للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٠١ - حدّثنا آدَمُ قالَ: حَدثنَا شُعْبَةُ قالَ: حدّثني ابنُ الأصبْهَانِيِّ قالَ: سَمعْتُ أَبَا صالِحٍ ذَكْوان يَحُدِّثُ عنْ أبي سَعِيدٍ الخدْرِيِّ: قالَتِ النِّساءُ للنِّبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: غَلَبنا عَلَيْكَ الرِّجالُ فاجْعَلْ لنَا يَوْماً مِنْ نَفْسكَ، فَوَعَدَهُنَّ يَوْماً لَقِيَهُنَّ فيهِ، فَوَعَظَهُنَّ وأمَرَهُنَّ. فَكانَ فِيما قالَ لَهُنَّ: (مَا مِنْكُنَّ امْرَأَةٌ تُقدِّمُ ثَلاثَةً مِنْ وَلَدِها إلَاّ كانَ لَها حِجاباً مِنَ النَّار) فَقالَتِ امْرَأَةٌ: واثنَيْنِ؟ قَالَ: (واثْنَيْنِ) .

مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

بَيَان رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: آدم بن أبي إِيَاس. الثَّانِي: شُعْبَة بن الْحجَّاج. الثَّالِث: عبد الرَّحْمَن بن عبد اللَّه الْأَصْبَهَانِيّ الْكُوفِي، مولى لجديلة قيس، وهم بطن من قيس غيلَان، وهم فهم وعدوان ابْنا عَمْرو بن قيس، أمّهم جديلة، بِفَتْح الْجِيم، نسبوا إِلَيْهَا. أخرج البُخَارِيّ فِي الْعلم والمحضر وشهود الْمَلَائِكَة بَدْرًا عَن شُعْبَة وَأبي عوَانَة وَابْن عُيَيْنَة عَنهُ عَن عبد اللَّه بن معقل، وَأبي صَالح ذكْوَان أَصله من أَصْبَهَان خرج مِنْهَا حِين افتتحها أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ. قَالَ أَبُو حَاتِم: لَا بَأْس بِهِ، وَقَالَ أَبُو بكر بن منجويه: توفّي فِي إِمَارَة خَالِد على الْعرَاق، روى لَهُ الْجَمَاعَة إلَاّ النَّسَائِيّ، وأصبهان، بِفَتْح الْهمزَة وَكسرهَا وبالباء وَالْفَاء، وَأهل الْمشرق يَقُولُونَ: أصفهان بِالْفَاءِ، وَأهل الْمغرب بِالْبَاء: وَهِي مَدِينَة بعراق الْعَجم عَظِيمَة، خرج مِنْهَا جمَاعَة من الْعلمَاء والمحدثين. الرَّابِع: أَبُو صَالح ذكْوَان، بِفَتْح الذَّال الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْكَاف غير منصرف، وَقد تقدم. الْخَامِس: أَبُو سعيد سعد بن مَالك الْخُدْرِيّ.

بَيَان لطائف إِسْنَاده: مِنْهَا: أَن فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع وَصِيغَة الْإِفْرَاد وَالسَّمَاع والعنعنة. وَمِنْهَا: أَن رُوَاته مَا بَين كُوفِي وواسطي ومدني.

بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ هُنَا عَن آدم، وَفِي الْجَنَائِز عَن مُسلم بن إِبْرَاهِيم، وَفِي الْعلم أَيْضا عَن بنْدَار، ثَلَاثَتهمْ عَن شُعْبَة، وَفِي الِاعْتِصَام عَن مُسَدّد عَن أبي عوَانَة كِلَاهُمَا عَنهُ بِهِ، وَفِي حَدِيث غنْدر عَن شُعْبَة عَنهُ، قَالَ: وَسمعت أَبَا حَازِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: (ثَلَاثَة لم يبلغُوا الْحِنْث) . وَقَالَ عقيب حَدِيث مُسلم بن إِبْرَاهِيم: وَقَالَ شريك عَن ابْن الْأَصْبَهَانِيّ: حَدثنِي أَبُو صَالح عَن أبي سعيد وَأبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَأخرجه مُسلم فِي الْأَدَب عَن أبي كَامِل الجحدري عَن أبي عوَانَة، وَعَن أبي مُوسَى وَبُنْدَار، كِلَاهُمَا عَن غنْدر بِهِ، وَذكر الزِّيَادَة عَن أبي حَازِم عَن أبي هُرَيْرَة، وَعَن عبيد اللَّه بن معَاذ عَن أَبِيه عَن شُعْبَة بِهِ، وَذكر الزِّيَادَة أَيْضا. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْعلم عَن أبي مُوسَى وَبُنْدَار بِهِ، وَعَن أَحْمد بن سلمَان عَن عبيد اللَّه بن مُوسَى عَن إِسْرَائِيل عَنهُ بِهِ نَحوه.

