للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (الْمَسْجِد الْحَرَام) لِأَنَّهُ بناه إِبْرَاهِيم الْخَلِيل، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَالْمرَاد بالترجمة الَّتِي فِي قَوْله: بَاب قَول الله تَعَالَى: {وَاتخذ الله إِبْرَاهِيم خَلِيلًا} (النِّسَاء: ٥٦١) . وَالْبَاب الْمُجَرّد الَّذِي بعده قد قُلْنَا: إِنَّه كالفصل، فالاعتبار للباب المترجم دون الْمُجَرّد.

وَعبد الْوَاحِد هُوَ ابْن زِيَاد، وَالْأَعْمَش سُلَيْمَان وَإِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ هُوَ ابْن يزِيد يروي عَن أَبِيه يزِيد بن شريك بن طَارق التَّيْمِيّ عداده فِي أهل الْكُوفَة.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا عَن عمر بن حَفْص بن غياث فِي: بَاب قَول الله تَعَالَى: {وَوَهَبْنَا لداود سُلَيْمَان} (ص: ٠٣) . وَأخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة عَن أبي كَامِل وَعَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَأبي كريب وَعَن عَليّ بن حجر، وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن بشر بن خَالِد وَفِيه وَفِي التَّفْسِير عَن عَليّ بن حجر، وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الصَّلَاة عَن عَليّ بن مُحَمَّد وَعَن عَليّ بن مَيْمُون.

قَوْله: (أول) ، بِضَم اللَاّم ضمة بِنَاء لقطعه عَن الْإِضَافَة مثل: قبل وَبعد، وَيجوز فتحهَا إِذا كَانَ غير منصرف، وَيجوز بِالنّصب إِذا كَانَ منصرفاً، وَالْمعْنَى: أَي: مَسْجِد وضع أَولا للصَّلَاة؟ قَوْله: (ثمَّ أَي) ، بِالتَّنْوِينِ، أَي: ثمَّ أَي مَسْجِد بني بعد الْمَسْجِد الْحَرَام؟ قَوْله: (قَالَ) ، أَي: النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بني بعده الْمَسْجِد الْأَقْصَى، قيل لَهُ: الْأَقْصَى لبعد الْمسَافَة بَينه وَبَين الْكَعْبَة. وَقيل: لِأَنَّهُ لم يكن وَرَاءه مَوضِع عبَادَة وَقيل: لبعده عَن الأقذار والخبائث، فَإِنَّهُ مقدس أَي: مطهر. قَوْله: (كم بَينهمَا؟) أَي: بَين بِنَاء الْمَسْجِد الْحَرَام وَبِنَاء الْمَسْجِد الْأَقْصَى. قَوْله: (أَرْبَعُونَ سنة) ، أَي: بَينهمَا أَرْبَعُونَ سنة. وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: فِيهِ إِشْكَال، لِأَن إِبْرَاهِيم بنى الْكَعْبَة وَسليمَان، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، بنى بَيت الْمُقَدّس، وَبَينهمَا أَكثر من ألف سنة، وَالْجَوَاب عَنهُ مَا قَالَه الْقُرْطُبِيّ: إِن الْآيَة الْكَرِيمَة والْحَدِيث لَا يدلان على أَن إِبْرَاهِيم وَسليمَان، عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام، ابتدآ وضعهما، بل كَانَ تجديداً لما أسس غَيرهمَا، وَقد رُوِيَ أَن أول من بنى الْبَيْت آدم، وعَلى هَذَا فَيجوز أَن يكون غَيره من وَلَده رفع بَيت الْمُقَدّس بعده بِأَرْبَعِينَ عَاما، ويوضحه من ذكره ابْن هِشَام فِي كِتَابه (التيجان) : إِن آدم لما بنى الْبَيْت أمره جِبْرِيل، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، بِالْمَسِيرِ إِلَى بَيت الْمُقَدّس، وَأَن يبنيه فبناه ونسك فِيهِ، وَقَالَ ابْن كثير: أول مَا جعله مَسْجِدا إِسْرَائِيل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَإِنَّمَا أَمر سُلَيْمَان بتجديده وإحكامه، لَا أَنه أول من بنى. وَذكر الثَّعْلَبِيّ: أَن دَاوُد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر بني إِسْرَائِيل أَن يتخذوا مَسْجِدا فِي صَعِيد بَيت الْمُقَدّس، فَأخذُوا فِي بنائِهِ لإحدى عشرَة سنة مَضَت من ملك دَاوُد، وَكَانَ دَاوُد ينْقل لَهُم الْحِجَارَة على عَاتِقه، فَأوحى الله إِلَى دَاوُد: إِنَّك لست بانيه وَلَكِن لَك ابْن أملكهُ بعْدك اسْمه سُلَيْمَان فأقضي إِتْمَامه على يَدَيْهِ، وَرُوِيَ عَن كَعْب الْأَحْبَار: أَن سُلَيْمَان بنى بَيت الْمُقَدّس على أساس قديم كَانَ اسسه سَام بن نوح صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَذكر أَبُو مُحَمَّد بن أَحْمد الوَاسِطِيّ فِي (تَارِيخ بَيت الْمُقَدّس) : أَن سُلَيْمَان اشْترى أرضه بسبعة قناطير ذَهَبا، وَقَالَ الْخطابِيّ: يشبه أَن يكون الْمَسْجِد الْأَقْصَى أول مَا وضع بناءه بعض أَوْلِيَاء الله تَعَالَى قبل دَاوُد وَسليمَان، ثمَّ بناه دَاوُد وَسليمَان فزادا فِيهِ ووسعاه فأضيف إِلَيْهِمَا بِنَاؤُه، قَالَ: وَقد ينْسب هَذَا الْمَسْجِد إِلَى إيلياء فَيحْتَمل أَن يكون هُوَ بانيه أَو غَيره، وَلست أحقق لِمَ أضيف إِلَيْهِ. وَفِي قَوْله: فَيحْتَمل أَن يكون هُوَ بانيه نظر، لِأَن إيليا اسْم الْبَلَد، فأضيف إِلَى الْمَسْجِد كَمَا يُقَال: مَسْجِد الْمَدِينَة وَمَسْجِد مَكَّة، وَقَالَ أَبُو عبيد فِي (مُعْجم الْبلدَانِ) : إيلياء مَدِينَة بَيت الْمُقَدّس فِيهَا ثَلَاث لُغَات: مد آخِره وقصره وَحذف الْيَاء الأولى. قَوْله: (بعد) ، بِضَم الدَّال، أَي: بعد إِدْرَاك وَقت الصَّلَاة. قَوْله: (فَصله) ، الْهَاء فِيهِ للسكت، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني، فصل، بِلَا هَاء. قَوْله: (فَإِن الْفضل فِيهِ) أَي: فِي فعل الصَّلَاة إِذا حضر وَقتهَا.

٣٨ - (حَدثنَا عبد الله بن مسلمة عَن مَالك عَن عَمْرو بن أبي عَمْرو مولى الْمطلب عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - طلع لَهُ أحد فَقَالَ هَذَا جبل يحبنا ونحبه اللَّهُمَّ إِن إِبْرَاهِيم حرم مَكَّة وَإِنِّي أحرم مَا بَين لابتيها) مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله أَن إِبْرَاهِيم وَعَمْرو بن أبي عَمْرو وَاسم أبي عَمْرو ميسرَة مولى الْمطلب بن عبد الله بن حنْطَب الْقرشِي المَخْزُومِي أَبُو عُثْمَان الْمدنِي والْحَدِيث مضى فِي كتاب الْجِهَاد فِي آخر حَدِيث مطول فِي بَاب من غزا بصبي للْخدمَة قَوْله طلع لَهُ أَي ظهر لَهُ جبل أحد قَوْله يحبنا إِمَّا حَقِيقَة وَإِمَّا مجَازًا وَمن بَاب الْإِضْمَار أَي يحبنا أَهله قَوْله لابتيها تَثْنِيَة لابة بتَخْفِيف الْبَاء الْمُوَحدَة وَهِي الْحرَّة وَقد تقدم الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>