بَتَّكَهُ قَطَعَهُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {ولآمرنَّهُم فليبتكن آذان الْأَنْعَام} (النِّسَاء: ٩١١) . أَي: ليقطعن، وَفسّر: بتكه، بِمَعْنى: قطعه وَقَالَ قَتَادَة: يَعْنِي الْبحيرَة. وَهِي إِذا نتجت خَمْسَة أبطن، وَكَانَ آخرهَا ذكرا شَقوا أذنها، وَلم ينتفعوا بهَا، وَالتَّقْدِير: ولآمرنهم بتبتيك آذانهن، وليبتكنها.
واسْتَفْزِزْ اسْتَخِفَّ بِخَيْلِكَ الفُرْسَانُ والرَّجْلُ الرَّجَّالَّةُ واحِدُها رَاجِلٌ مِثْلُ صاحِب وصَحْبٍ وتاجِرٍ وتَجْر
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {واستفزز من اسْتَطَعْت مِنْهُم بصوتك، واجلب عَلَيْهِم بخيلك ورجلك} (الْإِسْرَاء: ٤٦) . وَفسّر قَوْله: استفزز، بقوله: استخف، وَيُرِيد بالصوت الْغناء والمزامير، وَفسّر الْخَيل بالفرسان، وَفسّر الرجل بِفَتْح الرَّاء وَسُكُون الْجِيم بالرجالة بِفَتْح الرَّاء وَتَشْديد الْجِيم، ثمَّ قَالَ وَاحِد الرجالة راجل، وَمثله بقوله: صَاحب وَصَحب، فَإِن الصحب جمع صَاحب والتجر، بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق: جمع تَاجر، وَقَالَ ابْن عَبَّاس: كل خيل سَارَتْ فِي مَعْصِيّة، وكل رجل مشت فِيهَا وكل مَا أُصِيب من حرَام فَهُوَ للشَّيْطَان، وَقَالَ غَيره: مشاركته فِي الْأَمْوَال الْبحيرَة والسائبة، وَفِي الْأَوْلَاد عِنْد الْغَزْو وَعند الحروب.
لأحْتَنِكَنَّ: لأَستَأصِلَنَّ
أَشَارَ بِهَذَا إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {لأحتنكن ذُريَّته إلَاّ قَلِيلا} (الْإِسْرَاء: ٢٦) . وَفسّر: لأحتنكنَّ، بقوله: لأستأصلنَّ من الاستئصال.
قَرِينٌ شَيْطَانٌ
أَشَارَ بِهَذَا إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فَهُوَ لَهُ قرين} (الزخرف: ٦٣) . وَفسّر القرين بالشيطان، وَفَسرهُ مُجَاهِد كَذَلِك.
٨٦٢٣ - حدَّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ مُوسَى قَالَ أخْبَرَنا عِيسَى عنْ هِشامٍ عنْ أبِيهِ عنْ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قالَتْ سُحِرَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ اللَّيْثُ كَتَبَ إلَيَّ هِشامٌ أنَّهُ سَمِعَهُ ووَعَاهُ عنْ أبِيهِ عنْ عائِشَةَ قالَتْ سُحِرَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حتَّى كانَ يُخَيَّلُ إلَيْهِ أنَّهُ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وَمَا يَفْعَلُهُ حتَّى كانَ ذَاتَ يَوْمٍ دَعَا ودَعا ثُمَّ قَالَ أشَعَرْتِ أنَّ الله أفْتَانِي فِيما فِيهِ شِفَائِي أتَانِي رَجُلان فَقَعَدَ أحَدُهُمَا عِنْدَ رأسِي والآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ فقالَ أحَدُهُمَا لِلآخَرِ مَا وَجَعُ الرَّجُلِ قَالَ مَطْبُوبٌ قَالَ وَمَنْ طَبَّهُ قَالَ لَبِيدُ بنُ الأعْصَمِ قَالَ فِيما ذَا قَالَ فِي مُشْطٍ ومُشَاقَةٍ وجُفَّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ قَالَ فأيْنَ هُوَ قَالَ فِي بِئْرِ ذَرَوانَ فخَرَجَ إلَيْهَا النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لِعَائِشَةَ حِينَ رَجَعَ نَخْلُهَا كأنَّهَا رُؤُوسُ الشَّيَاطِينَ فَقُلْتُ اسْتَخْرَجتْهُ فَقَالَ لَا أمَّا أنَا فَقَدْ شَفَانِي الله وَخَشِيتُ أنْ يُثِيرَ ذَلِكَ علَى النَّاسِ شَرَّاً ثُمَّ دُفِنَتِ الْبِئْرُ. .
وَجه مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن السحر إِنَّمَا يتم باستعانة الشَّيْطَان على ذَلِك، وَهِي من جملَة صِفَاته القبيحة. وَإِبْرَاهِيم ابْن مُوسَى بن يزِيد الْفراء أَبُو إِسْحَاق الرَّازِيّ، يعرف بالصغير، وَعِيسَى هُوَ ابْن يُونُس بن أبي إِسْحَاق السبيعِي، وَهِشَام هُوَ ابْن عُرْوَة بن الزبير بن الْعَوام، يروي عَن أَبِيه عَن عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الطِّبّ عَن إِبْرَاهِيم ابْن مُوسَى عَن عِيسَى. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الطِّبّ عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم عَن عِيسَى بن يُونُس نَحوه.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (وَقَالَ اللَّيْث) ، هُوَ اللَّيْث بن سعد، رَحمَه الله، هَذَا التَّعْلِيق وَصله أَبُو بكر عبد الله بن دَاوُد عَن عِيسَى ابْن حَمَّاد النجيبي الْمصْرِيّ عَن اللَّيْث. قَوْله: (ووعاه) ، أَي: حفظه. قَوْله: (يخيل) ، على صِيغَة الْمَجْهُول من تخيل الشَّيْء