بَيَان الْإِعْرَاب: قَوْله: (قَالَ: قَالَ النِّسَاء) أَي: قَالَ أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ: قَالَ النِّسَاء. كَذَا فِي رِوَايَة أبي ذَر: قَالَ، بتذكير الْفِعْل، وَفِي رِوَايَة البَاقِينَ: (قَالَت النِّسَاء) بالتأنيث، وَكِلَاهُمَا جَائِز فِي كل إِسْنَاد إِلَى ظَاهر الْجمع. قَوْله: (غلبنا) ، بِفَتْح الْبَاء جملَة من الْفِعْل وَالْمَفْعُول و: (الرِّجَال) بِالرَّفْع فَاعله. قَوْله: (فَاجْعَلْ لنا يَوْمًا) عطف على مَحْذُوف تَقْدِيره: انْظُر لنا فَاجْعَلْ لنا يَوْمًا، وَنَحْو ذَلِك، و: اجْعَل، جملَة من الْفِعْل وَالْفَاعِل، والجعل يسْتَعْمل مُتَعَدِّيا إِلَى مفعول وَاحِد بِمَعْنى: فعل، وَإِلَى مفعولين بِمَعْنى: صير، وَالْمرَاد بِهِ هُنَا لَازمه وَهُوَ التَّعْيِين، أَي: عين لنا يَوْمًا. و: يَوْمًا، مفعول بِهِ لَا لأَجله. وَلَا مفعول فِيهِ، وَكلمَة: من، فِي قَوْله: (من نَفسك) ابتدائية تتَعَلَّق باجعل، يَعْنِي هَذَا الْجعل منشؤه اختيارك يَا رَسُول الله لَا اختيارنا، وَيحْتَمل أَن يكون المُرَاد من: وَقت نَفسك، بإضمار الْوَقْت، والظرف صفة ل (يَوْمًا) ، وَهُوَ ظرف مُسْتَقر على هَذَا الِاحْتِمَال، وَيجوز أَن يكون التَّقْدِير: اجْعَل لنا يَوْمًا من أَيَّام نَفسك، يَعْنِي: الْيَوْم الَّذِي تتفرغ فِيهِ. قَوْله: (فوعدهن) جملَة من الْفِعْل وَالْفَاعِل، وَهُوَ الضَّمِير الْمُسْتَتر فِيهِ الَّذِي يرجع إِلَى النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم، وَالْمَفْعُول وَهُوَ الضَّمِير الْمَنْصُوب الَّذِي يرجع إِلَى النِّسَاء. فَإِن قلت: كَيفَ يعْطف الْجُمْلَة الخبرية على الْجُمْلَة الإنشائية؟ قلت: هَذَا بَاب فِيهِ خلاف، فَمَنعه البيانيون وَابْن مَالك وَابْن عُصْفُور فِي (شرح الْإِيضَاح) ، وَنَقله عَن الْأَكْثَرين. واجازه الصفار وَجَمَاعَة مستدلين بقوله تَعَالَى: {وَبشر الَّذين آمنُوا} (يُونُس: ٢) وَاسْتدلَّ الصفار بقول الشَّاعِر:

(وقائلة خولان فانكح فَتَاتهمْ)

فَإِن تَقْدِيره: هَذِه خولان، هَكَذَا نقل عَن سِيبَوَيْهٍ، وَأَجَابُوا عَن الْآيَة بِمَا قَالَه الزَّمَخْشَرِيّ: لَيْسَ الْمُعْتَمد بالْعَطْف، الْأَمر حَتَّى يطْلب لَهُ مشاكل، بل المُرَاد عطف جملَة: ثَوَاب الْمُؤمنِينَ، على جملَة: عَذَاب الْكَافرين، كَقَوْلِك: زيد يُعَاقب بالقيد، وَبشر فلَانا بِالْإِطْلَاقِ. وَعَن الْبَيْت: إِنَّه ضَرُورَة، وَفِيه تعسف وَالأَصَح عدم الْجَوَاز. وَأما هَهُنَا فالعطف

<<  <  ج: ص:  >  >>