للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِسْمَاعِيل بَين ولدانهم، أَي ولدان جرهم. قَوْله: (وَتعلم الْعَرَبيَّة مِنْهُم) أَي: من جرهم، وَقَالَ بَعضهم: وَفِيه تَضْعِيف لقَوْل من روى: أَنه أول من تكلم بِالْعَرَبِيَّةِ، وَقع ذَلِك عِنْد الْحَاكِم من حَدِيث ابْن عَبَّاس بِلَفْظ: (أول من نطق بِالْعَرَبِيَّةِ إِسْمَاعِيل) . قلت: لَيْسَ فِيهِ تَضْعِيف ذَلِك لِأَن الْمَعْنى: أول من تكلم بِالْعَرَبِيَّةِ من أَوْلَاد إِبْرَاهِيم إِسْمَاعِيل، عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام، لِأَن إِبْرَاهِيم وَأَهله كلهم لم يَكُونُوا يَتَكَلَّمُونَ بِالْعَرَبِيَّةِ فالأولية أَمر نسبي، فبالنسبة إِلَيْهِم هُوَ أول من تكلم بِالْعَرَبِيَّةِ لَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى جرهم. قَوْله: (وأنفسهم) ، قَالَ الْكرْمَانِي: أنفسهم، بِلَفْظ الْمَاضِي أَي: رغبهم فِيهِ وَفِي مصاهرته، يُقَال: أنفسني فلَان فِي كَذَا، أَي: رغبني فِيهِ (وأعجبهم) أَي: أعجبهم فِي نفاسته، وَقَالَ بَعضهم: أنفسهم، بِفَتْح الْفَاء بِلَفْظ أفعل التَّفْضِيل: من النفاسة أَي: كثرت رغبتهم فِيهِ انْتهى. قلت: قَوْله: أفعل التَّفْضِيل، غلط وَمَا هُوَ إلَاّ فعل ماضٍ من الإنفاس، وَالْفَاعِل فِيهِ: إِسْمَاعِيل، وَهُوَ عطف على: تعلم. وَقَالَ ابْن الْأَثِير فِي (النِّهَايَة) : وَحَدِيث إِسْمَاعِيل، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، أَنه تعلم الْعَرَبيَّة وأنفسهم أَي: رغبهم وأعجبهم وَصَارَ عِنْدهم نفيساً، يُقَال: أنفسني فِي كَذَا: أَي: رغبني فِيهِ. قَوْله: (زوجوه إمرأة مِنْهُم) ، قَالَ السُّهيْلي: اسْمهَا جداء بنت سعد. وَعَن إِبْنِ إِسْحَاق: أَن اسْمهَا عمَارَة بنت سعد بن أُسَامَة، وَفِي حَدِيث أبي جهم: أَنَّهَا بنت صدي، وَلم يسمهَا، وَقَالَ عمر بن شبة: اسْمهَا حَيَّة بنت أسعد بن عملق، وَعَن ابْن إِسْحَاق: أَن إِسْمَاعِيل خطبهَا إِلَى أَبِيهَا فَزَوجهَا مِنْهُ. قَوْله: (وَمَاتَتْ أم إِسْمَاعِيل) يَعْنِي: فِي خلال ذَلِك، وَفِي رِوَايَة عَطاء بن السَّائِب: فَقدم إِبْرَاهِيم وَقد مَاتَت هَاجر، عَلَيْهَا السَّلَام، وَكَانَ عمرها تسعين سنة، فدفنها إِسْمَاعِيل، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فِي الْحجر. قَوْله: (يطالع تركته) ، بِكَسْر الرَّاء أَي: يتفقد حَال مَا تَركه هُنَاكَ، والتركة، بِكَسْر الرَّاء وسكونها: بِمَعْنى المتروكة، وَالْمرَاد بهَا أَهله، والمطالعة النّظر فِي الْأُمُور، وَقَالَ ابْن التِّين: هَذَا يشْعر بِأَن الذَّبِيح إِسْحَاق، لِأَن الْمَأْمُور بذَبْحه كَانَ عِنْدَمَا بلغ السَّعْي، وَقد قَالَ فِي هَذَا الحَدِيث: إِن إِبْرَاهِيم تَركه رضيعاً وَعَاد إِلَيْهِ وَهُوَ متزوج، فَلَو كَانَ هُوَ الْمَأْمُور بذَبْحه لذكر فِي الحَدِيث أَنه عَاد إِلَيْهِ فِي خلال ذَلِك بَين زمَان الرَّضَاع وَالتَّزْوِيج، وَأجَاب الْكرْمَانِي: بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ نفي مَجِيئه مرّة أُخْرَى قبل مَوتهَا وتزوجه. قلت: بل لَيْسَ فِيهِ نفي الْمَجِيء أصلا، بل فِيهِ الْمَجِيء مَرَّات، فَإِنَّهُ جَاءَ فيخبر أبي جهم: كَانَ إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، يزور هَاجر كل شهر على الْبراق، يَغْدُو غدْوَة فَيَأْتِي مَكَّة ثمَّ يرجع فيقيل فِي منزله بِالشَّام. قَوْله: (خرج يَبْتَغِي لنا) ، أَي: يطْلب لنا الرزق، وَفِي رِوَايَة ابْن جريج: وَكَانَ عَيْش إِسْمَاعِيل الصَّيْد، يخرج فيتصيد، وَفِي حَدِيث أبي جهم: وَلَكِن إِسْمَاعِيل يرْعَى مَاشِيَة وَيخرج متنكباً قوسه فَيَرْمِي الصَّيْد. قَوْله: (ثمَّ سَأَلَهَا عَن عيشهم) ، وَزَاد فِي رِوَايَة عَطاء بن السَّائِب، وَقَالَ: هَل عنْدك من ضِيَافَة؟ قَوْله: (فَقَالَت: نَحن فِي ضيق وَشدَّة) ، وَفِي حَدِيث أبي جهم: فَقَالَ لَهَا: هَل من منزل؟ فَقَالَت: لَاها الله إِذا. قَالَ: فَكيف عيشكم؟ قَالَ: فَذكرت جهداً، فَقَالَت: أما الطَّعَام فَلَا طَعَام، وَأما الشَّاء فَلَا نحلب إلَاّ الْمصر، أَي: الشخب، وَأما المَاء فعلى مَا ترى من الغلظ. الشخب: بِفَتْح الشين وَسُكُون الْخَاء المعجمتين وبباء مُوَحدَة: السيلان. قَوْله: (يُغير عتبَة بَابه) ، العتبة بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة من فَوق وَالْبَاء الْمُوَحدَة: وَهِي أُسْكُفَّة الْبَاب، وَهِي هَهُنَا كِنَايَة عَن الْمَرْأَة. قَوْله: (جَاءَنَا شيخ كَذَا وَكَذَا) ، وَفِي رِوَايَة عَطاء بن السَّائِب: كالمستخف بِشَأْنِهِ. قَوْله: (فسألنا عَنْك) ، بِفَتْح اللَّام. قَوْله: (ذَاك أبي) أَي: ذَاك الَّذِي هُوَ أبي إِبْرَاهِيم. قَوْله: (وَتزَوج مِنْهُم أُخْرَى) ، أَي: تزوج من جرهم امْرَأَة أُخْرَى، ذكر الْوَاقِدِيّ: أَن اسْمهَا سامة بنت مهلهل، وَقيل: اسْمهَا عَاتِكَة، وَقيل: بشامة، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وبشين مُعْجمَة خَفِيفَة: بنت مهلهل بن سعد بن عَوْف، وَقيل: اسْمهَا نجدة بنت الْحَارِث بن مضاض، وَحكى ابْن سعد عَن إِبْنِ إِسْحَاق: أَن اسْمهَا رعلة بنت يشجب بن يعرب بن يوذان بن جرهم، وَذكر الدَّارَقُطْنِيّ: أَن اسْمهَا سيدة بنت مضاض، وَقَالَ الجواني: اسْمهَا هَالة بنت الْحَارِث بن مضاض، وَيُقَال: سلمى، وَيُقَال: الحنفاء. قَوْله: (نَحن بِخَير وسعة) ، وَفِي حَدِيث أبي جهم: نَحن فِي خير عَيْش بِحَمْد الله، وَنحن فِي لبن كثير وَلحم كثير وَمَاء طيب. قَوْله: (أللهم بَارك لَهُم فِي اللَّحْم وَالْمَاء) . وَفِي رِوَايَة إِبْرَاهِيم بن نَافِع: أللهم بَارك لَهُم فِي طعامهم وشرابهم. قَوْله: (فهما لَا يخلوان عَلَيْهِمَا) أَي: فاللحم وَالْمَاء لَا يعْتَمد عَلَيْهِمَا أحد بِغَيْر مَكَّة إلَاّ لم يوافقاه، وَالْغَرَض: أَن المداومة على اللَّحْم وَالْمَاء لَا يُوَافق الأمزجة وينحرف المزاج عَنْهُمَا إلَاّ فِي مَكَّة فَإِنَّهُمَا يوافقانه، وَهَذَا من جملَة بركاتها وَأثر دُعَاء إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: لَا يخلوان، بِصِيغَة التَّثْنِيَة، يُقَال: خلوت بالشَّيْء وأختليت: إِذا لم تخلط بِهِ غَيره، وَيُقَال: أخلى الرجل

<<  <  ج: ص:  >  >>