِي الْمَدِينَة لما قدم الهرمزان إِلَيْهِ كَمَا ذَكرْنَاهُ. قَوْله: (قَالَ: مَا أَنْتُم؟)

<<  <  ج: ص:  >  >>