أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ إِذا وَقع الذُّبَاب ... إِلَى آخِره، وَترْجم هَذَا الْبَاب بِنَصّ الحَدِيث الَّذِي سَاقه فِي هَذَا الْبَاب، وَإِنَّمَا وَقع هُنَا فِي رِوَايَة أبي ذَر عَن بعض شُيُوخه، وَحذف عِنْد البَاقِينَ، وحذفه أولى، لِأَن الْأَحَادِيث الَّتِي تَأتي بعد هَذَا الحَدِيث لَا تعلق لَهَا بذلك وَلَا مُطَابقَة بَينهَا وَبَين هَذِه التَّرْجَمَة، كَمَا ترَاهُ.
٠٢٣٣ - حدَّثنا خَالِدُ بنُ مَخْلَد حدَّثنا سُلَيْمَانُ بنُ بِلَالٍ قَالَ حدَّثني عُتْبَةُ بنُ مُسْلِمٍ قَالَ أخْبَرَني عُبَيْدُ بنُ حُنَيْنٍ قَالَ سَمِعْتُ أبَا هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ يَقُولُ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إذَا وقَعَ الذُّبَابُ فِي شَرَابِ أحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ ثُمَّ لِيَنْزِعْهُ فإنَّ فِي إحْدَى جَناحَيْهِ دَاءً والأُخْرَى شِفَاءً. (الحَدِيث ٠٢٣٣ طرفه فِي: ٢٨٧٥) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، فَإِنَّهُ لَا فرق بَينهمَا، غير أَنه لم يذكر فِي التَّرْجَمَة لفظ (ثمَّ لينزعه) .
ذكر رِجَاله وهم خَمْسَة: الأول: خَالِد بن مخلد، بِفَتْح الْمِيم واللَاّم وَسُكُون الْخَاء الْمُعْجَمَة وَفِي آخِره دَال: أَبُو الْهَيْثَم البَجلِيّ الْكُوفِي. الثَّانِي: سُلَيْمَان بن بِلَال أَبُو أَيُّوب الْقرشِي التَّيْمِيّ. الثَّالِث: عتبَة، بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق، وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة: ابْن مُسلم مولى بني تَمِيم الْمَدِينِيّ. الرَّابِع: عبيد بن حنين، كِلَاهُمَا بِالتَّصْغِيرِ، و: حنين، بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَفتح النُّون الأولى: أَبُو عبد الله مولى زيد بن الْخطاب الْقرشِي الْعَدوي. الْخَامِس: أَبُو هُرَيْرَة.
ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الطِّبّ عَن قُتَيْبَة عَن إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر، وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الطِّبّ، قَالَ: حَدثنَا سُوَيْد بن سعيد، قَالَ: حَدثنَا مُسلم بن خَالِد عَن عتبَة بن مُسلم عَن عبيد بن حنين عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: (إِذا وَقع الذُّبَاب فِي شراب أحدكُم فليغمسه فِيهِ ثمَّ ليطرحه، فَإِن فِي أحد جناحيه دَاء وَفِي الآخر شِفَاء) . وَأخرجه عَن أبي سعيد أَيْضا، وَقَالَ: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة حَدثنَا يزِيد بن هَارُون عَن ابْن أبي ذِئْب عَن سعيد بن خَالِد عَن أبي سَلمَة، قَالَ: حَدثنِي أَبُو سعيد: أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: (أحد جناحي الذُّبَاب سم وَالْآخر شِفَاء، فَإِذا وَقع فِي الطَّعَام فامقلوه فِيهِ فَإِنَّهُ يقدم السم وَيُؤَخر