للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَيُونُس هُوَ ابْن يزِيد، وَسَالم هُوَ ابْن عبد الله بن عَمْرو. والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ فِي كتاب الْجَنَائِز فِي: بَاب إِذا أسلم الصَّبِي ... مطولا بِهَذَا الْإِسْنَاد بِعَيْنِه، وَلَكِن قَوْله: (ثمَّ ذكر الدَّجَّال) إِلَى آخِره، لَيْسَ هُنَاكَ. فَقَوله: (ثمَّ ذكر الدَّجَّال) يَعْنِي: بعد الْفَرَاغ من خطبَته، والدجال فعال من أبنية الْمُبَالغَة لِكَثْرَة الْكَذِب فِيهِ، وَهُوَ من الدجل، وَهُوَ الْخَلْط والتلبيس والتمويه. قَوْله: (إِنِّي لمنذركموه) من الأنذار، وَهُوَ التخويف، وَقد أكدت هَذِه الْجُمْلَة بمؤكدات بِكَلِمَة: إِن، وَاللَّام، وَكَون الْجُمْلَة إسمية. قَوْله: (لقد أنذر نوح قومه) ، إِنَّمَا خصصه بعد التَّعْمِيم لِأَنَّهُ أول نَبِي أنذر قومه وهددهم بِخِلَاف من سبق عَلَيْهِ، فَإِنَّهُم كَانُوا فِي الْإِرْشَاد وتربية الْآبَاء للأولاد، وَلِأَنَّهُ أول الرُّسُل المشرعين: {شرع لكم من الدّين مَا وصّى بِهِ نوحًا} (الشورى: ٣١) . أَو لِأَنَّهُ أَبُو الْبشر الثَّانِي، وَذريته هم الْبَاقُونَ فِي الدُّنْيَا لَا غَيرهم. قَوْله: (أَنه أَعور) ، وَقد ورد فِيهِ كَلِمَات متنافرة، ورد: أَنه أَعور، وَفِي رِوَايَة: أَنَّهَا طافية، وَفِي أُخْرَى: أَنه جاحظ الْعين كَأَنَّهَا كَوْكَب، وَفِي أُخْرَى: أَنَّهَا لَيست بباقية، وَفِي أُخْرَى: أَنه أَعور عين الْيُمْنَى، وَفِي أُخْرَى: أَعور عين الْيُسْرَى، وَفِي حَدِيث حُذَيْفَة: أَنه مَمْسُوح الْعين عَلَيْهَا ظفرة غَلِيظَة، وَوجه الْجمع بَين هَذِه الْأَوْصَاف المتنافرة أَن يقدر فِيهَا أَن إِحْدَى عَيْنَيْهِ ذَاهِبَة، وَالْأُخْرَى مَعِيبَة، فَيصح أَن يُقَال: لكل وَاحِدَة عوراء، إِذْ الأَصْل فِي العور الْعَيْب. قَوْله: (وَأَن الله لَيْسَ بأعور) ، للتنزيه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

٨٣٣٣ - حدَّثنا أبُو نُعَيْمٍ حدَّثنا شَيْبَانُ عنْ يَحْيَى عنْ أبِي سَلَمَةَ سَمِعْتُ أبَا هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ قَالَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ألَا أحَدِّثُكُمْ عنِ الدَّجَّالِ مَا حدَّثَ بِهِ نَبِيٌّ قَوْمَهُ إنَّهُ أعْوَرُ وإنَّهُ يَجِيءُ مَعَهُ بِمِثَالِ الجَنَّةِ والنَّارِ فالَّتِي يَقُولُ إنَّهَا الجَنَّةُ هِيَ النَّارُ وإنِّي أُنْذِرُكُمْ كَمَا أنْذَرَ بِهِ نُوحٌ علَيْهِ السَّلَامُ قَوْمَهُ.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (كَمَا أنذر نوح عَلَيْهِ السَّلَام قومه) وَأَبُو نعيم، بِضَم النُّون: الْفضل بن دُكَيْن، وشيبان ابْن عبد الرَّحْمَن النَّحْوِيّ، وَيحيى هُوَ ابْن أبي كثير.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْفِتَن عَن مُحَمَّد بن رَافع.

قَوْله: (بمثال الْجنَّة) ، أَي: بِمِثْلِهَا ويروى: تِمْثَال الْجنَّة، أَي: صُورَة الْجنَّة. قَوْله: (كَمَا أنذر) ، وَجه الشّبَه فِيهِ الْإِنْذَار الْمُقَيد بمجيء الْمِثَال فِي صحبته، وإلَاّ فالإنذار لَا يخْتَص بِهِ.

٩٣٣٣ - حدَّثنا مُوساى بنُ إسْمَاعِيلَ حدَّثنا عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ زِيَادِ حدَّثنَا الأعْمَشُ عنْ أبِي صالِحٍ عنْ أبِي سَعِيدٍ قَالَ قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَجِيءُ نُوحٌ وأُمَّتُهُ فيَقُولُ الله تَعَالَى هَلْ بَلَّغْتَ فيَقُولُ نَعَمْ أَي رَبِّ فيَقُولُ لأِمَّتِهِ هلْ بَلَّغَكُمْ فيَقُولُونَ لَا مَا جَاءَنَا مِنْ نَبِيٍّ فيَقُولُ لِنُوحٍ مَنْ يَشْهَدُ لَكَ فَيَقُولُ مُحَمَّدٌ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأُمَّتُهُ فَنَشْهَدُ أنَّهُ قَدْ بَلَّغَ وهْوَ قَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {وكَذَلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطَاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} (الْبَقَرَة: ٣٤١) . والوَسَطُ العَدْلُ.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (يَجِيء نوح وَأمته) وَالْأَعْمَش سُلَيْمَان، وَأَبُو صَالح ذكْوَان الزيات وَأَبُو سعيد سعد بن مَالك الْخُدْرِيّ الْأنْصَارِيّ.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي التَّفْسِير عَن يُوسُف بن رَاشد، وَفِي الِاعْتِصَام عَن إِسْحَاق بن مَنْصُور وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي التَّفْسِير عَن مُحَمَّد بن بشار، وغندر، وَعبد بن حميد وَعَن أَحْمد بن منيع. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن مُحَمَّد بن آدم وَعَن مُحَمَّد بن الْمثنى. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الزّهْد عَن أبي كريب وَأحمد بن سِنَان وأوله: يَجِيء النَّبِي وَمَعَهُ الرجل.

قَوْله: (أَي رب) ، يَعْنِي: يَا رَبِّي. قَوْله: (لَا مَا جَاءَنَا من نَبِي) ، فَإِن قلت: قَالَ الله تَعَالَى: {الْيَوْم نختم على أَفْوَاههم} (ي س: ٥٦) . فَكيف يَتَكَلَّمُونَ بذلك؟ قلت: فِي يَوْم الْقِيَامَة مَوَاطِن: موطن يَتَكَلَّمُونَ فِيهِ، وموطن يسكتون. قَوْله: (فَيَقُول مُحَمَّد) ، أَي: يشْهد مُحَمَّد وَأمته. قَوْله: (فنشهد) بنُون الْمُتَكَلّم مَعَ الْغَيْر. قَوْله: (أَنه) أَي: أَن نوحًا قد بلغ إِلَيْهِم مَا أَمر بِهِ. وَبَاقِي الحَدِيث عِنْد غَيرهم، قَالَ: فَيَقُولُونَ: كَيفَ تشهد علينا أمة مُحَمَّد وَنحن أول الْأُمَم وهم آخِرهم، فَيَقُولُونَ: نشْهد أَن الله بعث إِلَيْنَا رَسُولا وَأنزل عَلَيْهِ الْكتاب، فَكَانَ فِيمَا أنزل علينا خبركم،

<<  <  ج: ص:  >  >>