للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٣٣٣ - حدَّثنا أبُو كُرَيْبٍ ومُوساى بنُ حِزَامٍ قالَا حدَّثنا حُسَيْنُ بنُ عَلِيٍّ عنْ زَائِدَةَ عنْ مَيْسَرَة الأشْجَعِيِّ عنْ أبِي حازِمٍ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ قَالَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْتَوْصُوا بالنِّسَاءِ فإنَّ الْمَرْأةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ وإنَّ أعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلْعِ أعْلَاهُ فإنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ وإنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أعْوَجَ فاسْتَوْصُوا بالنِّسَاءِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة يُمكن أَن يُقَال: إِنَّه لما كَانَ مُشْتَمِلًا على بعض أَحْوَال النِّسَاء، وَهِي من ذُرِّيَّة آدم. والترجمة مُشْتَمِلَة على الذُّرِّيَّة أَيْضا. وَهَذَا وَإِن كَانَ فِيهِ تعسف فَلَا يَخْلُو عَن وَجه، وَهَذَا الْمِقْدَار كافٍ.

ذكر رِجَاله وهم سَبْعَة: الأول: أَبُو كريب، بِضَم الْكَاف بِصِيغَة التصغير: واسْمه مُحَمَّد بن الْعَلَاء. الثَّانِي: مُوسَى ابْن حزَام، بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الزَّاي: أَبُو عمرَان التِّرْمِذِيّ العابد. الثَّالِث: حُسَيْن بن عَليّ بن الْوَلِيد أَبُو عبد الله الْجعْفِيّ. الرَّابِع: زَائِدَة بن قدامَة، بِضَم الْقَاف وَتَخْفِيف الدَّال الْمُهْملَة: أَبُو الصَّلْت الثَّقَفِيّ. الْخَامِس: ميسرَة ضد الميمنة ابْن عمار الْأَشْجَعِيّ. السَّادِس: أَبُو حَازِم، بِالْحَاء الْمُهْملَة وبالزاي: واسْمه سلمَان الْأَشْجَعِيّ الْغَطَفَانِي. السَّابِع: أَبُو هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم.

ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين. وَفِيه: العنعنة فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع، وَفِيه: القَوْل فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: أَن مُوسَى بن حزَام من أَفْرَاد البُخَارِيّ، وَرُوِيَ عَنهُ مَقْرُونا بِأبي كريب، وَقد وَثَّقَهُ النَّسَائِيّ وَغَيره، وَمَا لَهُ فِي البُخَارِيّ إلَاّ هَذَا الْموضع. وَفِيه: ميسرَة وَمَا لَهُ فِي البُخَارِيّ إِلَّا هَذَا الحَدِيث، وَآخر فِي سُورَة آل عمرَان، وَحَدِيث الْبَاب ذكره فِي النِّكَاح من وَجه آخر. وَفِيه: أَن رُوَاته كلهم كوفيون مَا خلا مُوسَى بن حزَام فَإِنَّهُ ترمذي نزل بَلخ.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي النِّكَاح عَن إِسْحَاق بن نصر، وَأخرجه مُسلم فِي النِّكَاح عَن أبي بكر بن أبي شيبَة. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي عشرَة النِّسَاء عَن الْقَاسِم بن زَكَرِيَّا.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (اسْتَوْصُوا) ، أَي: تواصوا أَيهَا الرِّجَال فِي حق النِّسَاء بِالْخَيرِ، وَيجوز أَن تكون الْبَاء للتعدية والاستفعال بِمَعْنى الإفعال، نَحْو الاستجابة، قَالَ تَعَالَى: {فليستجيبوا لي} (الْبَقَرَة: ٦٨١) . {ويستجيب الَّذين آمنُوا} (الشورى: ٦٢) . وَقَالَ الْبَيْضَاوِيّ: الإستيصاء: قبُول الْوَصِيَّة، أَي: أوصيكم بِهن خيرا فاقبلوا وصيتي فِيهِنَّ، وَقَالَ الطَّيِّبِيّ: السِّين للطلب مُبَالغَة أَي: اطْلُبُوا الْوَصِيَّة من أَنفسكُم فِي حقهن بِخَير، وَقَالَ غَيره، استفعل على أَصله، وَهُوَ طلب الْفِعْل فَيكون مَعْنَاهُ: اطْلُبُوا الْوَصِيَّة من الْمَرِيض للنِّسَاء، لِأَن عَائِد الْمَرِيض يسْتَحبّ لَهُ أَن يحث الْمَرِيض على الْوَصِيَّة، وَخص النِّسَاء بِالذكر لضعفهن واحتياجهن إِلَى من يقوم بأمرهن، يَعْنِي: إقبلوا وصيتي فِيهِنَّ وَاعْمَلُوا بهَا واصبروا عَلَيْهِنَّ وارفقوا بِهن وأحسنوا إلَيْهِنَّ. قَوْله: (فَإِن الْمَرْأَة) إِلَى آخِره هَذَا تَعْلِيل لما قبله، وَفَائِدَته بَيَان أَنَّهَا خلقت من الضلع الأعوج هُوَ الَّذِي فِي أَعلَى الضلع، أَو بَيَان أَنَّهَا لَا تقبل الْإِقَامَة لِأَن الأَصْل فِي التَّقْوِيم هُوَ أَعلَى الضلع لَا أَسْفَله وَهُوَ فِي غَايَة الإعوجاج، والضلع، بِكَسْر الضَّاد وَفتح اللَّام: مُفْرد الضلوع، وتسكين اللَّام جَائِز. وَقَوله: (خلقت من ضلع) هُوَ أَن الله تَعَالَى لما أسكن آدم الْجنَّة أَقَامَ مُدَّة فاستوحش، فَشَكا إِلَى الله الْوحدَة، فَنَامَ فَرَأى فِي مَنَامه امْرَأَة حسناء ثمَّ انتبه فَوَجَدَهَا جالسة عِنْده، فَقَالَ من أَنْت؟ فَقَالَت: حَوَّاء خلقني الله لتسكن إِلَيّ وأسكن إِلَيْك. قَالَ عَطاء عَن ابْن عَبَّاس: خلقت من ضلع آدم، وَيُقَال لَهَا: القصيري. وَقَالَ الْجَوْهَرِي: هُوَ الضلع الَّتِي يَلِي الشاكلة، وَيُسمى: الواهنة. وَقَالَ مُجَاهِد: إِنَّمَا سميت الْمَرْأَة مرأة لِأَنَّهَا خلقت من الْمَرْء وَهُوَ آدم. وَقَالَ مقَاتل بن سُلَيْمَان: نَام آدم نومَة فِي الْجنَّة فخلقت حَوَّاء من قصيراه من شقَّه الْأَيْمن من غير أَن يتألم، وَلَو تألم لم يعْطف رجل على امْرَأَة أبدا. وَقَالَ ابْن عَبَّاس: لأم الله تَعَالَى مَوضِع الضلع لَحْمًا، وَلما رَآهَا آدم قَالَ: أثاثاً، بالثاء الْمُثَلَّثَة وَهُوَ بالسرانية وَتَفْسِير بِالْعَرَبِيَّةِ: مرأة. وَقَالَ الرّبيع بن أنس: حَوَّاء من طِينَة آدم وَاحْتج بقوله تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي خَلقكُم من طين} (الْأَنْعَام: ٠٢) . وَالْأول أصح لقَوْله تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي خَلقكُم من نفس وَاحِدَة} (الْأَعْرَاف: ٩٨١) . قَوْله: (وَإِن ذهبت تُقِيمهُ كَسرته) ، قيل: هُوَ ضرب مثل للطَّلَاق، أَي: إِن أردْت مِنْهَا أَن تتْرك اعوجاجها أفْضى الْأَمر إِلَى طَلاقهَا، وَيُؤَيِّدهُ قَوْله فِي رِوَايَة الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة، رَضِي

<<  <  ج: ص:  >  >>