الشِّفَاء) . وَأخرجه النَّسَائِيّ مُخْتَصرا، وروى الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث سعيد بن الْمسيب عَن سُلَيْمَان نَحوه، وَمن حَدِيث أنس بِإِسْنَاد ضَعِيف، وروى أَبُو دَاوُد أَيْضا من حَدِيث المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (إِذا وَقع الذُّبَاب فِي إِنَاء أحدكُم فليغمسه، فَإِن فِي أحد جناحيه دَاء وَالْآخر شِفَاء، وَإنَّهُ يتقى بجناحه الَّذِي فِيهِ الدَّاء فيغمسه كُله) . ويروى: فليغمسه كُله.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (إِذا وَقع الذُّبَاب) الذُّبَاب جمع ذُبَابَة، قَالَه ابْن التِّين وَفِي (الْمُنْتَهى) : الذب بِالضَّمِّ الذُّبَاب، وَجمع الذُّبَاب: ذبان، وَلَا تقل: ذبانة، وَالْجمع الْقَلِيل: أذبة، كغراب وأغربة وغربان، وَقَالَ أَبُو هِلَال العسكري: الذُّبَاب وَاحِد وَالْجمع ذبان، والعامة تَقول: ذبانة للْوَاحِد والذبان للْجمع، وَهُوَ خطأ، وَقَالَ أَبُو حَاتِم السجسْتانِي: تَقول: هَذَا ذُبَاب للْوَاحِد وذبابان فِي التَّثْنِيَة، وَلَا يُقَال ذُبَابَة وَلَا ذبانة، وَقَالَ ابْن سَيّده فِي (الْمُحكم) : لَا يُقَال: ذُبَابَة، إِلَّا أَن أَبَا عُبَيْدَة رَوَاهُ عَن الْأَحْمَر، وَالصَّوَاب ذُبَاب، وَفِي التَّنْزِيل: {وَإِن يسلبهم الذُّبَاب شَيْئا} (الْحَج: ٣٧) . فسروه بِالْوَاحِدِ، وَحكى سِيبَوَيْهٍ عَن الْعَرَب: ذب، فِي جمع ذُبَاب، وَقَالَ الْجَوْهَرِي: الذُّبَاب مَعْرُوف، الْوَاحِدَة ذُبَابَة، وَلَا تقل: ذبانة، وَجمع الْقلَّة: أذبة، وَالْكَثْرَة: ذبان. وَقَالَ أَبُو عبيد: أَرض مذبة، ذَات ذُبَاب. وَقَالَ الْفراء: أراض مذبوبة، كَمَا يُقَال: موحوشة من الْوَحْش، والمذبة مَا يذب بِهِ الذُّبَاب، وَقَالَ الجاحظ: عمر الذُّبَاب أَرْبَعُونَ يَوْمًا وَهُوَ فِي النَّار، وَلَيْسَ تعذيباً لَهُ، وَإِنَّمَا يعذب بِهِ أهل النَّار لوُقُوعه عَلَيْهِم، فَإِنَّهُ لَا شَيْء أضرّ على المكلوم من وُقُوعه على كَلمه. قَوْله: (فِي شراب أحدكُم) ، الشَّرَاب هُنَا يدْخل فِيهِ كل الْمَائِعَات، قَالَ تَعَالَى: {يخرج من بطونها شراب} (النَّحْل: ٩٦) . قلت: قد ذكرنَا آنِفا أَن فِي رِوَايَة أبي دَاوُد: إِذا وَقع الذُّبَاب فِي إِنَاء أحدكُم، والإناء يكون فِيهِ كل شَيْء من المأكولات والمشروبات. قَوْله: (فليغمسه) ، من غمسه فِي المَاء إِذا غطه فِيهِ وَأدْخلهُ، وَفِي رِوَايَة ابْن مَاجَه: فامقلوه فِيهِ، من الْمقل بِالْقَافِ وَهُوَ الغمس. قَالَ أَبُو عبيد: أَي اغمسوه فِي الطَّعَام أَو الشَّرَاب ليخرج الشِّفَاء كَمَا أخرج الدَّاء، وَذَلِكَ بإلهام الله تَعَالَى، وَفِي (الْمغرب) : فِي الحَدِيث: إِذا وَقع الذُّبَاب فِي طَعَام أحدكُم فامقلوه، فَإِن فِي أحد جناحيه سما وَفِي الآخر شِفَاء، هَكَذَا فِي الْأُصُول، وَأما: فامقلوه، ثمَّ انقلوه فمصنوع. قلت: فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute