فِي الْجنَّة، لِأَن الله سُبْحَانَهُ إِذا أَدخل الْآبَاء الْجنَّة بِفضل رَحمته للأبناء، فالأبناء أولى بِالرَّحْمَةِ. قَالَ الْمَازرِيّ: أما أَطْفَال الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم السَّلَام، فالإجماع مُنْعَقد على أَنهم فِي الْجنَّة، وَكَذَلِكَ قَالَ الْجُمْهُور فِي أَوْلَاد من سواهُم من الْمُؤمنِينَ، وَبَعْضهمْ لَا يَحْكِي خلافًا، بل يَحْكِي الْإِجْمَاع على دُخُولهمْ الْجنَّة، وَبَعض الْمُتَكَلِّمين يقف فيهم، وَلم يثبت الْإِجْمَاع عِنْدهم فَيُقَال بِهِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى فِي مَوْضِعه من كتاب الْجَنَائِز إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
٤٤ - (حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار قَالَ حَدثنَا غنْدر قَالَ حَدثنَا شُعْبَة عَن عبد الرَّحْمَن بن الْأَصْبَهَانِيّ عَن ذكْوَان عَن أبي سعيد بن الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِهَذَا وَعَن عبد الرَّحْمَن بن الْأَصْبَهَانِيّ قَالَ سَمِعت أَبَا حَازِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ ثَلَاثَة لم يبلغُوا الْحِنْث) الْكَلَام فِيهِ على أَنْوَاع. الأول أَن البُخَارِيّ قصد بِإِخْرَاج هَذَا فائدتين أَحدهمَا تَسْمِيَة ابْن الْأَصْبَهَانِيّ لِأَنَّهُ كَانَ مُبْهما فِي الحَدِيث الأول وَهَذِه الرِّوَايَة فسرته وَإِنَّمَا لم بصرح باسمه هُنَاكَ مُحَافظَة على لفظ الشُّيُوخ وَهُوَ من غَايَة احتياطه حَيْثُ وَضعه كَمَا سَمعه عَن شَيْخه وَالْأُخْرَى التَّنْبِيه على زِيَادَة فِي طَرِيق أَبُو هُرَيْرَة وَهِي قَوْله " لم يبلغُوا الْحِنْث ". النَّوْع الثَّانِي أَن حَدِيث أبي هُرَيْرَة مَوْصُولَة وَلَيْسَ بتعليق كَمَا قَالَه الْكرْمَانِي فَإِنَّهُ قَالَ وَهَذَا تَعْلِيق من البُخَارِيّ عَن عبد الرَّحْمَن وَذَلِكَ لِأَن شُعْبَة يرويهِ عَن عبد الرَّحْمَن بِإِسْنَادَيْنِ لآن قَوْله وَعَن عبد الرَّحْمَن بن الاصبهاني عطف على قَوْله أَولا عَن عبد الرَّحْمَن تَقْدِير الاسناد الأول حَدثنِي مُحَمَّد بن بشار قَالَ حَدثنَا غنْدر قَالَ حَدثنَا شُعْبَة عَن عبد الرَّحْمَن بن الاصبهاني عَن ذكْوَان عَن أبي سعيد عَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام " مَا مِنْكُن امْرأ تَقْدِيم ثَلَاثَة من وَلَدهَا إِلَّا كَانَ لَهَا حِجَابا من النَّار فَقَالَت امْرَأَة واثنين فَقَالَ واثنين " أَشَارَ إِلَى هَذَا بقوله بِهَذَا أَي بِهَذَا الحَدِيث الْمَذْكُور وَتَقْدِير الْإِسْنَاد الثَّانِي حَدثنِي مُحَمَّد بن بشار قَالَ حَدثا غنْدر قَالَ حَدثا شُعْبَة عَن عبد الرَّحْمَن بن الاصبهاني قَالَ سَمِعت أَبَا حَازِم عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ " مَا مِنْكُن امْرَأَة تقدم ثَلَاثَة لم يبلغُوا الْحِنْث من وَلَدهَا إِلَّا كَانَ لَهَا حِجَابا " الحَدِيث فَإِن قلت هَل فَائِدَة فِي تَقْدِيمه الحَدِيث الأول على الثَّانِي قلت نعم لِأَن الحَدِيث الأول أَعلَى دَرَجَة من الثَّانِي اذفيه بَين شُعْبَة وَالْبُخَارِيّ رجل وَاحِد وَهُوَ ابْن آدم بِخِلَاف الثَّانِي فَإِن بَينهمَا رجلَيْنِ وهما مُحَمَّد بن بشار وغندر النَّوْع الثَّالِث فِي رجال الاسنادين وهم ثَمَانِيَة وَقد مضى مِنْهُم ماخلا أَبُو حَازِم بِالْمُهْمَلَةِ وَالزَّاي وَهُوَ سُلَيْمَان الاشجعي الْكُوفِي مولى عزة بِالْمُهْمَلَةِ الْمَفْتُوحَة وبالزاي الْمُشَدّدَة الاشجعية توفّي فِي خلَافَة عمر بن عبد الْعَزِيز رَضِي الله عَنهُ قَالَ يحيى بن معِين هُوَ كُوفِي ثِقَة روى لَهُ الْجَمَاعَة وَرُبمَا يشْتَبه بِأبي حَازِم سَلمَة بن دِينَار الزَّاهِد فَإِنَّهَا تابعيان مشتركان فِي الكنية قَالَ أَبُو عَليّ الجياني أَبُو حَازِم رجلَانِ تابعيان يكنيان بِأبي حَازِم يرويان عَن الصَّحَابَة فَالْأول الاشعي اسْمه سُلَيْمَان يروي عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ الْأَعْمَش وَمَنْصُور وفضيل بن غَزوَان وَالثَّانِي سَلمَة بن دِينَار الْأَعْرَج يروي عَن سهل بن سعد روى عَنهُ مَالك وَالثَّوْري وَابْن عُيَيْنَة وَسليمَان ابْن بِلَال قلت وَمن الْفرق بَينهمَا أَن الأول توفّي فِي خلَافَة عمر بن عبد الْعَزِيز وَالثَّانِي توفّي فِي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَمِائَة وَالْأول لم يرو فِي البُخَارِيّ وَمُسلم إِلَّا عَن أبي هُرَيْرَة وَالثَّانِي لم يرو فِي الصَّحَابَة إِلَّا عَن سهل بن سعد وَكِلَاهُمَا ثقتان فَالْأول وثقة يحيى وَالثَّانِي وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِم النَّوْع الرَّابِع قَوْله " لم يبلغُوا الْحِنْث " أَي الْإِثْم الْمَعْنى أَنهم مَاتُوا قبل بلوغهم التَّكْلِيف فَلم يكْتب عَلَيْهِم الآثام وَيُقَال مَعْنَاهُ لم يبلغُوا زمَان التَّكْلِيف وَسن الْعقل والحنث بِكَسْر الْحَاء الْإِثْم قَالَ الْجَوْهَرِي يُقَال بلغ الْغُلَام الْحِنْث أَي الْمعْصِيَة وَالطَّاعَة وَقَالَ الصغاني وَبلغ الْغُلَام الْحِنْث أَي بلغ مبلغا جرى عَلَيْهِ الْقَلَم بِالطَّاعَةِ وَالْمَعْصِيَة والحنث الزِّنَا أَيْضا والحنث فِي الْيَمين والحنث الْعدْل الْكَبِير الثقيل والحنث الْميل من بَاطِل إِلَى حق أَو من حق إِلَى بَاطِل يُقَال قد حنثت على أَي ملت إِلَى هُوَ أَن عَليّ فَإِن قلت لم خص الحكم باللذين لم يبلغُوا الْحِنْث وهم صغَار قلت لِأَن قلب الْوَالِدين على الصَّغِير ارْحَمْ واشفق دون الْكَبِير ن الْغَالِب على الْكَبِير عدم السَّلامَة من مُخَالفَة وَالدية وعقوقهم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute